العيون المصرية في مفهوم عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، تختلف في رؤيتها عن مثيلتها الأوروبية، فهي ترى كل معارضة خيانة، وكل منشور على مواقع التواصل الاجتماعي يطالب بالحقوق هو تحريض على نظام الحكم، وأن السجن بل الموت هو ما يستحقه الرافضون لوجوده.
وبخطوات غير مكترثة بانتقادات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقبل أن تنتهي زيارته، قرر السيسي التوسع في حملة اعتقالات طالت عددًا من رموز وأطياف العمل السياسي، والتي بدأت باقتحام قوات الأمن لمقر حزب الكرامة واحتجاز جميع من حضروا احتفالية الحزب بذكرى الثورة، ثم اعتقال 5 من أعضائه، تبعها اعتقال المتحدث السابق باسم الحركة المدنية الديمقراطية، يحيى حسين عبد الهادي، ومؤخرًا اعتقال 54 شخصًا قالت الداخلية إنهم تابعون لجماعة الإخوان المسلمين، وأخيرا الإعلامي أحمد جمال زيادة، دون إغلاق القوس الذي لا يتوقف عن العد.
لا يتزامن توقيت هذه الحملة غير المنطقية مع زيارة ماكرون فقط، ولكن يبدو أنها تتم- بحسب مراقبين- من أجل التمهيد لعملية الدستور التي كثر الحديث عنها طوال الأسابيع الأخيرة من جانب أذرع السيسي الإعلامية والبرلمانية لفتح مدد الرئاسة، بدلا من اقتصارها على التجديد مرة واحدة فقط.
حيث تؤكد تقارير عدة أن النظام يرسل بهذه الحملة رسالة لماكرون والغرب، بأنه قادر على كبح جماح أي معارضة لفكرته حول تعديل الدستور دون حدوث مشكلة في الشارع المصري، ورغم كل العنف المستخدم ضد المعارضة في السنوات الأخيرة ما زالت سلطة السيسي غير مستقرة في معركة النفس الطويل.
ورجّحت مصادر برلمانية أن يتقدم حزب مستقبل وطن، المدعوم من المخابرات العامة، باقتراح لتعديل الدستور خلال جلسات المجلس المقررة الأسبوع المقبل، وقالت المصادر إن طلب تعديل الدستور سيشمل توقيع أكثر من 450 نائبًا بدلا من الاكتفاء بخمس عدد الأعضاء، بحسب ما نص الدستور.
وأوضحت المصادر أن الإجراء الأول سيكون مناقشة التعديل من حيث المبدأ والتصويت بأغلبية الثلثين على قبوله من عدمه، وذلك قبل الخوض في مناقشات المواد المراد تعديلها، مضيفة أن تعليمات صارمة صدرت من ضابط الاستخبارات المنتدب في رئاسة الجمهورية المقدم أحمد شعبان إلى رؤساء تحرير الصحف والقنوات الفضائية بعدم التعرض لمسألة التعديلات أو المواد المرجح تعديلها قبل التقدم بطلب التعديل رسميًّا من قبل حزب الأغلبية.
من جانبه رأى علاء عبد المنصف، مدير منظمة السلام الدولية لحقوق الإنسان، أن تعديل الدستور يمثل أزمة كبرى لنظام الانقلاب أمام العالم، خاصة في كيفية إخراجه للعالم بصورة قانونية ودستورية.
وأضاف عبد المنصف، في حواره مع برنامج قصة اليوم على قناة “مكملين”، مساء الخميس، أن سلطات الانقلاب تحاول التغطية على الأحداث الكبرى بأحداث صغيرة، مضيفا أن برلمان الانقلاب سبق ووافق على كافة القوانين التي أصدرها قائد الانقلاب.
وأوضح عبد المنصف أنه في ظل توجه نظام الانقلاب لفكرة تعديل الدستور، يجب أن تعدل بعض المواد التي ترضي المجتمع الدولي أو المحلي، منها قانون الجمعيات الأهلية، لافتا إلى أن تعديل القانون لن يكبح جماح نظام السيسي، فمصر من أكثر الدول إسهامًا في التشريع لكنها لا تطبق على أرض الواقع.