“الأخ المساند”.. أحدث وسائل الإمارات للتجسس!

- ‎فيتقارير

كشفت تسريبات جديدة، كيف يتم تجنيد العمالة في دولة الإمارات لإرساء معالم دولة جديدة تقوم على الجاسوسية والتخابر، في إطار مخطط حكومة أبوظبي، لتعزيز سطوتها على المجتمع في الإمارات، بشتى الطرق حتى على حساب حقوق العمالة الأجنبية ومخالفة القوانين الدولية وتجاوُز الأعراف القبلية، واستقدام عملاء أو ما يُعرفون بـ”الفئة المساندة”؛ للتجسس على المقيمين أو المواطنين.

وكشفت شرطة دبي، رسمياً، النقاب عن تجنيدها فئات العمّال والمراسلين، ليكونوا مخبرين يعملون لصالح الجهات الأمنية، لا سيما جهاز الشرطة.

وقالت تقارير وتسريبات صحفية، إن جهاز الشرطة خلال فعاليات “اليوم الترفيهي المفتوح”، للعاملين في قطاع البحث الجنائي ممن يسمى “الفئة المساندة”، في الإمارات قام بتكريم عمال قاموا بتزويد النظام في البلاد بمعلومات عن السكان الإماراتيين والعمالة القادمة من الخارج، كما وجَّه لواء إماراتي يدعى خليل المنصوري، مساعد القائد العام لشؤون البحث الجنائي، خلال الحفل، بمناداة العمّال والمراسلين بأسمائهم وكنياتهم وإضافة لقب “الأخ” إلى أسمائهم، بدلا من “عامل” بحسب ما تذكره صحيفة “الاتحاد” الإماراتية الرسمية.

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، عن اللواء محمد سعيد بخيت، مدير الإدارة العامة للخدمات والتجهيزات بشرطة دبي، أن من ضمن الفئات التي تستخدمها الدولة ضمن “الفئة المساندة” من ذوي الإعاقة؛ لأنهم ما زالوا يؤدون المهام المنوطة بهم على أكمل وجه.

وفي يونيو 2015، استحدثت الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي إدارة “الفئات المساعدة”؛ بهدف متابعة شؤون الأجانب والمخالفين في دبي، إلا أن التصريحات والتسريبات الإخبارية تكشف استخدام جهاز الشرطة الإماراتي هذه الفئة وتسخيرها في عمليات تجسس داخلياً وخارجياً لصالح الحكومة.

وبررت الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بدبي هذا الاستحداث بأنه “حرص من دبي على حماية حقوق “الفئات المساعدة”، وسعي للحفاظ على العلاقة بينهم وبين كفلائهم ومكاتب الاستقدام، وحل المسائل المتعلقة بهذه الفئة، حيث تعمل هذه الفئة بتوجيهات من وزير الداخلية الإماراتي، سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، الذي يؤكد أن إدارة الفئات المساعدة ستكون في تطور مستمر لتقدِّم الأفضل لعملائها”، بحسب صحيفة “البيان” الإماراتية.

وعن مكاتب الاستقدام التابعة للحكومة الإماراتية، كشفت تسريبات -نشرتها صحف غربية مؤخراً- عن تجنيد حكومة أبوظبي مواطنين من بلدان عربية وأفريقية فقيرة للعمل ضمن صفوف القوات المسلحة الإماراتية في اليمن أو تدريبهم للعمل كجواسيس لصالح الإمارات، حيث يتم التجنيد عن طريق مكاتب خاصة (داخل الإمارات)، تعمل على استقدام المجندين بدعوى توافر العمل مع رواتب سخية، وأحياناً منح للجنسية.

تحركات مشبوهة

وبعد اندلاع الثورات العربية عام 2011، دخلت دولة الإمارات مجالاً أمنياً شائكاً، يرى كثيرون أنه يتناقض مع بيئتها الاجتماعية ونظام الحكم القائم على تقاسم إدارة الدولة منذ اتحادها سنة 1971، وبدت مؤخراً ملامح وسلبيات هذا المجال تتكشف يومياً، ككرة الثلج، تكبر كلما تدحرجت أكثر، منها ما يتداوله الإعلام الغربي فيما يخص المجتمع الإماراتي، والآخر ما يخص التدخلات وزرع العملاء خارج البلاد ودعمهم مالياً بسخاء.

ووصل هذا التدخل حتى للتأثير على إرادة الناخبين في بلدان أخرى، كما هو الحال في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، حيث تُوجَّه أصابع الاتهام نحو تدخُّل ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، في الانتخابات وعلاقاته المشبوهة مع صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يغرد هو الآخر خارج سياسة الكونغرس الأمريكي وتحوم حوله أصابع الاتهام أيضاً بأنه متورط في عقد لقاءات مشبوهة مع مقربين من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قبل الانتخابات الأمريكية الأخيرة.

أنظمة تجسس

وذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية ذرت في تحقيق صحفي مطول، نشرته يوم 21 ديسمبر 2017، أن محمد بن زايد قد أنفق بسخاء على إنشاء أنظمة تجسس مخيفة لا تستثني أحداً؛ من أفراد ومؤسسات ومبانٍ وشوارع. وحالياً، تمثل هذه المنظومات أكبر تهديد لهيكلية الدولة؛ بسبب الصراعات بين الشركات الأمنية والشيوخ والمسؤولين القائمين عليها، واستفزاز بعضهم بعضاً أمنياً، حيث إنَّ ربط هذه الشبكات الرقمية لتعقُّب تحركات المواطنين وكذلك الشيوخ، بات خطراً يهدد مسيرة الاتحاد منذ 47 عاماً.

ومنذ نحو 8 سنوات، تقود دولة الإمارات الثورات المضادة لثورات “الربيع العربي”، حسبما أثبتت مواقفها في أكثر من دولة، وقد أودعت، منذ عام 2012، العشرات من مواطنيها في السجون، وجرَّدتهم من حقوق المواطَنة، وشملت هذه الخطوات أفراداً من أبناء العائلة الحاكمة في إمارة رأس الخيمة، من بينهم رئيس جمعية “الإصلاح” الشيخ سلطان بن كايد القاسمي، كما شملت أفراداً من كبرى قبائل الإمارات؛ منها: بني ياس والشامسي والمنصوري والنعيمي وقبائل أخرى؛ على خلفية المطالبة بإصلاحات حكومية.

انتهاكات حقوق الإنسان

انتهاوشملت الانتهاكات التي ترتكبها حكومة الإمارات حتى المقيمين على أراضيها؛ إذ تَخرج بين الحين والآخر عشرات المناشدات من داخل السجون الإماراتية لمعتقلين من اليمن وسوريا ومصر وبريطانيا وتركيا وغيرها، تطالب المنظمات الحقوقية ومجلس حقوق الإنسان بالتدخل وكشف ما يتعرضون له من انتهاكات وتعذيب نفسي وبدني يفتقد أدنى إنسانية بشرية.

ويكشف تحقيق “فورين بوليسي” أن الإمارات دفعت أموالاً طائلة لمسؤولين سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الـ(CIA)؛ لمساعدتها في بناء إمبراطورية تجسس بمنطقة الخليج، وأنشأت أبوظبي موقعاً أُطلق عليه “الأكاديمية”؛ لإدارة وتدريب المجندين الإماراتيين، على بُعد 30 دقيقة من العاصمة.

وتنقل المجلة الأمريكية عن 6 مسؤولين استخباراتيين سابقين شاركوا في بناء النظام الاستخباراتي الإماراتي، أن الشخص الرئيس وراء العملية هو “سانشيز”، وهو ضابط مخابرات سابق من قدامى المحاربين في الخدمات السرية في الـ”CIA”.

وساعد سانشيز على بناء شراكة أثارت جدلاً واسعاً حينها بين وكالة الاستخبارات المركزية وإدارة شرطة نيويورك، لتعقب الإسلاميين ، وتتبُّع الناس في المساجد والمكتبات، لكن علاقته بالمسؤولين الإماراتيين تؤهِّله لأداء هذا الدور، وهو الدور الذي تضطلع به حكومة أبوظبي في تتبُّع المواطنين والمقيمين عن طريق تجنيد عملاء من بلدان فقيرة أو أخرى تعاني صراعات، وتقدم لهم دعوات رسمية بذريعة توافر فرص العمل.

وبدأت ملامح تشابك المجتمع الاستخباراتي في الإمارات تتكشف خلال الأشهر الأخيرة، لا سيما بعد مغادرة بعض المسؤولين أماكن عملهم، معربين عن مخاوفهم الكبيرة من صعوبة إدارة هذا المجتمع، وإنشاء بيئة عمل “مسمومة”، وتأثيرها سلباً على إدارة الدولة.

ويرى خبراء الأمن والمعلومات أن الدولة قد قيَّدت نفسها بمنظومات أمنية لا تراعي مصالح أبوظبي بقدر ما تراعي مصالحها الخاصة، في حين يذهب العديد من متابعي الشأن الإماراتي للقول إن حكومة الإمارات تراهن في الوقت الحالي، على استقدام عملاء من الخارج تحت اسم “الفئة المسانِدة” وتسخيرهم في عمليات التجسس وجمع المعلومات الأمنية داخلياً وخارجياً وتزويد الجهات الأمنية بها، لا سيما جهاز الشرطة.