محللون: حراك 20 سبتمبر لا يمكن إغفاله.. والغضب الساطع آتٍ

- ‎فيتقارير

خلُص تحليل لمجلة "أفريكان أرجمنتس" إلى أنه في ظل الأداء الضعيف لنظام السيسي، فإن حدوث مزيد من دورات الاحتجاج والقمع والانقلابات أمر محتمل، لكنّ التغيير الإيجابي الدائم لن يتحقق إلا بإيجاد الحركات السياسية والاجتماعية المختلفة في مصر لأرضية مشتركة تتحدّى فيها الحكم الاستبدادي، معتبرًا أن أحد العناصر الرئيسية في فشل تجربة مصر الديمقراطية بين عامي 2011 و 2013 يتمثّل في عدم قدرة القوى العلمانية والدينية المؤيدة للديمقراطية على التوفيق بين جداول أعمالها.

ورغم أنه بعد فوز الإخوان المسلمين في سلسلة من الانتخابات بعد ثورة يناير 2011، قوبلت الجماعة بمعارضة واحتجاجات قوية من جانب أجزاء علمانية من المجتمع في عام 2013، وبلغت ذروتها بانقلاب السيسي واعتقال مرسي، ثم تولّي الجيش السلطة مرة أخرى، ومواجهة أي معارضة بقمع وحشي، حيث قُتل ما لا يقل عن 3130 شخصًا، معظمهم من أنصار جماعة الإخوان المسلمين والناشطين المؤيدين للديمقراطية.

إلا أنّ تحليل المجلة، الذي كان بعنوان "الاحتجاجات تعود إلى الشوارع في مصر"، وجد تشابهًا بين ما حدث في 2013 وما حدث بعد سبع سنوات من الثورة وخمس سنوات من الانقلاب العسكري، حيث اندلعت موجة أخرى من الاحتجاجات في مصر وسحقتها قوات الأمن بوحشية.

وأوضح أن هذه الموجة من الاحتجاجات منذ 20 سبتمبر تتغذى من نفس الديناميكيات التي ألهمت ثورة 2011 بشكل أو بآخر؛ فالفقر في ارتفاعٍ، والقمع السياسي متفشٍّ، بينما يتم إنفاق جزء كبير من ميزانية الحكومة على القوات المسلحة.

نقطة تحول

وبالاتفاق مع التحليل السابق قال الباحث د.خليل العناني، في مقال له بموقع الجزيرة بعنوان "نحو فهم ديناميات الاحتجاج في مصر": "إننا إزاء احتجاجات بدأت أساسا في الأطراف-بالمعنييْن السياسي والجغرافي- ولم تبدأ من المركز، مثلما كانت الحال مع ثورة 25 يناير 2011، وأن الاحتجاجات الأخيرة لم يقدها أبناء الطبقة الوسطى أو الشريحة العليا منها كما كانت الحال في ثورة يناير، بل مثّلت الطبقة الدنيا عصبَها الرئيسي، وهي تلك الطبقة التي طحنتها السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام الحالي. وقد خرج هؤلاء بعد أن سقطت سردية النظام حول مسألة "الفقر والعوز".

وأضاف أن تكتيكات الاحتجاج وأدواته لم تعد صعبة أو معقدّة كما يظن النظام وأجهزته، بل على العكس من ذلك. فقد نجح محمد علي في أن يهزّ عرش النظام عبر هاتف وكاميرا!!.

ورأى أنه إذا كانت دوافع الانتفاضة الحالية مرتبطة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمرّ بها غالبية المصريين، فإنها في عمقها انتفاضة سياسية (هذا إذا افترضنا أصلا أن ثمة فصلا بين السياسي والاقتصادي).

وخلص إلى أن الأنظمة السلطوية لا تسقط بالضربة القاضية بل بالتدريج، وعبر عمل سياسي متراكم ومتواصل. معتبرا أن مبارك سقط قبل 11 فبراير 2011 بحوالي 6 سنوات عندما رفع المصريون شعار "لا للتمديد.. لا للتوريث".

نظرة ساخرة

وتداول نشطاء مقالًا كتبه عبد الحكيم حيدر، تحت عنوان "مصر على أعتاب ما لا يُعرف"، تساءل فيه عما بعد 20 سبتمبر فقال: "خرج الناس أخيرا وقالوا له: "ارحل"، فماذا سيفعل الرجل بعدما سمعها؟ لا أحد يعرف، ولا هو نفسه يعرف، ولا حتى الناس تعرف، ولا أمريكا تعرف، ولا أوروبا تعرف، ولا الأجهزة تعرف، لأنه لا يستمع لها بعدما جعلها تحت إمرة المقرّبين منه، ولا السعودية شريكته تعرف، ولا الإمارات، لأن الفلوس صانعة الود انقطعت قدرًا".

وساخرا أضاف "فقط خرج الرجل علينا، من أسبوع، بإعادة مليوني بطاقة، أي بقزازة زيت وكيلو سكر كل شهر لكل مواطن، وربع جنيه مخروم في البنزين بعدما زاده من جنيهين إلى ثمانية جنيهات، وهذه أولى مراحل جني ثمار الحنظل، بعد ست عجاف رأى فيها المصريون المذابح والأهوال، فكيف وأين سيُنفق المصريون كل هذه الثمار؟".

سخط تحت الهدوء

كما نشرت "دويتشه فيله"، على موقعها الإلكتروني، تقريرا عن الأوضاع في مصر، كتبه شتيفان هاينلاين، مراسل محطة "ARD" الألمانية، قال "إن واحدا من كل ثلاثة مصريين يعيش تحت خط الفقر وفقًا لبيانات رسمية. الغضب في الشارع المصري لا يمكن إغفاله، لكن انتقاد السيسي خط أحمر يخشى الكثيرون من تجاوزه، خاصة بعد حملات الاعتقال الأخيرة.

ورأى التقرير أن الهدوء الذي يبدو في الشارع خادعٌ، فتحت هذا السطح الهادئ تنمو حالة من السخط على النظام لدى الكثير من المصريين، فانتقاد الرئيس مسألة محظورة، والمعارضة تم إسكاتها، والشرطة وقوات الأمن حاضرة في كل مكان. والقليلون فقط يمكنهم فتح أفواههم والتعبير عن رأيهم.

غير أنه ألقى بالًا للقيود المفروضة على حرية الصحافة والتظاهر، ورجال الأمن في الملابس المدنية يراقبون شوارع العاصمة المصرية، في مناخ من الخوف والترهيب، مستدركا أنه لهذا السبب يرفض معظم الناس الكلام عند سؤالهم عن رأيهم!.