تخلى الشاب المصري محمد سلطان عن جنسيته المصرية للحفاظ على حياته والنجاة من غدر وظلم العسكر، وعلى الصعيد الآخر وافق السيسي على منح الجنسية المصرية للأجانب من أوروبيين وغيرهم من الملل الأخرى، مستهدفا منحهًا لليهود، لا سيما من غادروا مصر طوعًا أو كرهًا بعد احتلال فلسطين وإنشاء وطن قومي لهم باعتراف بريطانيا.
وهو ما أكده الكاتب الصحفي وائل قنديل، عندما أشار إلى أن برلمان السيسي يرفض مادة تحظر منح الجنسية المصرية للصهاينة في مشروع قانون "إقامة الأجانب والجنسية".
من فجر أزمة منح الجنسية المصرية للأجانب لجنة الدفاع والأمن القومي ببرلمان العسكر، التي أعلنت عن موافقتها على مشروع قانون منح الجنسية المصرية للأجانب برسوم قدرها 10 آلاف دولار وعقار ملك، ليسلط الضوء على أن سياسة البيع من قبل العسكر لا تتوقف في مقابل توفير السيولة، حتى لو جاء ذلك على حساب الأمن القومي.
الطريف أن مشروعات السيسي لتجنيس اليهود تأتي مقابل مشروعات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستثناء ليس فقط المواطنين غير الأمريكيين من أصول أوروبية، بل يطالب بطرد النائبتين الديمقراطيتين "إلهان عمر" و"فريدة طالب"، فقط لأنهما مسلمتان تجرّأ عليهما نجم حلبات المصارعة.
الشرط الذي وضعه السيسي أن تمنح الجنسية المصرية مقابل استثمار و10 آلاف دولار، أو بحسب نشطاء "يأخذ الجنسية مقابل وضع وديعة ويشاور على أي حتة أرض والسيسي يعمل حريقة أو يهجر أهلها قسريًّا زي سيناء، أو كفيل إماراتي معاه شوال رز.. شاور مثلا على الوراق والسيسي يهجر أهلها قسريًّا".
الصهاينة المستفيد
المحامي والسياسي عمرو عبد الهادي، اعتبر أن "مصر ومنذ انقلاب 30 يونيو، وإدارتها عميلة للكيان الصهيوني، وأنه لو كان فيه علاقة طيبة بين الرئيس مرسي والصهاينة كانوا نبهوه للانقلاب العسكري، الذي أعلنوا قبلها بأيام معرفتهم بما يدور في ملتقيات عسكر كامب ديفيد".
واعتبر عبد الهادي أنه "بعد 6 سنوات من الانقلاب، فإن الكارثة الأكبر هي: منح الجنسية المصرية للإسرائيليين بـ10 آلاف دولار على طبق من ذهب، وليس هذا بغريب فالسيسي له أصول يهودية، وهو ابن مليكة تيتاني اليهودية من أصول مغربية، كما قالت بذلك مكتبة الـ(سي إن إن)".
وبالمقابل طالب عبد الهادي، في حوار له مع قناة "وطن"، بأن تتاح الجنسية الإسرائيلية لأنصار عبد الفتاح السيسي، فهم المستفيد الأول بعد الصهاينة من هذا القرار، وفسر ذلك بأن برلمانيًّا اقترح أن يتم استثناء الإسرائيليين بمادة تمنع وصول الجنسية لهم، إلا أن برلمان علي عبد العال رفض الاقتراح وقال رئيسه "لا إحنا أصلا عاوزينهم".

حصان طروادة
واعتبر الباحث حازم عبد الرحمن أن قانون منح الجنسية الذي أقره السيسي و"نوابه" في برلمان العسكر "حصان طروادة الصهيوني".
ورأى أن ما يكشفه القانون هو الحالة التي سقطت فيها مصر منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013, وأن البرلمان المزعوم ليس إلا أداة في يد السيسي لاستمرار مخططه في تخريب البلاد وتسليم مقدراتها لدول وكيانات خارجية, طمعا في رضاهم عن بقائه مغتصبا لسلطة الحكم في مصر, كما يؤكد أيضا تهمة عمالته للعدو الصهيوني, والتي باتت لا تحتاج إلى دليل, وكذلك أكدت فشل حكم العسكر, وضحالة وعيهم بالمخاطر التي تترتب على استباحة الأجانب للبلاد, حيث تتحول الجنسية المصرية إلى سلعة يشتريها المتربص والعدو المتخفي، بما يشكل خطرا على الأمن القومي.
وأضاف أن ذلك بشكل خاص في ظل التهديدات التي تحيط بالمنطقة، وتحاول فرض تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء حق عودة للفلسطينيين, وتوطينهم في بلدان عربية بدلا من أراضيهم المحتلة, وقد كشفت أيضا عن حالة القمع غير المسبوقة التي جعلت الحياة السياسية في مصر تمر بحالة موات؛ فلا مظاهرات, ولا احتجاجات ضد القانون الكارثة.
وكمثال من التاريخ، قال إن منح الجنسية المصرية للأجانب في هذه الظروف يمثل تجسيدا للأسطورة الإغريقية القديمة حول حصان طروادة, الذي كان حيلة جيش الإغريق لاحتلال المدينة بعد خداع أهلها, لكن يقظة الشعب المصري تنتظر الفرصة لهدم كل ما يخطط له العدو وعملاؤه, وإن غدا لناظره قريب.
7 ملايين جنيه
غير أن إجماعا حتى من بعض الأذرع على رفض القانون المعيب، حتى في ظل طرحه الأول الذي قدر ما يتم دفعه مقابل الجنسية نحو 7 ملايين جنيه، وكتب حينها محمود الكردوسي في جريدة الوطن، في يوليو 2018: "مجلس النواب- وفقا لخبر تداولته الصحف المصرية اليوم- وافق على منح الجنسية للمقيمين فى مصر مقابل وديعة بنكية 7 ملايين جنيه أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية!. يا بلاش!. لماذا؟. لأن هذا المبلغ يعتبر زهيدا لمن يحتاج إلى الجنسية. وهو لا يحتاج إليها إلا لأنه يحتاج إلى «تسهيلات» أو «تسليك مصالح»، إذ ليس فى مصر- بصراحة- ما يغرى على طلب جنسيتها: لا بشر ولا طبيعة ولا «سيستم». بالعكس.. بيروقراطيتها والفساد المعشش فى أضابيرها لا يشجع غريبا أو قريبا على شراء جنسيتها. ثم كم تساوى 7 ملايين جنيه إذا وقعت الجنسية فى يد مستثمر جشع أو مرتزق أو عميل لجنسية أخرى؟!".

950 صهيونيًّا
النائب المعترض كمال الدين حسين أثناء عرضه المقترح على البرلمان، قال "لدينا 950 شخصًا من الكيان الصهيوني من أصول مصرية يطالبون بأملاكهم في مصر، احنا عايزين نكتب مادة واحدة جديدة تنص على ألا يجوز منحها مطلقًا لحاملي الجنسية الإسرائيلية أو الفلسطينيين.
وأضاف "النائب" ببرلمان العسكر أن "الحكومة سايبه الدنيا سداح مداح في موضوع منح الجنسية المصرية".
وينص مشروع القانون الجديد، على جواز منح الجنسية المصرية لكل أجنبي قام بشراء عقار مملوك للدولة أو لغيرها، أو بإنشاء مشروع استثماري وفقًا لأحكام قانون الاستثمار، أو بإيداع مبلغ مالي بالعملة الأجنبية كإيرادات مباشرة تؤول إلى الخزانة العامة للدولة، أو كوديعة في حساب خاص بالبنك المركزى.
فلسفة معيط
وفي وقت سابق قال وزير المالية بحكومة الانقلاب د.محمد معيط: إنه لا يوجد دولة في العالم تبيع جنسيتها لمواطنين أجانب، مبينا أنه يمكنها أن تمنحها للمستثمرين ومن حقها أن تأخذها منهم مرة أخرى.
وأضاف، خلال برنامج «على مسؤوليتي» المذاع على فضائية «صدى البلد»، أن «العديد من دول العالم تشجع الاستثمار من خلال تسهيل إجراءات الإقامة، وأن الدولة المصرية غير مجبرة بإعطاء الجنسية لأي أحد أيا كانت جنسيته».
وأكد أن العديد من دول العالم تشجع على الاستثمار من خلال تسهيلات إجراءات الإقامة، مؤكدًا أن إعطاء الجنسية يخضع للعديد من المعايير ولا يرتبط بالأموال، وهو حق من حقوق سيادة الدولة.
وأوضح: «رجل الأعمال محمد الفايد أنفق المليارات وقام بمشروعات كثيرة في بريطانيا ولم يحصل على الجنسية البريطانية، وكان يدفع لبريطانيا 200 مليون جنيه إسترليني ضرائب ومع ذلك لم يحصل على جنسيتها».
رفض التواصل
وعلى مواقع التواصل، أطلق نشطاء هاشتاج "السيسي هيجنس اليهود"، وهاشتاج آخر بعنوان "الجنسية المصرية ليست للبيع".
كما نشر أعضاء ببرلمان العسكر رفضهم بيع الجنسية المصرية، وقالوا في ديباجة العريضة: "أعلن رفضي التام لقانون بيع الجنسية المصرية ..أرفض بيع الجنسية مقابل وديعة أو مقابل وحدة سكنية".
وقدموا عريضتهم لعلي عبد العال، رئيس برلمان العسكر، رافضين مشروع قانون منح الجنسية رقم 89 لسنة 1960 والمعدل بقانون رقم 173 لسنة 2018. وأعلنوا رفضهم منح الجنسية المصرية تحت أي مسمى، وسجلوا رفضهم للقانون والتعديلات الواردة عليه.