بعد خراب اليمن.. هل ينقذها اتفاق الرياض من التفتت والتقسيم؟

- ‎فيعربي ودولي

مثل الكلمة الجنائزية التي تقال فوق المقابر أثناء دفن الفقيد، تكلّم غراب الخراب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وزعم أن ما يُعرف بـ”اتفاق الرياض” المتعلق بالأوضاع في اليمن سيجمع شمل اليمن المبعثر، مشددا على خطته بتقطيع أوصال اليمن السعيد، زاعمًا “سنواصل السعي لتحقيق تطلعات الشعب اليمني والوصول لحل سياسي”!.

وبالغ ابن سلمان في زعمه قائلًا: “هدفنا نصرة الشعب اليمني ومواجهة التدخلات الخارجية في شئونه الداخلية”. ووقعت كلٌّ من الحكومة اليمنية الموالية للرياض، وممثلين عن المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، على ما يعرف بـ”اتفاق الرياض” المتعلق بالأوضاع في اليمن.

شيطان الخراب

وحضر مراسم التوقيع كلٌّ من الشيطان ابن سلمان، وحليفه محمد بن زايد شيطان الإمارات، إضافة إلى الرئيس الذي يلعب دور الطرطور عبد ربه منصور هادي، ونجحت الإمارات في إضعاف الحكومة الشرعية، غير أنها خسرت حلفاءها وقاعدتها الشعبية بشكل واسع في اليمن، إثر انكشاف خططها ومؤامراتها لـ“تفتيت الشرعية” الدستورية، وتدمير ما تبقّى من أواصر الوحدة اليمنية، ومعها تدمير أواصر القربى وتفتيت النسيج الاجتماعي، ليس بين الشمال والجنوب اليمني فحسب، بل بين كل مناطق اليمن في شماله وجنوبه.

ووفقًا للعديد من السياسيين اليمنيين، فقد أصبح المزاج الشعبي اليمني يتفجّر يومًا بعد يوم ضد الإمارات، ويزداد غضبًا ضد سياسات أبو ظبي في اليمن، ولم يعد أحد يطيق سماع اسمها ولا أسماء عيال زايد، كما يُطلق على حكام أبو ظبي.

وذكروا أن اليمنيين صبروا كثيرا على تجاوزات الإمارات في اليمن، وكانوا في البداية يجهلون خططها، فكانوا يتلمّسون العذر لتجاوزاتها الكبيرة، وكانوا يعتقدون أنها أخطاء غير مقصودة أو ربما لحكمة غير معروفة.

حتى جاء اليوم الذي كشفت فيه أبو ظبي عن وجهها، لتستخدم دباباتها وآلياتها الثقيلة وطائراتها العسكرية لقصف الجيش الوطني وقصف المدنيين وتدمير البنية التحتية للبلاد، حيث تدّعي أبو ظبي أنها جاءت لمناصرة الشرعية وإعادتها إلى اليمن، إثر انقلاب متمردي جماعة الحوثي عليها في العاصمة صنعاء عام 2014.

وأوضحوا أن المزاج الشعبي اليمني لم يعد قادرا على تحمل المزيد من الضربات الموجعة والقاصمة للظهر من قبل الإمارات في اليمن، فأضحى الشارع اليمني مشحونا ضد الإمارات وتدخلاتها العسكرية في اليمن، يعبر عنها بمختلف الوسائل المتاحة أمامه بشكل عفوي، بالمظاهرات وبالمسيرات وبالحملات الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي أو في وسائل الإعلام التقليدية، في الداخل والخارج.

ستخسر الشارع

وذكر أستاذٌ للعلوم السياسية في جامعة تعز، فضل عدم الإفصاح عن هويته لأسباب أمنية، أن أبو ظبي قد تنجح في إضعاف الشرعية في اليمن، عبر شراء ولاءات بعض قيادتها أو في ضخ أموال طائلة لإخراج مسيرات مؤيدة لها في مناطق سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، لكنها ستخسر الشارع اليمني، بينما السلطة الحالية قد تتغير في أي لحظة من لحظات الزمن الأغبر، وتأتي غيرها، إما عبر الشرعية الدستورية أو عبر الشرعية الثورية، وتضيع ما حققته الإمارات من مكاسب طارئة إلى الأبد.

وقال: إن “التعويل على الأموال لتدمير الأوطان ليس ناجعا على الدوام، وسياسة أبو ظبي في اليمن قد تشكل انكسارا آنيًّا للحكومة الشرعية، لكنها لن تنجح على المدى البعيد في الاستحواذ أو في إحكام السيطرة على الوضع في اليمن لصالح أبو ظبي، طالما توافقت التوجهات الرسمية والشعبية ضد السياسة الإماراتية التي انكشفت أهدافها التدميرية لليمن”.

ومع استمرار الحرب بين “التحالف العربي” بقيادة السعودية من جهة، والحوثيين المسيطرين على زمام الأمور في العاصمة اليمنية صنعاء من جهة ثانية، زادت تكلفة الحرب على من تبقى من الشعب اليمني، ولم يأبه طرفا الحرب بالكارثة الإنسانية التي حلت باليمن وحذرت منها المؤسسات الإغاثية الدولية.

فالتكلفة البشرية للصراع كلفت اليمنيين أكثر من 58 ألف جريح وقرابة 9000 آلاف قتيل، وهناك اشتباه في إصابة قرابة مليون يمني بمرض الكوليرا، الذي أودى وحده بحياة 2.200 بحسب أرقام وكالة فرنس برس، فيما يتعرض 6.8 ملايين يمني لخطر المجاعة بسبب الحصار، ويعاني 17 مليونًا من نقص حاد في الغذاء.

لكن الغريب في الأمر أن التحالف العربي استمر في قصف أهداف تؤثر على ملايين اليمنيين ولا تؤثر على طرف الصراع الآخر، فاستمرت طائرات التحالف في قصف مستشفيات ومدارس وتدمير جسور ومحطات لتوليد الكهرباء وموانئ بحرية، كما استهدفت- بحسب تقارير- المصانع المنتجة للحليب والشاي والأنسجة والسيراميك والكوكاكولا ورقائق البطاطس، وقصفت حفلات الزفاف والجنائز.