بالون اختبار السيسي.. بث الأكاذيب وتكريم الخونة وإعدام شباب الثورة

- ‎فيتقارير

ما زالت تصريحات قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي تثير ردود أفعال واسعة، خاصة أن السيسي لا يخرج إلا من أجل بث رسائل توحي ببعض المعلومات التي يريد بثها للغلابة، وتبشر بمزيد من إجراءات التقشف وانتشار الفقر والقمع.

وفي الوقت الذي شارك فيه السيسي فيما يسمى بمؤتمر الشباب، وجهت له منظمات حقوقية انتقادات؛ بسبب قمع الحريات بعد أحكام الإعدام المتكررة واستهداف الناشطين الشباب والصحفيين.

وعلَّقت عدة صحف أجنبية على مؤتمر السيسي، وتناولت أحوال المعتقلين، من بينهم الصحفي معتز ودنان، ومحمد شوكان، والمصوِّرة فاطمة ضياء الدين التي احتُجزَت هيَ وزوجها وطفلتها، حتى أثارت قرارات الاعتقال والإجراءات الاقتصادية غضبا في الشارع المصري، ترجَمه شبان إلى مطالب على شبكات التواصل الاجتماعي برحيل السيسي عن السلطة.

وتعليقا على ذلك، أبدى السيسي أمام مئات الشباب والمسئولين، أول أمس السبت، حزنه من استمرار مسلسل الشائعات واستهداف الدولة، قائلاً: “تكلفة الإصلاح دخلونا في أمة، أمة ذات عوز، أمة الفقر، دخلونا فيها، ولما آجي أخرج بيكو منها يقول هاشتاج (ارحل يا سيسي)، أزعل ولا مزعلش.. في دي أزعل”.

وعلَّق الكاتب اليساري والخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق، على تصريحات السيسي، قائلا: “شاهدت مساء السبت الموافق 28/7/2018 جزءا من لقاء الجنرال السيسى بعض الشباب المختارين بعناية، والحقيقة التى أعترف لكم بها أننى لم أعد أطيق رؤية هذا الرجل، أو الاستماع إلى مغالطاته، ولا أبالغ إذا كشفتُ أكاذيبه على الرأى العام، وقد ذكر الرجل مجموعة من المعلومات المغلوطة التى وجدت من المناسب مناقشتها وتفنيدها بالأرقام أمام الرأى العام”.

وأشار فاروق- خلال مقال رد فيه على تصريحات السيسي- إلى أن أول مغالطاته خلال كلامه المبتذل، أن تكلفة زيادة أجور المدرسين بقيمة ألف جنيه فقط شهريا سوف تكلف الخزانة العامة 15 مليار جنيه سنويا، وأننا غير قادرين على ذلك، برغم رغبتنا فى تحقيقها، وأحد أسباب ذلك هو أن بقية الفئات الوظيفية سوف تطالب بالزيادة أيضا.

وقال فاروق: إن الحقيقة أن هذا الكلام يعكس مغالطة وسوء إدارة للموارد معا، فمن ناحية تعتبر وزارة التربية والتعليم هى أكبر موظف للعاملين، حيث يعمل بها حوالى 1.7 مليون موظف، منهم 1.3 مليون مدرس وإدارة مدرسية، وهؤلاء يحصلون على أدنى الدخول الوظيفية فى البلاد، حيث يحصلون على راتبهم الوظيفى والأجور المكملة لا تزيد على 1200 جنيه كحد أدنى إلى 3500 جنيه للمدرسين الذين قاربوا على سن الستين، بالمقابل فإن الجنرال السيسى قام بزيادة أجور وحوافز فئات وظيفية أخرى بصورة كبيرة جدا خلال سنوات حكمه، مثل ضباط الجيش والشرطة وأفراد الشرطة، والقضاة والعاملين فى السلك القضائى، والسلك الدبلوماسى والقنصلى، وأعضاء مجلس النواب والوزراء والعاملين فى أجهزة الاستخبارات بكافة فروعها، حيث إن حصة العاملين فى وزارة التربية والتعليم وبقية العاملين فى المحافظات (وعددهم يزيد على 3.5 مليون موظف) لا يزيد على 45% من كعكة الأجور والرواتب الواردة فى الموازنة العامة. بينما العاملون فى وزارات القوى والجهاز الإدارى (وعددهم لا يزيد على 1.3 مليون موظف منهم 830 ألفًا فى الشرطة) يحصلون على 55% من كعكة الأجور والرواتب.

وأكد أن جوهر الخلل فى إدارة الموارد المالية، والتحيز لصالح فئات معينة بسبب حاجة النظام إلى ولائها وطاعتها، مثل القضاء والشرطة والجيش والوزراء وأعضاء مجلس النواب، على حساب الفئات الوظيفية الأضعف التى ينظر إليها نظام الجنرال السيسى بازدراء واستهانة، كما قال بالنسبة للمدرسين.

وأضاف أنه بالنسبة للمدرسين، فإن إعادة تنظيم موارد وزارة التربية والتعليم من شأنها زيادة دخلهم الشهرى بحوالى 750 إلى 1000 جنيه شهريا لكل مدرس، من خلال إعادة النظر فى طريقة صرف بعض المخصصات المالية، مثل مكافأة الامتحانات التى تصرف فى نهاية العام الدراسى، وبمتوسط 3500 جنيه إلى 5000 جنيه للمدرس أو العامل فى قطاع التربية والتعليم، بينما يظل المدرس طوال العام يحصل على أدنى الرواتب والدخول (فى المتوسط بين 1200 جنيه للمدرس الحديث إلى 3500 جنيه للمدرس الذى أمضى فى الخدمة حوالى 30 عاما) ، فإذا أعدنا توزيع المخصص المالى لمكافآت الامتحانات على مدار العام، يزيد دخل المدرس فى المتوسط بين 750 إلى ألف جنيه شهريا، ومن شأن ذلك تخفيف حدة العوز والحاجة للمدرسين التى تدفعهم دفعًا إلى تعاطى جريمة الدروس الخصوصية.

فيما قال الكاتب الصحفي وائل قنديل: إن عبد الفتاح السيسي استبق الذكرى الخامسة لمذبحة القرن، بمحاولة إشعال النار في المعاني والمبادئ التي تأسس عليها اعتصام رابعة، حينما أهان القيم العسكرية، بفقرةٍ استعراضيةٍ، تشبه شغل الحواة، حين يطلب من بطل المذبحة الأولى وزير الدفاع محمد زكي الصعود إلى خشبة المسرح، لكي يلهو الصغار بعملية تجريده من رتبته العسكرية القديمة، ووضع رتبةٍ أعلى على كتفيه، في مشهدٍ ينافس أفلام نادية الجندي في إسفافها وابتذالها، ليتمدّد الحكم بإعدام معتصمي رابعة، ويشمل منطوقه منح ترقيةٍ استثنائيةٍ للقتلة، تكريسا لمبدأ مكافأة الجناة، والإمعان في التنكيل بالضحايا.

وأضاف- خلال مقاله اليوم بصحيفة “العربي الجديد”- “ألقى السيسي لمعارضيه ببالون هاشتاج الرحيل الذي يُغضبه، فيعلن بالتزامن مع مذبحة الأحكام أنه “زعلان” من الوسم الذي يطالب برحيله، فينصرف الناس عن مأساة أحكام الإعدام، وتندلع موجات السخرية ويتجدّد الحشد الإلكتروني حول “ارحل يا سيسي”، ويطير الغضب في الفضاء الإلكتروني، بينما كل شيء يمضي في طريقه المرسوم على الأرض: عمليات ذبح بالجملة على منصّات القضاء، ولا ردة فعل حقيقية هناك.”