في عيد الأم.. ماذا ننتظر من نظام يرى الراقصة أما مثالية؟

- ‎فيأخبار

كتب سيد توكل:

يحتفل العالم اليوم بعيد الأم، إلا أنه في مصر يمر بشكل مختلف؛ ترزح خلاله تحت وطأة الانقلاب العسكري الذي يثبت للعالم يوميا أن ادعاءات جنرالات العسكر باحترام الأعراف والتقاليد والمواثيق مجرد وهم لا أثر له في الواقع.

ومنذ الصباح، تداول النشطاء صورا كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم، تظهر معاناة الأمهات والزوجات في زمن العسكر؛ هرولة وراء ذويهم في السجون، أو بحثا عنهم بين الجثث في المشارح، أو بكاء عليهم وهم شهداء برصاص العسكر في القبور.

2500 سيدة معتقلة
وفي الوقت الذي تنتظر فيه ملايين الأسر المصرية يوم 21 مارس من كل عام للاحتفاء بـ"عيد الأم"، يمر اليوم على أخريات بمشاعر وطقوس مختلفة تتواءم مع جراحهن النازفة وقلوبهن الجريحة.

فيهل العام الثالث من حكم الجنرال عبدالفتاح السيسي، الذي قام بانقلاب على الرئيس محمد مرسي، ودموع الأمهات لم تجف، فمنذ انقلاب 30 يونيو 2013 لا تفارق الدموع عيون آلاف الأمهات اللاتي حُرمن من أبنائهن وأزواجهن الذين غيبتهم السجون، أو نالوا الشهادة بسبب مواقفهم المعارضة للانقلاب.

وتشير منظمات حقوقية إلى أن أكثر من 2500 سيدة تعرضن للاعتقال في مصر منذ 3 يوليو 2013، لا تزال 56 منهن رهن الاعتقال في ظروف غير إنسانية، وخلال تلك الفترة قتلت 200 سيدة وفتاة على يد قوات أمن الانقلاب خلال مشاركتهن في مظاهرات معارضة للانقلاب.

آخر عيد أم
تقول عزة علي (55عاماً) إن آخر عيد أم شعرت به واحتفت به مع أبنائها وزوجها كان في 2013، قبل أن يُغيب المعتقَل نجلها وزوجها.

وفي حديثها لـ"بوابة الحرية والعدالة" لفتت إلى أنه في بداية عام 2014 اعتقلت قوات الأمن زوجها مريض السكر ونجلها الأصغر من المنزل، قبل أن يستشهد زوجها داخل المعتقل نتيجة الإهمال الطبي الذي تعرض له في نوفمبر 2014.

وأردفت السيدة عزة: "منذ ثلاثة أعوام يمر عيد الأم على بيتنا كئيباً حزيناً، نقضيه في تجهيز الزيارات لنجلي الذي لا يزال قابعاً في المعتقل للمرة الثانية، وترفض قوات الأمن إطلاق سراحه رغم صدور قرار بالإفراج عنه أكثر من مرة".

وتابعت: "بعدما كان عيد الأم يومًا يجتمع فيه أبنائي وزوجي حولي يُقدمون لي الهدايا ونتسامر معًا، أصبح البيت ينتظر ذلك اليوم لنستطيع زيارة نجلي الصغير "زيارة خاصة" تطول مدتها عن المعتاد فتصل إلى عشر دقائق، وأحتضنه فيها بعدما كانت تباعد بيننا الأسلاك وقت الزيارة".

وأشارت إلى أن أحلامها، وأحلام آلاف الأمهات اللواتي غيبت السجون أبناءهن، باتت محصورة في رغبتهن في رؤية أبنائهن وجهاً لوجه، وقضاء دقائق معدودة في أحضانهن.

وأكدت أن عيد الأم هذا العام يأتي وقد فقدت زوجها، ويُحرم نجلها من الحرية رغم صدور أكثر من قرار بالإفراج عنه منذ أغسطس الماضي، إلا أن قوات الأمن ترفض تنفيذ القرار، ولفقت له تهماً جديدة.

وتساءلت: "ماذا ننتظر من نظام يرى في الراقصات والممثلات أمهات مثاليات، في حين تقبع عدد من النسوة في الزنازين، وتحرم آلاف أخريات من أزواجهن وأبنائهن ظلماً وغدرًا"؟

اختفاء قسري
حال هذه الأم لم يختلف كثيرًا عمّا تعانيه سامية سعد، التي أكدت أن نجلها اختطفته قوات الانقلاب من منزلهم بمحافظة الإسكندرية في بداية مارس 2015، وتعرض للاختفاء القسري لأكثر من 20 يومًا.

ولفتت إلى أن "عيد الأم" العام الماضي مرّ والحُزن يُخيم على المنزل كله؛ بسبب اختفاء نجلها قسراً، وعدم تمكنهم من معرفة مكانه أو التواصل معه.

وتساءلت سامية: "أي عيد أم يتحدث عنه العالم ونحن محرومون من أبنائنا وزهرات حياتنا؟"، متابعة: "أشعر بمرارة داخلي حينما أرى النظام والمسئولين في مصر يكرمون الراقصات، في حين نحرم نحن من أبنائنا الذين يشهد لهم الجميع بحسن الخُلق والتفوق".

وأشارت إلى أن يوم "عيد الأم" هذا العام لا يختلف بالنسبة لها عن مثيله في العام الماضي، إذ يقبع نجلها أحمد ذو الخمسة والعشرين عاماً في زنزانته الضيقة، يُنفذ حكماً صادراً ضده من إحدى المحاكم العسكرية بالسجن عشر سنوات، في قضية ملفقة له، تم تعذيبه للاعتراف بها.

وبكلمات يتخللها الأسى تابعت أم أحمد: "هكذا تكرمنا مصر بعدما أفنينا أعمارنا في تربية أبنائنا، وغرس الأخلاق وحب الوطن فيهم؛ يكون جزاؤنا أن نُحرم منهم ويُحرمون هم من مستقبلهم وحريتهم".

وأضافت: "يوم عيدنا هو اليوم الذي ينكسر فيه الانقلاب ويتحرر الوطن، ويتمتع أبناؤنا بالحرية".

تكريم فيفي عبده
يذكر أن قائد الانقلاب يكرم عادة "الأمهات المثاليات" اللاتي اختارتهن أجهزة الانقلاب، والحاصلات على ألقاب "أفضل أم بديلة" و"الأم المثالية لذوي الاحتياجات الخاصة" و"الأمهات المثاليات لشهداء القوات المسلحة والشرطة".

وكانت موجة من الانتقادات والسخرية انتشرت في مصر في الأعوام السابقة، بعد حصول الراقصة المصرية فيفي عبده على لقب الأم المثالية من نادي الطيران، الأمر الذي اعتبره كثيرون دليلا على أن النظام يشجع النساء على الرقص.