يبدو أن نظام الانقلاب في إطار الإعداد لحملة فاشية غير مسبوقة ضد الصحفيين وحرية الرأي والتعبير، وتكميم الأفواه، وغلق الملف الإعلامي نهائيا، لوضع اللمسات النهائية لتأسيس دولة القمع، خاصة بعدما أصدر نائب عام الانقلاب بيانا، طالب فيه بإلقاء القبض على أي صحفي ينشر خبرا كاذبا أ خبرا يكدر السلم المجتمعي.. وهي جملة مطاطة، تعني أنه سيتم خلال الفترة القادمة، ملاحقة عدد كبير من الصحفيين الذين يعملون ضمن الصحف الأجنبية، و المواقع الإخبارية.
إلا أن المفاجأة صدرها نقيب الصحفيين عبدالمحسن سلامة، الموالي للانقلاب، الذي يلف الآن على فضائيات الانقلاب، شن هجوما حادا على هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” البريطانية بسبب نشرها تقريرا بشأن الإخفاء القسري للمواطنة زبيدة، قائلا: ده كذب ومؤسف جدا للغاية.
ووذهب سلامة لأبعد من ذلك لأول مرة في تاريخ نقابة الصحفيين، حيث توعّد “سلامة” الصحفيين المشاركين فى التقرير خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “صباح دريم”، المذاع عبر فضائية “دريم”، قائلاً إن هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” كانت فيما مضى نموذجًا للموضوعية ولكن هذه السقطة كشفت الوجه القبيح لها، متابعًا: “من الوارد أن يحدث خطأ مهني.. ولكن الغريب في الأمر أن الشبكة لم تحاول أن تعتذر عن هذا التقرير السيئ”.
وأوضح أنه حالة ثبوت تورط أي زميل صحفى في إعداد التقرير، سوف يتم تحويله فورًا للجنة التحقيق والتأديب، وقد تصل عقوبته للشطب من المهنة.
إعلام الان   قلاب يمهّد للمذبحة
وفي إشارة لبداية الحملة التي تشنها سلطات الانقلاب على حرية الصحافة، والتمهيد لاعتقال عشرات الصحفيين، وغلق مقرات الصحف الأجنبية، والتهديد بقطع أرزاق ألاف الصحفيين الذين يعملون في صحف أجنبية.
وفي تقرير هزلي بأت صحيفة “اليوم السابع” الانقلابية، في الترويج لبداية قطع أرزاق الصحفيين، حيث روت أنه فى عام 1956 وإبان العدوان الثلاثى على مصر، الذى ضم فرنسا وإنجلترا وإسرائيل، والذى جاء بعد قرار الزعيم جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، أعلن النجم الكبير الراحل محمود مرسى استقالته على الهواء من الإذاعة البريطانية BBC، بسبب مشاركة هذه الدولة فى العدوان الغاشم على مصر.
وقالت إنه رغم حاجة الفنان الكبير محمود مرسى للعمل وللأموال البريطاينة خلال هذه الفترة، خاصة وأنه لم يكن وقتها قد احترف التمثيل، إلا أن نزعته الوطنية وحبه الشديد لمصر، كانا أهم من نجوميته الإذاعية وأموال بريطانيا خلال هذه الفترة، حيث فاجأ “مرسى” متابعيه من جميع أنحاء العالم عبر هذه الإذاعة وفى موعد إذاعة البرنامج على الهواء، وقال نصا: “هذه هى آخر حلقة أقدمها في هذه الإذاعة، حيث إنه لا يمكننى أن أعمل أو أقيم في دولة تشن حاليًا عدوانًا على بلادى، وتلقى بقنابلها على أهلى فى مصر، ولتلك الأسباب أقدم استقالتى على الهواء، وسوف أعود إلى بلادى أقاتل بجانب أهلى، أعيش معهم أو أموت معهم”.
وأصدر النائب العام في نظام الانقلاب المستشار نبيل صادق، قرارا بمتابعة وضبط وسائل الإعلام التى تبث الأكاذيب والأخبار غير الحقيقية. وأكد بيان رسمى صادر من مكتب النائب العام، طالب فيه المحامين العامين ورؤساء النيابات كل فى دائرة اختصاصه، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والجنائية ضد وسائل الإعلام والمواقع التى تبث عمدا أخبارا وبيانات وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، أو إلقاء الرعب فى نفوس أفراد المجتمع، وما يترتب عليه من إلحاق الضرر بالمصلحة العامة للدولة المصرية.
وطالب النائب العام، الجهات المسئولة عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، وانطلاقا من التزامها المهنى ودورها الوطنى إخطار النيابة العامة، بكل ما يمثل خروجا عن مواثيق الإعلام والنشر. وشغلت مصر المركز 161 من 180 دولة بمقياس حرية الصحافة العالمي الذي تعده منظمة صحفيون بلا حدود بباريس، متراجعة بمركزين عن العام الماضي، حيث وصفت المنظمة مصر بكونها «أحد أكبر سجون الصحفيين في العالم».
وأضافت المنظمة أن «موقف حرية الإعلام في مصر أصبح مقلقاً للغاية»، حيث قُتل قرابة عشرة صحفيين منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير «بدون تحقيق جدي»، مشيرة إلى أن وجود العديد من الصحفيين خلف القضبان، «منهم الكثيرين الذين يقضون سنوات في السجن بدون توجيه اتهامات أو تحقيقات، بينما يقضي بعضهم عقوبات سجن طويلة تصل للمؤبد في محاكمات جماعية جائرة».
ولم يذكر تقرير المنظمة للعام الحالي أعدادًا محددة للصحفيين المقبوض عليهم، إلا أن تقريرها للعام الماضي أشار إلى 27 صحفيًا قُبض عليهم، فضلا عن غلق أكثر من 400 موقع خبري وصحفي منذ تولي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في 2014.