بعد مفاوضات أحيطت بالسرية وقع الرئيس الراحل محمد أنور السادات على الاتفاقيتين الإطاريتين لإعلان معاهدة السلام مع الاحتلال الصهيوني منتصف سبتمبر عام 1978 لكنه كان يدرك أن الصهاينة لن يكفوا عن العبث بأمن مصر ولم يملك يومها سوى القول إن المسألة الوحيدة التي قد تزج بنا إلى الحرب مرة أخرى ستكون المياه.
واليوم يبدو أن العجز هو كل ما يمكن أن يعبر عن الحالة المصرية في أزمة سد النهضة الإثيوبي، فلا العامل العسكري يمثل حلا بيد نظام العسكر ولا القوى السياسية حلا أمام إثيوبيا، الحديث الأمريكي والصهيوني الأهم في قلب القارة الأفريقية .
عجز بات نظام السيسي معه مجبرا على طلب الوساطة من واشنطن والرهان عليها في حلحلة المشهد الإثيوبي من عملية التفاوض ليأتي إعلان الإدارة الأمريكية مؤخرا عن اقتصار هذه المباحثات على الجانب السياسي محبطا لهذه المساعي وليؤكد الجانب الإثيوبي تمسكه باستقلال المفاوضات الفنية عن أي تفاهمات تحققها هذه الوساطة ما يعني إعادة مسار الأزمة مجددا إلى المربع صفر.
استجابة للطلب المصري تستضيف واشنطن اجتماعا ثلاثيا لوزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا بمشاركة رئيس البنك الدولي في محاولة جديدة لدفع مسار المفاوضات المتعثر بين البلدان الثلاثة بشأن أزمة سد النهضة.
وبحسب مصادر دبلوماسية أكدت الإدارة الأمريكية للأطراف الثلاثة أن المفاوضات ستكون سياسية الطابع وليست فنية لكنها ستحاول الوصول إلى خارطة طريق واضحة لمفاوضات جدة وجديدة على المستوى الفني تدل على تعويل الدبلوماسية المصرية على هذه الوساطة، كما بدا في تصريحات السيسي عن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وتأكيده على اهتمام الأخير وحرصه البالغ على إنجاح هذه المباحثات.
في المقابل قلل مراقبون من التأثير الأمريكي في أديس أبابا الحليف الأبرز لواشنطن في منطقة القرن الأفريقي والتي تصر على تمسكها باستقلال المفاوضات الفنية تماما عن هذه المحادثات.
قناة مكملين ناقشت عبر برنامج قصة اليوم، أزمة مشروع سد النهضة الإثيوبي ومأزق الوسيط الدولي في مساعي الحل، وعلام يراهن السيسي في مباحثات واشنطن؟، وهل تتحلى واشنطن بصفات الوسيط المحايد؟
الدكتور محمد جابر عضو لجنة الدفاع والأمن القومي ببرلمان 2012، رأى أن الاستجابة الأمريكية لطلب سلطات الانقلاب بالتوسط في أزمة سد النهضة يعد تقديرا للدور المصري.
وأضاف أن قيام أمريكا بدور فعلي في المباحثات يتوقف على عدة محاور أولها هل تملك أمريكا رفع معدلات الأمان في السد بعد انتهاء أكثر من 70 % من الإنشاءات، وهل تستطيع أمريكا تغيير موقع السد نظرا لوجود تخوفات حول انهياره وتسببه في إغراق مصر والسودان، وهل تضمن أمريكا عودة حصة مصر كاملة من المياه بعد ملء خزان السد.
وأوضح أن اشتراط إثيوبيا لحضور المباحثات عدم التطرق في المسائل الفنية والتي تتضمن معدلات الأمان ومساحة الخزان ومدة ملئه وموعد تحويل المجرى وموعد عودته إلى مساره الطبيعي.
https://www.facebook.com/mekameeleen.tv/videos/450014582289195/
بدوره رأى الدكتور محمد عويص، الخبير في الشئون الأمريكية، أن لجوء مصر إلى واشنطن كوسيط هو الخطأ الأكبر بعد فشل ترمب في كل مشاريعه وعدم قدرته على تأمين ما يتفق عليه، ودليل على عجز مصر.
وأضاف عويص، أنه كان الأجدر بحكومة الانقلاب اللجوء للتحكيم الدولي لأن هناك اتفاقية 1929 وأيضا اتفاقية المياه بين السودان ومصر عام 1959م، وهذه الاتفاقيات لا تلغى واللجوء لأمريكا يعني إلغاء كل الاتفاقيات الموقعة سابقا والتي كانت تضمن حق مصر في مياه النيل.
وأوضح عويص أن لجوء السيسي لواشنطن يعد تنازلا عن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، موضحا أن ترمب ليس رجل الصفقات بل هو رجل عصابات يحترف التحايل ولا يوجد أي مشروع من مشاريعه لم ينته دون العرض على المحاكم ولا زالت هناك أكثر من 2700 قضية متداولة على مشاريع ترمب.
https://www.facebook.com/mekameeleen.tv/videos/2462528327352859/