للعام الثالث على التوالي، سجل مشروع الوهم في قناة السويس الجديدة، خسائر كبيرة، بعد النصب على أموال المودعين الذين استجابوا لخديعة قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، ووضعوا 68 مليار جنيه، في صورة شهادات استثمار، قام السيسي بالسطو عليها، ليعترف بعدها خلال تعليقه على فشل المشروع، بأن المشروع كان لرفع معنويات الشعب المصري، وليس لتحقيق المكاسب التي وعد بها السيسي.
اعتراف عبد الفتاح السيسي لم يكن هو الأكثر إبهارا لمسامع المصريين الذين وقعت عليهم الكلمة كالصاعقة، بل الأكثر إبهارا هو ما أملى به السيسي على زبانيته في وسائل الاعلام بأن فشل المشروع ليس له علاقة بفشله والادعاء بأن السبب الوحيد هو اكتشاف أن أموال المودعين في المشروع كانت أموال حرام.
هكذا اعتبر إعلامي الانقلاب تامر أمين، أن السبب في فشل مشروع قناة السويس هو أن أموال المصريين المساهمين كانت أموالا حراما، وليس بسبب فشل السيسي.
كأن السيسي يرد على بعض المواطنين الذين وثقوا به واقتنعوا بمشروعه، ويقول لهم: ” أنتم أيدتموني وصدقتموني وأنتم تعرفون أني قاتل ومخادع وأني أكذب كما أتنفس فلماذا الأن تطالبون بعوائد دعمكم لهذه الكذبة وأنتم شركاء فيها وفي الدماء والوهم الذي زرعته من اجل الوصول للحكم، أنتم أموالكم حرام فلماذا تطالبون بها الآن وما جاء من الحرم ذهب إلى الحرام”
وما يؤكد هذه الرسالة التي يبلغها نظام السيسي إلى مؤيديه، هي اقتناعه بأنهم سماعون للكذب حينما سكتوا على سرقة أموالهم رغم تحذيرات كل الخبراء المحليين والدوليين من فشل المشروع، إلا أنهم استجابوا ووثقوا في السيسي ليس لأنه محل ثقة وجدير بها ولكن لأنهم عرفوا أنه يلبي شهواتهم من الدماء والكذب.
لم يكتف السيسي بالمشروع، بل أنفق مليار جنيه على احتفالات الافتتاح، وسط وعود بعائدات مادية ضخمة في أغسطس2015 ، إلا أنه وبعد مرور عامين على افتتاح المشروع الذي روجت له وسائل إعلام مؤيدة للسلطة باعتباره قناة موازية لقناة السويس كشفت الأرقام الرسمية عن مدى وهم الوعود الخاصة بعائدات المشروع الذي تكلف 68 مليار جنيه.
ووفقا لبيان رسمي للهيئة العامة لقناة السويس تراجعت إيرادات القناة لعام 2016 بنسبة بلغت 3.3%، مقارنة بإيراداتها عام 2015.
وبلغت إيراداتها 5.005 مليارات دولار، مقارنة بـ 5.175 مليارات دولار في عام 2015، وانخفاضا من 5.465 مليارات دولار في 2014.
كان رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش قد توقع أن تصل العائدات السنوية للقناة بعد تشغيل الممر الجديد إلى مئة مليار دولار.
وأمام الأرقام الرسمية التي تتناقض مع حجم الدعاية للمشروع وعائداته لم يكن أمام السيسي سوى إعادة تعريف المشروع الكبير بما يناسب الخسائر التي حققها، فقال في يونيو 2016 إن “قناة السويس الجديدة كان الهدف منها رفع الروح المعنوية للمصريين”.
غير أن السيسي لم يوضح ما إذا كان مشروع القناة قد رفع حقا الروح المعنوية للمصريين الذين دفعوا 64 مليار جنيه في صورة شراء شهادات استثمار بفائدة سنوية 12%، لإنجاز هذا المشروع.
إلى ذلك ثمة خسائر أخرى سببها المشروع، وهي نقص النقد الأجنبي في ذلك الوقت بسبب إسناد الحكومة أغلب أعمال الحفر لشركات أجنبية، ودُفعت مستحقاتها المالية بعملات أجنبية، وفق ما أعلنه رئيس البنك المركزي السابق هشام رامز قبيل تقدمه باستقالته من منصبه في أكتوبر 2015.
مشروع توسعة قناة السويس الذي أكد خبراء أنه وهم كبير، والسيسي يعرف جيدا أن مشروعه فشل فشلا ذريعا، لخسارة مليارات الدولارات بلا عائد، بعد أن تم المشروع مع عدم إعداد دراسة جدوى محكمة، وضغط مدة تنفيذ المشروع إلى عام بدلا من ثلاثة أعوام، ودفع تكاليف الحفر بالعملة الصعبة ما أدى لنقص حاد في النقد الأجنبي.
إلا أن مؤيدي النظام الحالي هم فقط من صدقوا الدعاية للمشروع، “ولكن هذا التصديق لم يدم طويلا، فما انقضى العام الأول على افتتاح المشروع حتى انكشف فشله وذهبت كل التصديقات بغير رجعة”.