ماذا وراء انسحاب المرزوقي من المشهد السياسي؟

- ‎فيعربي ودولي

يخشى كثير من المراقبين أن تكون للإمارات يد خبيثة وراء إعلان الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي عن انسحابه من رئاسة حزب “الحراك”، ومن الساحة السياسية التونسية، وذلك إثر نتائج الانتخابات الأخيرة التي قال إنه يتحمل مسئوليتها.

وخاطب التونسيين بقوله: إن الانتقال الديمقراطي هدف الثورة التونسية والربيع العربي، وقال إنه يتحقق في تونس “بسرعة أكبر من أي قطر عربي”، وحذر التونسيين من تصديق من يدعو إلى تعديل الدستور لإقرار نظام رئاسي من أجل ضمان استقرار الدولة، مؤكدا أن النظام الرئاسي لو كان أنجع الطرق لقيادة الشعوب “لما أدى بنا إلى الثورة وخراب أغلب أقطار الوطن العربي”.

يقول الناشط التونسي فتح الله مراد: “ولو جاز للتاريخ أن يعيد نفسه ألف مرة فإنّ الرجل كما عرفناه لن يسلك إلاّ طريقا يخطه وفقًا لقيمه ومبادئه. صحيح أن ذاكرة الشّعوب قصيرة ولكن ذاكرة التاريخ طويلة. تحيّة شكر وعرفان إلى الرئيس الدكتور محمد المنصف المرزوقي”.

ثأر الإمارات

وفي 27 سبتمبر 2013، استدعت وزارة الخارجية الإماراتية سفيرها لدى تونس، سالم القطام الزعابي، إلى العاصمة أبو ظبي؛ في أعقاب هجوم الرئيس التونسي المنصف المرزوقي على جنرالات الانقلاب، ومطالبته بإطلاق سراح الرئيس الشهيد محمد مرسي.

واتّهم الرئيس التونسي السابق، في أكثر من ظهور إعلامي له، الإمارات بأنها “عدوّ للثورات العربية، وتموّل الانقلابات”، مشيرا في وقت سابق إبان عهد الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، إلى أنها “أفسدت الحياة السياسية التونسية؛ عبر إهداء سيارتين مصفّحتين لرئيس المعارضة آنذاك، والرئيس الحالي الباجي قائد السبسي”.

وختم المرزوقي رسالته بالتعبير عن “الفخر والاعتزاز بثورات أهلنا في السودان والعراق ولبنان والجزائر، وبتواصل المقاومة المواطنية في ليبيا ومصر واليمن وسوريا وضد المحتل الإسرائيلي في فلسطين الحبيبة”.

مردفًا أنه “كان لشعبنا شرف المبادرة في إطلاق ثورات شعوب المواطنين التي نراها اليوم تجاوزت حدود الوطن العربي نفسه، حيث نرى انهيارا متسارعا لأنظمة الفساد والقمع بالضربات المتتالية لشعوب أفاقت أخيرًا من طول سباتها”. مستدركًا بأن “ما نراه أيضا من تمسّك النخب الفاسدة بالنظام القديم والتنسيق بينها واستعدادها لحرق الأخضر واليابس لكي نبقى شعوبًا من الرعايا، في المقابل لم نر إلى اليوم أي تنسيق بين ثورات شعوب المواطنين”.

المفكر السياسي

يذكر أن المنصف المرزوقي هو رابع رئيس للجمهورية التونسية، وكان قبل ذلك سياسيًّا معارضًا لنظام المخلوع زين العابدين بن علي (2011-1987) ومدافعا عن حقوق الإنسان، ويحمل شهادة الدكتوراه في الطب، ويكتب في الحقوق والسياسة والفكر.

وكان الإعلامي التونسي سفيان بن فرحات، قد أكّد أثناء مداخلة على قناة “نسمة” التونسية الخاصة، في 18 مايو 2015، أن السبسي أعلمه في لقاء خاصّ أن الإمارات طلبت منه إعادة سيناريو مصر وإزاحة حركة النهضة التونسية للإيفاء بتعهداتها المالية لتونس، لكن الأخير رفض ذلك، وفضّل سياسة الحوار والتوافق لتفادي الحرب الأهلية بالبلاد وإراقة الدماء.

الغضب الإماراتي من السبسي وحزب “نداء تونس” لم يتوقّف عند هذا الحدّ، حيث طال التونسيين بمختلف أطيافهم؛ بعد أن قرّرت السلطات الإماراتية، في يونيو 2015، منعهم من الحصول على تأشيرة للدخول لمباشرة أعمالهم أو مشاريعهم التي يشرفون عليها، ما أدّى لتعطيل مصالحهم.

وكشف تقرير فرنسي النقاب عن تفاصيل محاولة انقلابية فاشلة في تونس خطّطت لها الإمارات لإسقاط النظام الديمقراطي في البلاد، وذكر موقع “لوموند أفريك” الفرنسي، أن وزير الداخلية التونسي المقال، لطفي براهم، التقى سرًّا مسئولًا في المخابرات الإماراتية بجزيرة جربة التونسية وخطّطا معًا لـ”انقلاب” على السلطة في تونس.

وبيّن التقرير أن جهات استخباريّة فرنسية وألمانية وجزائرية هي من كشفت المخطّط الإماراتي، وأبلغت السلطات التونسية بتفاصيله، وأوضح أن اللقاء جرى عقب عودة مسئول المخابرات الإماراتي من لقاء تمهيدي لقمّة باريس بشأن ليبيا، نظَّمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.