“أنا مش سياسي، وأي حد يفكر يقرب منها، لأ.. هقول للمصريين انزلوا تاني ادوني تفويض قدام الأشرار.. أي أشرار.. لو الأمر استمر كده وحد فكر يلعب في مصر وأمنها هطلب منكم تفويض تاني”.
هكذا قال قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي في خطابه المتوتر مساء أمس الأربعاء، حينما قام بتهديد المصريين حال الثورة ضده بأنه لن يرحم أحدا، ويعلنها على الملأ دون الحاجة لنزول المصريين من عدمه بأن “التفويض في الدرج”.
نتائج التفويض الأول
وبالتزامن مع تهديد السيسي بالتفويض، اعترف الكاتب الروائي علاء الأسواني أحد أركان الانقلاب، أن نتائج التفويض الاول كانت كارثية على مصر.
وقال الأسواني خلال مقاله اليوم الخميس: “هل يعلم المصريون أن السيسي فشل في إدارة أزمة سد النهضة مع إثيوبيا مما قد يؤدى إلى فقدان مصر لجزء كبير من حصتها المائية؟ في نفس الوقت يؤكد الإعلام المصري أن الأزمة مع أثيوبيا قد انتهت على ما يرام.
وأضاف الأسواني: “هل يعلم المصريون أن مشروع قناة السويس الذي أنفق عليه السيسي 64 مليار جنيه لم يحقق أي زيادة في ايرادات القناة؟ بينما يؤكد الاعلام أن هذا المشروع قد أبهر الدنيا بعظمته ونجاحه.. وهل يعلم المصريون أن آلاف الشباب المحبوسين لم يرتكبوا جريمة الا معارضتهم سلميا للسيسي؟ بينما يردد الإعلام بأنهم عملاء وخونة.. هل يعلم المصريون أن المستشار هشام جنينه قد تعرض لمحاولة اغتيال همجية بواسطة مجموعة بلطجية عقابا له أولا على تصديه للفساد عندما كان رئيسا للجهاز المركزى للمحاسبات وثانيا بسبب اشتراكه في الحملة الرئاسية للفريق سامي عنان المحبوس حاليا؟ بينما يؤكد الاعلام أن ماحدث للمستشار جنينه مجرد حادث سيارة ومشاجرة عادية. اذا طرحنا المزيد من الأسئلة سنكتشف أن كل حقيقة تحدث في مصر تقابلها أكذوبة كبرى يروج لها النظام. لماذا يصدق مصريون كثيرون هذه الاكاذيب؟! الإجابة الجاهزة.
5 سنوات تفويض
5 سنوات مضت على التفويض، الذي طلبه عبدالفتاح السيسي، عندما كان وزيرًا للدفاع، لمواجهة “الإرهاب المحتمل”.
وتحول التفويض من “شعبي” إلى مؤسسات بالدولة داعمة لهذا التوجه، لكن لم تتغيّر الأمور كثيرًا حيث باتت المواجهات شبه يومية مع العمليات الإرهابية لتتحول إلى واقع في حياة المصريين.
يعلم السيسي جيدا أنه ليس في حاجة بأن يستجيب الشعب له بالنزول لإعطائه تفويضا جديدا، خاصة أن السيسي حول التفويض من “شعبي” إلى “مؤسسي” عبر مؤسسات بالدولة داعمة، بعد أن طالب السيسي في 24 يوليو 2013، في خطاب بمقر عسكري، شمالي البلاد، المصريين بالنزول للشوارع، فيما سُمي بجمعة “التفويض” 26 يوليو 2013 لمواجهة ما أسماه “الإرهاب المحتمل”.
يومها نزل الميادين مؤيدون يرفعون صورة السيسي، عدتهم وسائل إعلام مؤيدة له وقتها “ملايين”، وطيلة السنوات الأربعة، شهدت محافظات مصر عمليات إرهابية شبه مستمرة تتعرض لها مواقع أمنية لاسيما في شبه جزيرة سيناء دون إحصائيات رسمية.
ووسط مواجهات عسكرية وشرطية للإرهاب، تقول تقارير حقوقية محلية ودولية في هذه الفترة إن هناك “انتهاكات” واسعة بمصر لحقوق الإنسان، وهو ما تنفيه السلطات المصرية.
وشهدت مصر منذ الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي محمد مرسي، كوارث وأزمات أنهكت المصريين، تمثلت -حسب مراقبين- في حوادث تحطم للطائرات، وقتل أجانب، وانتحار مواطنين، وغرق في نهر النيل، وزيادة في وتيرة أعمال العنف، وأحكام إعدام، ومجازر قتل وتصفية خارج إطار القانون للمعارضين.
وتنوعت الكوارث أيضا، ما بين أزمة مياه النيل وسد النهضة الإثيوبي، و”التنازل” عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وذبح المصريين في ليبيا، وحوادث طرق أودت بحياة الآلاف، وانهيار كباري حديثة الإنشاء، وغيرها من الكوارث التي اعتاد المصريون على سماعها يوميا منذ انقلاب عبدالفتاح السيسي.
وشهد عام 2014 وحده بعد التفويض مباشرة ما يقرب من 300 كارثة محلية حلت بالمصريين، بحسب تقارير صحفية، وسجل المراقبون عدة حوادث في أبريل 2014، منها تسمم الأهالي في محافظة الشرقية بمياه الشرب، وانهيار كوبري المنصورة، وتصادم قطاري مترو أنفاق العباسية، وحريق مخزن قطارات محطة مصر، وتفجير برجي كهرباء السد العالي.
وكشفت منظمة الصحة العالمية في يناير 2015، عن أرقام مفزعة شهدها عام 2014 حول حوادث الطرق، التي راح ضحيتها حوالي 13 ألف قتيل و60 ألف مصاب في مصر، الأمر الذي وضعها على رأس قائمة الدول الأسوأ عالميا في حوادث الطرق.

مجازر ودماء
فضلا عن المذابح التي قام بها السيسي بعد التفويض، من مذبحة شارع رمسيس ومسجد الفتح التي استشهد فيها مائة شخص لمجزرة “الحرس الجمهوري” ضد الساجدين بشارع صلاح سالم التي قتل فيها 75 شخصا، لمجزرة المنصورة بمحافظة الدقهلية في دلتا النيل، وقتل فيها البلطجية والأمن 11 متظاهرا ضد الانقلاب.
مجزرة “مسجد القائد إبراهيم” في الإسكندرية، التي أسفرت عن استشهاد عشرة أشخاص وإصابة 400 بطلقات خرطوش ورصاص حي.
مجزرة “المنصة” بمدينة نصر في القاهرة، التي قتل فيها 130 من معتصمي رابعة العدوية، وذلك بعد ساعات من تجمع أنصار السيسي بميدان التحرير ومنحه التفويض الذي طلبه منهم.
مجزرة “فض اعتصام، رابعة العدوية بمدينة نصر بالقاهرة، واعتصام “النهضة” بالجيزة، على يد قوات الجيش والشرطة، ومقتل 3000 على الأقل من أنصار الشرعية وفقا لأرقام منظمات حقوقية، وتحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب الداعم للرئيس محمد مرسي.
مجزرة “رمسيس الثانية” وسط القاهرة، التي كانت حصيلتها اسشهاد 103 متظاهرا من رافضي الانقلاب، واستخدم فيها الجيش المدرعات والطائرات والرصاص والغاز والخرطوش.
مجزرة سيارة ترحيلات سجن “أبو زعبل”، التي استشهد فيها 37 معتقلا من جماعة الإخوان المسلمين بعد اختناقهم بقنبلة غاز ألقاها أفراد أمن الانقلاب داخل السيارة.
مجزرة وقعت في الذكرى الأربعين لنصر أكتوبر 1973، التي استشهد فيها 51 رافضا للانقلاب برصاص الأمن أثناء التظاهر في القاهرة ومعظم المحافظات، وكان أكثرها عنفا بمنطقتي الدقي بالجيزة، ورمسيس بالقاهرة.
تصاعد الظلم
الحكم على 14 فتاة قاصرا -دون الثامنة عشرة- بالسجن 11 سنة لكل واحدة منهن، في مدينة الإسكندرية، بتهم التظاهر وقطع الطريق والانضمام لجماعة إرهابية، وتوالت بعدها الأحكام القاسية بالإعدام والمؤبد بحق المئات من أنصار الشرعية ورافضي الانقلاب.
مجزرة الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، ومقتل 100 من رافضي حكم العسكر في جميع أنحاء مصر برصاص قوات الأمن.
استشهاد العشرات من المتظاهرين -معظمهم بمنطقتي المطرية وحلوان بالقاهرة- بعد استخدام قوات أمن الانقلاب القوة المفرطة لفض المظاهرات الرافضة للانقلاب إثر دعوات تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب.
استشهاد 25 متظاهرا، معظمهم في ميدان المطرية، برصاص جيش وشرطة الانقلاب في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.
استشهاد 22 شابا من رابطة مشجعي نادي الزمالك “ألتراس وايت نايتس” على يد قوات شرطة الانقلاب خارج ملعب الدفاع الجوي، أثناء مباراة بين فريقي الزمالك وإنبي.
