كتب أحمد البنهاوي:
قالت محكمة "النقض" -في حيثيات حكم براءة المخلوع محمد حسني مبارك- من "قتل متظاهري يناير"، الذي أودعت اليوم الأحد، إن شهادة الشهود -وغالبهم من لواءات الجيش والمخابرات العامة والرقابة الإدارية والشرطة- أيدت وأكدت ما انتهت إليه المحكمة من انتفاء صلة "مبارك" بقتل المتظاهرين.
واستعرضت المحكمة في حيثياتها أقوال "الشهود" من أفراد الشرطة اللواءات واللواء حسن الرويني، الذين قالوا إنه "من الصعوبة تحديد من قتل المتظاهرين بميدان التحرير ونفوا وجود قناصة للشرطة بأسطح المنازل".
وأبرزت الحيثيات شهادة الرويني، الذي قال إن مبارك حضر اجتماعا بغرفة عمليات القوات المسلحة يوم 28 يناير طلب في ختامه أن يتم المحافظة على البلاد والعباد، فيما نفى اللواء أحمد جمال الدين الذي يشغل منصب مساعد الوزير لأمن أسيوط وقت الواقعة، تلقيه أوامر باستخدام القوة مع المتظاهرين ونفى صدور أمر من مبارك لوزير داخليته باستخدام الأسلحة النارية والخرطوش ضد المتظاهرين وأن ذلك لو حدث لوقع الآلاف من القتلى.
واستشهدت المحكمة في حيثياتها بأقوال عناصر من المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية والعميد أركان حرب أيمن فهيم الذي كان منوطا به تأمين مقر عمل رئيس الجمهورية الأسبق، واللذين أكدوا جميعا عدم علم أو اتفاق «مبارك» على التعرض للمتظاهرين أو استخدام القوة معهم.
لا أدلة يقينية!!
وأشارت الحيثيات، إلى أنه حيث باستعراض أدلة الدعوى التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة فإنها لا سند لها من واقعا أو قونا ويحيطها الشك والريب بما يباعد بينها وبين الاطمئنان إليها أو التعويل عليها ومن ثم تضحى الأوراق وقد خلت من أدلة يقينية أو قرائن أو إشارات على مساهمة المتهم سواء كان وزير الداخلية الأسبق ممن يكون قد أسهم مساهمة أصلية أو تبعية قتل المتظاهرين.. وأيد ذلك ما ثبت للمحكمة من أقوال الشهود من رجال الشرطة والجيش والمخابرات.
الشهداء يتكلمون؟!
وتداولت صحف -منحازة للانقلاب- أن أقوال "المجني عليهم" -الشهداء- وذوي المتوفين خالية من أي دليل على اتفاق المتهم –حسني مبارك- مع وزير الداخلية الأسبق –حبيب العادلي- على قتل المتظاهرين وكان مبعث اتهامهم لمبارك بأنه رئيس للجمهورية.
وادعت المحكمة في حيثياتها أن أقوال المجني عليهم خلت من أي دليل على اشتراكه في الجريمة.
الحرامي يحلف
وزعمت المحكمة، إن أقوال الشهود في هذه القضية أكدت وأيدت ما انتهت آلية المحكمة من انتفاء صلة «مبارك» بأمر التعامل مع المتظاهرين حسب أقوالهم ومنها، أن الاجتماع المنعقد بالقرية الذكية الموافق 20 يناير بناء على أوامر المتهم برئاسة أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق وبحضور اللواء عمر سليمان قد خلت أقوال المجتمعين فيه من أي إشارة إلى أن أنه كان للمتهم شأن فيما دار بالاجتماع من مناقشات أو ما أسفر عنه وهو الحال نفسه في اجتماعي وزير الداخلية بمساعديه.
واستندت المحكمة كذلك إلى أقوال حبيب العادلي، المنسوب له الاشتراك في الجريمة، جاءت خالية من أي إشارة إلى مساهمة المتهم في الوقائع المسندة إليهما بل أنه نفى في إحدى مراحل الدعوى بحصول أي تشاور مع المتهم بشأن التعامل مع المتظاهرين وكان سيف الاتهام معلقا برقبته وحري به دفعا لمسؤوليته أو تخفيف لها أن يلقي تبعتها على المتهم.
الشرطة بريئة
وتابعت الحيثيات أن "عدم اتهام أفراد الشرطة فاعلا أصليا في جرائم القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجرائم القتل العمد والشروع فيه والمتهم شريكا لوزير الداخلية الأسبق إلا أن الأوراق قد خلت ثمة دليل على أن المتهم أسهم مع ذلك الفاعل الأصلى في تلك الجرائم أو حتى أسهم في هذه الجرائم باعتبار القانون لم يشترط أن يكون الشريك علاقة مباشرة مع الفاعل الأصلي للجريمة، إذ إن الشريك هو في الواقع شريك في الجريمة ذاتها يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصد منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على الاشتراك".
براءات و"نقض"
واستندت محكمة النقض في حيثيات حكمها على تداول الدعوى أمام الجنايات التي برأت مبارك، ومن ثم إعادة المحاكمة التي استمعت خلالهما لأقوال الشهود، وتداولت تقارير اللجان المنضمة، وكذلك تقارير الخبراء المنتدبين بمعرفتها ودفاتر الأوراق المرفقة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات الرسمية.
وبرأت محكمة النقض محمد حسنى مبارك قبل وقت سابق فيما عرف بـ"قضية القرن" موضوعيًا بالشق الخاص باتهامه بالاشتراك في القتل العمد والشروع فيه بحق المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير 2011.
وقضت محكمة النقض بتأييد حكم محكمة الجنايات بالقاهرة ببراءة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، ومساعديه الستة من تهم قتل المتظاهرين وبراءة مبارك ونجليه من تهم الفساد المالي، فيما ألغت حكم محكمة الجنايات ببراءة مبارك من تهمة الاشتراك في القتل العمد والشروع فيه لمتظاهري 25 يناير 2011، وحددت جلسة لنظر الموضوع.
كما قضت محكمة النقض سابقا بقبول طلب النيابة بنقض «إلغاء» الحكم الصادر من محكمة الجنايات بعدم جواز نظر محاكمة مبارك، فيما يتعلق باتهام واحد وهو «الاشتراك في القتل العمد بحق المتظاهرين»، وأمرت محكمة النقض بإعادة محاكمة مبارك بعدما انتهت إلى رفض الطعن المقدم من النيابة العامة على الأحكام الصادرة من محكمة جنايات القاهرة في نوفمبر من العام الماضي لصالح مبارك «فيما عدا الاتهام المنسوب آلية بالاشتراك في قتل المتظاهرين»، وكذا بقية الأحكام الصادرة لصالح نجليه علاء وجمال مبارك وبقية المتهمين في القضية.
وأدانت محكمة الجنايات مبارك بالسجن المؤبد لمدة 25 عامًا في قضية قتل المتظاهرين، قبل أن يقبل الطعن على الحكم أمام النقض، التي قررت قبول الطعن، وأعيدت محاكمته أمام محكمة الجنايات مرة أخرى، وقضت ببراءته من الاتهام المنسوب له، فطعنت النيابة العامة مرة أخرى على براءته، وقبلت محكمة النقض الطعن، وقررت أن تتصدى بنفسها لنظر الاتهام، وهي المحاكمة التي لم تعقد بشكل موضوعي حتى اليوم في جلساتها الماضية، لتعذر نقل مبارك لدار القضاء العالي، حيث مقر انعقاد محكمة النقض، التي لم يسبق طوال تاريخها أن انتقلت لنظر محاكمة خارج مقرها.