بعد خطاب “المتوتر”.. اعتقالات وإجراءات قمعية ومصادرة أموال ضد هؤلاء

- ‎فيأخبار

ثمة معلومات أكدتها مصادر داخل قصر الرئاسة الذي استولى عليه عبد الفتاح السيسي بانقلابه العسكري، تؤكد أن السيسي في طريقه لشن أكبر حملة اعتقالات خلال اليومين القادمين، ضد رموز سياسية ورجال أعمال معروفين وقيادات في الجيش والشرطة، على خلفية الخطاب المجنون الذي ألقاه أمس الأربعاء، خلال حفل افتتاح حقل “ظُهر”، وتهديده لمن وصفهم بـ”الأشرار”.

وقالت المصادر في تصريحات خاصة لـ”الحرية والعدالة” إن هناك عدة إجراءات استثنائية سيتخدها السيسي بالتزمن مع حملته لمسرحية الانتخابات، أهمها شن حملة اعتقالات كبيرة ضد رموز سياسية من بينها نشطاء على مواقع التواصل وقيادات حزبية وضباط سابقين في الجيش والشرطة، مؤكدة أن السيسي أمر مدير المخابرات العامة ومدير مكتبه عباس كامل بوضع قائمة لأبرز الخارجين على انقلابه في الآونة الأخيرة، تمهيدا لاستصدار أمر باعتقالهم، بعد ارتفاع وتيرة معارضتهم.

وكان السيسي قد قال أمس: “اللي حصل من سبع وتمن سنين مش هيحصل تاني”، مضيفا: “أنا مش سياسي، وواضح إن الناس مش واخده بالها، البلد علشان ترجع تاني ربنا وحده اللي يعلم، وأي حد يفكر يقرب منها، لأ.. هقول للمصريين انزلوا تاني ادوني تفويض قدام الأشرار.. أي أشرار”.

وتابع: “لو الأمر استمر كده وحد فكر يلعب في مصر وأمنها هطلب منكم تفويض تاني، وستكون هناك إجراءات أخرى ضد أي حد يعتقد أنه يعبث بأمن مصر، وبمخافش غير من ربنا وعلى مصر بس”.

وأردف قائلًا: “قولنا هنعمل أكاديمية تعلم الناس يعني إيه دولة، وماحدش يتصدى لشأن عام وهو مش متعلم كويس”، مضيفًا: “بالمناسبة بقالي 50 سنة بتعلم يعني إيه دولة، قسمًا بالله بقالي 50 سنة بتعلم وبعلم نفسي، حاجة صعبة أوي، الناس ما بتفكرش وعاوزة تتصدر وتتكلم، الكلام ده المفروض ما أقولوش أنا”.

تنظيم طليعي

وعلق الإعلامي محمد ناصر خلال برنامجه في قناة مكملين إن كلام السيسي لا يعني سوى شيئ واحد هو تجريف الحياة السياسية بشكل نهائي والاستعداد لعمل تنظيم طليعي على غرار ما فعله عبد الناصر في الستينيات.

وأضاف ناصر أن خطابه أمس كشف عن إجراءات يعد لها بنظام حكم استثنائي، يقوم من خلاله على إنشاء تنظيم جديد موالي بهدف قصر الحياة السياسية عليه، وإسناد مفاصل الدولة له، وهو الأمر الذي يهدد بكارثة مقبلة.

فيما قال الناشط اليساري كمال خليل في تغريدة عبر حسابه على موقع “تويتر”، معلقًا على تصريحات السيسي: “ده خطاب تهديد بيمهد لحملة اعتقالات واسعة”.

الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، قال إن “ما حدث في مصر خلال السنوات الأربع الماضية، أمر غير مسبوق، ولم يقم به أي نظام سابق، إذ أن كافة الأنظمة التي تعاقبت على حكم مصر لم تتسبب في تدهور الأوضاع بهذا الشكل”.

وأوضح دراج أن “السيسي طلب من المواطنين في الأول تفويضًا لمحاربة ومواجهة الإخوان؛ حتى يتخلص منهم، والآن يريد أن يحصل على تفويض للقضاء على باقي الشعب”.

وحذر دراج من أن “مصر دخلت نفق مظلم، ولا يعلم أحد سوى الله، متى وكيف ستخرج منه، حيث من المتوقع في ظل السياسة الحالية أن يترتب عليها أزمات ومشكلات كثيرة”.

وبرأي دراج، فإن “كلام السيسي لا يقنع سوى مؤيديه، أما الأغلبية فأصبحت لا تعبأ بأحاديثه، وسيحدث حال استمرار النظام الحالي، تغييرات كبرى لن تبقي الوضع الراهن كما هو عليه”.

فيما أكد السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن “حديث السيسي عن المحافظة عن الأرض والشعب، يحتاج إلى مراجعة منه”، متسائلًا: “هل تسبب في ضياع الأرض أم حافظ عليها، وهل حدث تمزيق بين الشعب، أم ظل متماسكًا”؟

وأضاف أن “عصبية السيسي أثناء حديثه، تشير إلى امتلاكه معلومات مؤكدة حول أن هناك مؤامرات وأمور تحاك ضده شخصيًا، وهذا الأمر يبدو خطيرًا ويقلقه بشدة”.

مساعد وزير الخارجية الأسبق، توقع أن تشن خلال الفترة القامة حملة اعتقالات واسعة، لا سيما بعد تلك المعلومات التي وصلت إليه، مستدركًا: “أعتقد أن السلطة الحالية، لن تجر انتخابات رئاسية”.

وأشار إلى أن “خطب السيسي دائمًا غامضة، ولا يُفهم ما الغرض منها، كما أن الغالبية لا تعرف من هم أهل الشر الذين ينتقدهم دائمًا، ويطلب الآن تفويضًا جديدًا لمواجهتهم”.

ورأى أنه “دائمًا ما يخلط في أحاديثه بين الوطن الذي يتكون من الشعب والأرض، وبين النظام الذي هو مهمته إدارة الوطن، مؤكدًا أنه في معظم دول العالم يوجد فاصل بين الاثنين”.

وأوضح أنه “إذا كان النظام يدير الوطن ، الشعب والأرض، وفقًا للدستور والقانون فهذا هو الصحيح والمفروض القيام به، أما إذا كان الوطن يدفع تكاليف مصائب السلطة الحاكمة من دمه وسمعته، فذلك الخطأ والخلط”.

وطالب الأشعل، السيسي، بالتفرقة بين الحكومة والدولة، “مصر ليس بها نظام سياسي منذ عام 1952، والحالية أدخلت الدولة في دائرة مظلمة”.

 

تنظيم الضباط الثلاثين

وكانت وكالة رويترز نشرت تقريرا أكدت فيه أن السياسات القمعية التي يتبعها السيسي ونظامه دفعت العديد من ضباط الجيش إلى الانشقاق والانضمام إلى جماعات مسلحة خلال الأعوام الأخيرة، مشيرة إلى أن الأمر تفاقم خلال العام الماضي، وبات هناك في الصحراء الغربية ضباط يمتلكون خبرات واسعة يضعون السيسي ونظامه وداخليته على رأس أهدافهم.

وقالت الوكالة: «في أكتوبر الماضي قاد عماد الدين عبد الحميد، ضابط القوات الخاصة السابق في الجيش والذي انضم إلى أحدى الجماعات المتشددة بسيناء كمينا في الصحراء الغربية مستهدفا داخلية الانقلاب، مضيفة أن تلك الحادثة ألقت الضوء على التهديد المتنام من ضباط سابقين مستعدين لتحويل أسلحتهم تجاه قوات الأمن.

وتابعت الوكالة أن عبد الحميد، الذي أعلنت جماعته أنصار الإسلام المسؤولية عن الهجوم وأشادت به باعتباره أحد قادتها، لقي مصرعه في ضربة جوية في وقت لاحق، مؤكدة على لسان ثلاثة مصادر أمنية مصرية أن مقتله لم يثن مزيدا من ضباط الجيش والشرطة عن الانضمام لأنصار الإسلام.

وأضافت الوكالة نقلا عن مصادر لها في المخابرات أن الشبكة السرية التي تتبعها جماعة أنصار الإسلام تمثل تحديا أمنيا أصعب مما يشكله متشددو سيناء، إذ أنها تتألف من ضباط سابقين في الجيش والشرطة يستخدمون تدريبهم على مكافحة الإرهاب وعمليات الاستطلاع والمراقبة في مهاجمة أجهزة الأمن التي خدموا في صفوفها يوما ما.

وقال مصدر أمني: “العناصر الموجودة في الصحراء الغربية أكثر خطورة من الموجودين في سيناء لأن لديهم خبرة عسكرية، يقودهم ضباط سابقون، يسلحون أنفسهم بأسلحة متطورة، يتحركون بسهولة نظرا للطبيعة الجغرافية للمكان، فهم يأتون ويهربون إلى ليبيا بكل سهولة، هناك من يساعدهم في القبائل الموجودة على الحدود، يتعاونون مع مهربي الأسلحة لتهريبهم عبر الدروب الصحراوية”.