هدَّد حزب الله اللبناني بالرد على أي خرق صهيوني لأجواء لبنان، بعدما قال إنه هجوم إسرائيلي بطائرات مسيّرة على الضاحية الجنوبية ببيروت.
وأضاف الحزب أن الغارة الإسرائيلية الأخيرة في سوريا استهدفت منزلا للحزب، وقتلت اثنين من عناصره، وكانت دولة الاحتلال قد أعلنت عن أنها ضربت أهدافًا إيرانية في سوريا.
فعلى أي وجه يمكن أن تفهم إسرائيل تهديد حزب الله؟ وما مدى تقاطعه مع دوافع تصعيدها في الفترة الأخيرة؟ وما هي التداعيات التي يمكن أن تترتب على هذا التوتر في ضوء الظروف التي تعيشها المنطقة حاليا؟
استهداف الحشد الشعبي
بالتزامن مع خطاب كان يلقيه الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، على خلفية التصعيد الإسرائيلي في سوريا ولبنان خلال ليلة وفجر الأحد، أعلنت هيئة الحشد الشعبي في العراق عن مقتل 2 من عناصرها في قذف نفّذته طائرة مجهولة غربي العراق .
والإشارة في مثل هذه المواقف تحيل على الأرجح إلى طائرة مسيرة إسرائيلية، ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرتين خلال الأسبوع الماضي إلى مسئوليتها عن هجمات ضد الحشد الشعبي .
خطاب نصر الله الذي جاء غداة ما قالت إسرائيل إنها غارة استباقية على أهداف إيرانية في سوريا، اتهم إسرائيل بأنها خرقت قواعد الاشتباك ما بعد حرب عام 2006 وتوعدها بالرد على أي خرق لأجواء لبنان.
توسيع النشاط العسكري
تضرب هنا لتؤلم هناك، في توقيت حرج إقليميا يبدو هكذا السلوك الإسرائيلي، فسلطات الاحتلال توسع منذ فترة دائرة أنشطتها العسكرية في المنطقة، في ظرف وجيز استهدفت آلتها الحربية مواقع منتقاة في العراق وسوريا ولبنان.
هذا بعض مما انتهت إليه اثنتان من طائراتها المسيرة خرقت الأجواء اللبنانية، فكان أن سقطت إحداهما وهي استطلاعية بعد أن قذفها شبان بالحجارة حين كانت تحلق على ارتفاع منخفض، بينما نفذت الثانية هجوما انتحاريا ضد هدف في ضاحية بيروت الجنوبية معقل حزب الله اللبناني.
إنه تصعيد غاية في الخطورة، يقول الأمين العام للحزب حسن نصر الله متوعدا بإسقاط الطائرات المسيرة الإسرائيلية في سماء لبنان من الآن فصاعدا.
يبدو أن واقعة الطائرتين التي أجمعت القيادة السياسية والمكونات اللبنانية على استنكارها ستكون لها تبعات تتعدى الصراع بين حزب الله وإسرائيل، فقد أعقبت الواقعة غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي على ما قال إنها أهداف تابعة لقوات فيلق القدس الإيراني في ريف العاصمة السورية دمشق.
ينفي الإيرانيون إصابة أهداف لهم هناك، ويؤكد حزب الله أنها استهدفت منزلا لمقاتلي الحزب في سوريا، وأن اثنين من عناصره لقيا حتفهما جراء ذلك، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي والمتحدثين باسم جيشه يضعون العملية في سياق استباقي يقولون إنها تمكنت من إحباط هجوم واسع على أهداف إسرائيلية.
اعتراف صهيوني
لا تبدو بعيدة عن تلك التطورات سلسلة تفجيرات هزت خلال الأسابيع الأخيرة مواقع عسكرية ومخازن أسلحة في العراق، تتبع هيئة الحشد الشعبي المدعومة من قبل إيران.
تلميحا على غير ما فعلت أخيرا في سوريا، أشارت إسرائيل إلى مسئوليتها عن هجمات العراق تلك، لكن هل حقا أن العراق وسوريا ولبنان هي منتهى الرسائل الإسرائيلية؟.
يرى متابعون أن صندوق البريد موجود في طهران، ولا يخفى وزير الخارجية الإسرائيلي ذلك حين يعلق على غارات سوريا مثلا بقوله إن هدفها نقل رسالة إلى إيران مفادها أنه لا حصانة لها في أي مكان، لكن لماذا الآن؟
دعاية انتخابية
يصعب هنا استبعاد الحسابات الانتخابية الإسرائيلية، لعل بنيامين نتنياهو الساعي إلى فترة ثالثة على رأس الحكومة يلجأ إلى استراتيجية تهويل الخطر الإيراني، ومن ثم تقديم نفسه باعتباره الأقدر على صده، لكن الرجل الموجود في وضع غير مريح داخليا يأخذ عدته الانتخابية أيضا من الظرف الإقليمي الملتهب.
فتكثيف استهداف ما توصف بالأذرع الإيرانية على أكثر من ساحة مواجهة يتزامن مع اشتداد التوتر بين طهران وواشنطن، إلى حد خشي معه المراقبون من اندلاع حرب مدمرة للمنطقة بأكملها.
استفاد نتنياهو من ذلك التوتر لاشك في التقارب مع دول عربية باعتبار أن العدو مشترك، وهو يسعى ليكون شريكا لأولئك العرب في حلف تريد واشنطن لمواجهة طهران.
ليس معروفا إذا ما كان الإسرائيليون يتصرفون من تلقاء أنفسهم حين يوسعون جبهات تلك المواجهة إلى مناطق لإيران وجود قوي فيها ولا يعرف على وجه الدقة ما الرد الممكن أن يأتي من إيران أو حلفائها في المنطقة.