تصريحات حكومية لخلق مناخ تشاؤمي.. فهل يتم اعتقال الوزراء؟

- ‎فيأخبار

كتب- يونس حمزاوي:

في أواخر شهر سبتمبر الماضي ألقت وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب القبض على بعض عناصر جماعة الإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية في العالم والتي حازت على ثقة الشعب المصري في كل الاستحقاقات الديمقراطية النزيهة التي جرت في مصر بعد ثورة يناير 2011م.

وأصدرت وزارة الداخلية وقتها بيانا قالت فيه إنها «أحبطت مخططا إخوانيا «يهدف لضرب الاقتصاد والسعي إلى خلق مناخ تشاؤمي عن طريق اصطناع الأزمات واستغلال مشكلة الدولار بدعوى فشل الدولة في تنفيذ خطط التنمية».

البيان المذكور ووجه بعاصفة من السخرية والتهكم حتى إن رئيس تحرير جريدة الشروق عماد الدين حسين الموالي لسلطات الانقلاب  هاجم البيان قائلا: «لو جاز لي الاقتراح وإسداء النصح لطلبت من وزارة الداخلية أن تتوقف فورا عن إصدار مثل هذه البيانات التي تجعل الناس تتهكم عليها بدلا من أن تسخط على الإخوان».

وتساءل حسين «هل هناك تهمة قانونية بهذا التوصيف نفسه؟ نتمنى أن تكون بيانات كل الوزارات والهيئات هادئة واضحة ومحددة ومنضبطة ودقيقة، وقابلة للقياس، حتى لا يتم استخدامها للسخرية والتريقة ضدها، على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعود بعدها الحكومة لتشكو وتتهم الجميع بأنه يعمل ضدها.. نرجوكم اضبطوا مصطلحاتكم وكلماتكم وبياناتكم..».

مناخ تشاؤمي في كل شيء

 

وفي مقال له كتب الزميل عمرو بدر تحت عنوان «إلى أين يسير البلد؟» حيث سخر من هذا الاتهام قائلا «الأزمة الحقيقية أن هناك في داخل النظام من يحاول اختلاق اتهامات عبثية مثيرة للسخرية، فالحقيقة أن الغالبية من المصريين يعيشون في مناخ تشاؤم وإحباط دون الحاجة إلى خلية إخوانية تنشر التشاؤم أو تشكك في ما تعتبره السلطة إنجازات عظيمة، بل نستطيع القول إن الغالبية العظمى في مصر يسيطر عليها التشاؤم من المسار والمصير الذي تسير فيه وإليه البلد، حتى أنصار الرئيس والسلطة القائمة، ما الذي يحتاج إليه المصريون حتى يسيطر عليهم التشاؤم أكثر من وصول سعر الدولار إلى أكثر من اثني عشر جنيها وعدم وجوده أصلا ؟ ما الذي يدعو إلى التفاؤل وسط حالة من الغلاء المجنون لم تحدث من قبل».

 

تصريحات حكومية تنشر روح التشاؤم

 

من المفارقات العجيبة حقا أن تصريحات وزراء حكومة الانقلاب يمكن بكل سهولة إدراجها تحت دائرة خلق مناخ تشاؤمي ونشر ورح اليأس والأحباط بين الجماهير..وهو ما يمكن محاكمة وزراء بناء على هذه التهمة الغربية.

 

فبدلا من من أن يجد المواطن أية إشارات إيجابية من قِبل الحكومة تشير، ولو من بعيد، إلى تحسّن وضعه المعيشي وتهدئة الأسعار المشتعلة، رأي في المقابل إشارات حكومية سلبية بالغة الخطورة على وضعه المعيشي تشيع أجواء من التشاؤم والإحباط.

 

فهذه سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي، تصرح لجريدة وول ستريت جورنال الأميركية بأن الحكومة تعتزم بيع حصص في قطاعات إستراتيجية، هي شركات المرافق العامة، وهي القطاعات التي ظلت خطاً أحمر للحكومات السابقة، بما فيها حكومة عاطف عبيد، التي عُرفت باسم حكومة الخصخصة والأكثر بيعاً لشركات القطاع العام.

 

وعقب التصريحات زاد قلق المصريين أكثر على أوضاعهم المعيشية بحسب الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام، فتصريح الوزيرة يعني ببساطة ارتفاع أكثر في أسعار المياه والكهرباء والمواصلات وخدمات النفع العام، عقب بيع حصص من شركات المرافق العامة للقطاع الخاص.

 

وخرج وزير البترول، طارق الملا، مجدداً ليزف للمصريين بشرى بإصرار الحكومة على رفع الدعم عن الوقود، وهو ما يعني حدوث مزيد من زيادة أسعار البنزين والسولار والغاز وغيرها من المحروقات، ولن تسكت الحكومة إلا مع وصول أسعار الوقود محليا إلى الأسعار العالمية، رغم الفارق الكبير بين الأجور في مصر والدول التي تطبق تلك الأسعار.

 

ويتكرر السيناريو مع أسعار الكهرباء التي تخطط الدولة لرفع الدعم عنه نهائيا خلال 5 سنوات، حسب تصريحات لوزير الكهرباء محمد شاكر.

 

ومع الحديث الحكومي المتواصل عن تنقية البطاقات التموينية، وتسرب تصريحات من داخل وزارة التموين تشير إلى عزم الحكومة حذف 45 مليون شخص من البطاقات، يتنامى القلق بين غالبية المصريين، خاصة وأن التقارير الرسمية تشير إلى أن ما يزيد عن 27% (ما يعادل 20 مليون مواطن) فقراء يستحقون دعم التموين ورغيف الخبز، في حين ترفع مؤسسات دولية النسبة لأكثر من 40%.

 

إذًا.. هناك قلق متنام وسريع بين المصريين وهناك خلق لروح التشاؤم والإحباط من جانب الوزراء في الحكومة .. قلق لا يطاول فقط تحويشة عمرهم ومدخراتهم في البنوك بسبب التضخم، ولكن قلق على المستقبل بالكامل، والمطلوب إجراءات حكومية على الأرض تمتص هذا القلق وتتعامل معه بشكل جدي، وليس عبر تصريحات إعلامية فقد الجميع الثقة بها بل إن بعضها ينشر روح اليأس والتشاؤم.. فهل يتم اعتقال هؤلاء الوزراء كما تم اعتقال الخلية الإخوانية؟!