“وتحضروا من فضلكم ورقة وقلم ومرايا وتخلوا بالكوا معايا يالا بقى سمع هوس”، تلك كانت مقدمة برنامج محو الأمية الذي ظلت الإذاعة المصرية تبثه على مدار عقود وما أحوجنا اليوم إلى برنامج مماثل ولكن ليس لمحو مية القراءة والكتابة فتلك تهون مصيبتها إلى جانب الأمية الدينية والثقافية البادية في أحاديث أركان نظام الانقلاب.
وحسب تقرير بثته قناة “وطن”، فإذا كان كل إناء ينضح بما فيه فإن قضاء مصر يلحن بما فيه حقيقة يؤكدها أداء من اقتحموا منظومة العدالة واحتلوا مناصب ما كان لهم أن يشغلوها لولا فساد عم البلاد بما كسبت أيدي العسكر.
فهذا وزير العدل في حكومة الانقلاب محمد حسام عبدالرحيم وكان يشغل سابقا منصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء لا يكاد يحسن القراءة، ولتجدن أشد القضاة لحنا أولئك الموجودين فيما تسمى دوائر الإرهاب ذلك بأنهم قوم باعوا شرفهم وخانوا قسمهم فضاعت هيبتهم وذلت ألسنتهم.
فهاهو شعبان الشامي صاحب الحكم بإعدام الرئيس محمد مرسي يتلعثم بشكل فاضح، أما حسن فريد صاحب الحكم الأخير بإعدام 28 من رافضي الانقلاب فيما يعرف بقضية مقتل النائب العام السابق هشام بركات، فيعرق في اللحن ولا يكاد يبين.
والأمر ليس قاصرا على السلطتين التنفيذية والقضائية فالسلطة التشريعية المنوط بها سن القوانين كان لها نصيب من الأمية الدينية وإذا كان لا يلام على أحد أعضاء برلمان السيسي الذي صنع على أعين أجهزته الأمنية أو رئيسه الأعجوبة جهله أو عدم إجادته لحفظ آيات القرآن فما عذر وكيل مجلس الانقلاب وهو ما يسمى نفسه نقيب الأشراف أن يخطئ مرات عدة في آية يحفظها عن ظهر قلب تلاميذ المرحلة الابتدائية.
إنها إفرازات حكم عسكري أفسد منظومة التعليم في البلاد على مدار أكثر من 6 عقود وتولى فيه المناصب أهل الثقة والولاءات بعد إقصاء ذوي الخبرة والكفاءات، وصدق الشاعر حين قال “لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا”.