“ورقة الناتو” تفضح دور بائعة الهوى الذي يلعبه السيسي

- ‎فيتقارير

كتب سيد توكل:
 
أثار الإعلان عن تعيين سفير نظام الانقلاب لدى بلجيكا، إيهاب محمد مصطفى فوزي، مندوبًا لدى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تساؤل المراقبين والسياسيين حول الدور الذي يحاول رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي أن يلعبه، خصوصا بعد تكشف فضيحة انشاء قاعدة روسية عسكرية في سيدي براني على الحدود مع ليبيا، لضرب الثورة الليبية.
 
توتر العلاقة بين الناتو وروسيا تعقد من مهمة السيسي، مع إصرار موسكو على دعم حليفها بشار الأسد، مهما كانت النتائج، ما أدى إلى توتر مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، إضافة إلى تشكيل الناتو قوة للتدخل السريع، قوامها 300 ألف جندي، بعد تصاعد القلق في دول أعضاء بالحلف، مثل إستونيا وبولندا ورومانيا، من خطر موسكو المتزايد عليها، فهل يظل السيسي متعلقا بذيل موسكو أم يعتبر نفسه فتاة ليل للجميع؟
 
مكافأة ضد الربيع العربي
يعتبر المستشار القانوني السابق بحلف الناتو، الدكتور أيمن سلامة إن القرار يُعطي نظام الانقلاب صلاحيات رسمية واسعة لطرح رؤيته حول الأمن القومي العربي والمصري، ويمنحُه صفة المشاركة في وضع تصوراته بشكل رسمي على مائدة الناتو.
 
ويرى سلامة أن عضوية نظام الانقلاب في مبادرة شركاء الناتو عام 1993 تُتيح لها طرح أي مبادرات أو تصورات تخصّ الأمن اﻹقليمي، خاصة أن المنطقة أصبحت الأكثر تهديداً لسياسات الناتو والدول المُنضمّة له بعد ثورات الربيع العربي، حسب قوله.
 
وتبدو أبعاد اتخاذ القرار أعمق من المزايا المزعومة لإمكانية عرض "الطرح المصري" على مائدة الناتو، وهو ما أشارت إليه بعض وسائل الإعلام المُوالية لنظام الانقلاب، عبر الحديث عن محاولات روسية لفرض إملاءات على نظام الانقلاب من شأنها الانتقاص من سيادة مصر على أراضيها ومطاراتها، الأمر الذي يحاول السيسي الخلاص منه.
 
واضطر رئيس الانقلاب إلى قبول طلبَيْن من الحكومة الروسية، أحدهما لإنشاء قاعدة عسكرية في مصر، والآخر لإقرار "وثيقة لأمن المطارات المصرية" تتضمّن تفتيشاً روسياً خالصاً على الطائرات؛ تفادياً لتكرار حادث الطائرة الروسية التي تعرّضت لهجوم في سيناء.
 
وتهدد الإدارة الروسية بالمُماطلة في عودة السياحة وبناء المحطات النووية والمنطقة الصناعية في قناة السويس، كوسيلة للضغط على عسكر 30 يونيو.
 
محاولة لكسب الشرعية
وفي محاولة لكسب الشرعية يتجه نظام الانقلاب إلى توطيد العلاقات مع أمريكا مرة أخرى، لا سيما في ظل العلاقة المُميزة مع إدارة الرئيس الجديد "دونالد ترامب"، حيث كشفت وزارة خارجية الانقلاب أن السيسي سيزور البيت الأبيض قريبًا.
 
وبَدَا من الترتيبات المُعلَنة لأجندة لقاء السيسي – ترامب بأن نظام الانقلاب يعيد "البوصلة الأمريكية" إلى وضعها الطبيعي استراتيجياً، لا سيما في ظل التباطؤ الروسي في ملف فنكوش المحطات النووية، حيث ستشهد الزيارة بحث العديد من الملفات، على رأسها التسليح المُتعلّق بالمعونة الأمريكية العسكرية، التي يرى رئيس الانقلاب أنها تحتاج إلى صياغة جديدة.
 
ناتو صهيوني
وإذا كانت العلاقة بالناتو تُمثّل ورقة "توازن" بيد نظام الانقلاب في العلاقة مع روسيا، فإن ما تداولته بعض وسائل الإعلام الدولية حول تأسيس "ناتو عربي – صهيوني" لمواجهة إيران يُمثّل ورقة "ضغط" قوية، ربما تُعيد تصاعد بناء علاقات نظام الانقلاب الروسية إلى سابق عهدها قبل انقلاب السيسي في 30 يونيو 2013.
 
"وول ستريت جورنال" نشرت تقريرا عن هذا المقترح، نقلًا عن مسئولين عرب لم تكشف عن هويتهم، تحت عنوان: "الولايات المتحدة وحلفاؤها في الشرق الأوسط يستكشفون إمكانية تأسيس تحالف عسكري عربي"، مشيرةً إلى أن "الناتو العربي قد يتبادل معلومات استخبارية مع إسرائيل بهدف مكافحة النفوذ الإيراني".
 
ويَشملُ التحالف المُقترَح السعودية والإمارات ومصر والأردن، وفقاً لخمسة مسئولين من البلدان العربية المذكورة المشاركين في المناقشات، على أن تستضيفه مصر بطلب من الرئيس الأمريكي شخصيًا.
 
ومن هنا اعتبر نقل موقع "سبوتنيك" الروسي، عن خبراء الدولة العسكريين، أن ما يُسمّى بـ"الناتو العربي الإسرائيلي" ضد إيران يُمثّل تهديداً صريحاً للمصالح الروسية، بتهديد إيران، التي هي أقوى حلفاء روسيا في المنطقة.
 
ويؤكّد أستاذ العلوم السياسية بجامعة "بليخانوف" في موسكو، "ألكسندر بيريندجييف"، أن "الناتو الجديد سيُهدّد إيران، الحليف القوي لروسيا في مجال مكافحة الإرهاب الدولي، ولا يمكن تَوقُّع أن تكون آفاق هذا التحالف إيجابية إطلاقا".
 
هل سيضحي الانقلاب بروسيا؟
ويرى الخبير بالشأن المصري، مصطفى كامل، أن التقارب بين نظام الانقلاب وترامب واضحٌ للغاية، وخاصة في ملف الإرهاب ومحاربة داعش، ورؤية الولايات المتحدة للأوضاع في الشرق الأوسط، مُرجّحاً قبول رئيس الانقلاب لعرض نظيره الأمريكي.
 
ويُفسّر "كامل" ترجيحه بأن قبول العرض سيجعل لنظام الانقلاب ثقلاً وتوازناً في المنطقة، مشيراً إلى أن الفرق بين هذا التحالف وغيره، كالتحالف العربي، الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن، هو أنه مَصبُوغ بصبغة دولية لتحقيق توازنات في المنطقة، على عكس التحالف السابق في حرب اليمن والذي كان عربياً خالصًا.
 
"ناتو الصهاينة" يعني تأثيرًا كبيرًا على العلاقات بين نظام الانقلاب وروسيا بعد التقارب الكبير بين الجانبين منذ انقلاب عام 2013، وبعد مؤشرات على علاقات نظام الانقلاب مع إيران، إلى حَدّ توجه القاهرة إلى إيران والعراق للوفاء باحتياجاتها النفطية عندما قرَّرت شركة "أرامكو" السعودية وقف إمداداتها على مدى الأشهر الستة الماضية.
 
وبات السؤال واضحًا: هل سيُضحّي نظام الانقلاب بتطوير العلاقة مع روسيا وحلفائها على مدى نحو 3 سنوات؟، ربما تكشف زيارة السيسي المرتقبة للبيت الأبيض عن ذلك، لكن المؤكد أن ورقة "الناتو" لا تصُبّ في اتجاه التصاعد الإيجابي في علاقات جنرالات الانقلاب مع موسكو.