“سد النهضة” فى مراحله الحاسمة وسط تفريط سيساوي وإصرار إثيوبي

- ‎فيتقارير

 كتب- يونس حمزاوي
تأتي تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي "هيلى ماريام ديسالين"، اليوم الإثنين 27 مارس 2017م، بأن بناء سد النهضة وصل إلى مرحلة حاسمة، موضحا أن حملة شعلة النهضة تهدف إلى الحفاظ على الدعم من أجل إنجاز مشروع إثيوبيا الرائد بنجاح، لتعكس إصرارا إثيوبيا على المشروع، وسط حالة من الغفلة والتفريط من جانب قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي.

وقالت وكالة الأنباء الإثيوبية، اليوم، إن السلطات في البلاد بدأت حملة تهدف إلى تعزيز التعبئة العامة لاستكمال بناء سد النهضة، ونقلت الوكالة عن رئيس الوزراء، قوله "إن شعلة النهضة تهدف إلى تنشيط دعم الجمهور بروح جديدة".

السيسي يمنح الشرعية للسد

وبحسب خبراء ومتابعين، فإن السيسي بتوقيعه على اتفاق المبادئ، منتصف مارس 2016م، منح السد مشروعية قانونية واعترافا دوليا نظير مساعدة الأخيرة له في عودة مصر لعضوية الاتحاد الإفريقي مرة أخرى بعد تجميد عضويتها على خلفية انقلابه العسكري، ما مكّن إثيوبيا من الحصول على التمويل المالي والدعم الدوليين، وأسرع في معدلات البناء، بعد أن كان السد محروما من هذا التمويل باعتباره مشروعا غير قانوني.

لكن تفريط نظام الانقلاب في الاعتراض على التعديلات الإثيوبية المنفردة، وفشل السيسي طوال ثلاث سنوات ونصف في وقف بناء السد لحين إثبات عدم الضرر، يقوي حجة معارضيه في أن السيسي غير أمين على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، وأنه وقع اتفاق المبادئ بحثا عن شرعية دولية ما زال يفقدها منذ الانقلاب العسكري منتصف 2013.

على شفا الكارثة

ويرى الخبير المائي الدكتور عبدالتواب بركات، ضرورة تأسيس تحالف وطني للدفاع عن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، على غرار تحالفهم في الدفاع عن حق مصر في جزيرتي تيران وصنافير.

ويضيف بركات أن مصر التي يبلغ تعداد سكانها 90 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يصل في 2030 إلى 105 ملايين نسمة، تعاني من عجز مائي في حدود 30 مليار متر مكعب، وتستورد هذا العام 70% من احتياجاتها من القمح، و60% من الذرة، و98% من زيوت الطعام، و70% من فول الطعام، و98% من العدس، ولن تتحمل عجزا مائيا بحجم 73 مليار متر مكعب من حصتها التي لا تزيد سنويا عن 55.5 مليارا.

إثيوبيا تنتهك اتفاق المبادئ

ومن المثير للدهشة، أن هذا الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بالخرطوم تنتهكه حكومة أديس أبابا باستمرار، في ظل تغاضي حكومة الانقلاب، ما يثير الحيرة المصحوبة بالدهشة والغضب، ففي 26 من فبراير الماضي، كشفت وكالة الأنباء الإثيوبية عن تعديل في تصميمات سد النهضة وتحسينات في التوربينات لزيادة كفاءتها في إنتاج الكهرباء بمعدل 450 ميغاواط إضافية، لينتج السد 6450 ميغاواط، ويصبح السد الأكبر في إفريقيا، وبطول 1800 متر، وارتفاع 155 مترا، وسعة تخزين كلي للمياه 74 مليون متر مكعب.

وزعم عضو اللجنة التنفيذية لمجلس التعبئة الشعبية لسد النهضة، دبرتسيون غبراميخائيل، أن التطوير في قدرة توليد الكهرباء للسد لن يؤثر على تدفق مياه نهر النيل، ولن يكون له أي ضرر على دول المصب.

ورغم هذه التعديلات الجوهرية، فقد سبق أن رفضت إثيوبيا رسميا مقترحا مصريا، في 8 يناير 2016، بزيادة فتحات المياه في جسم السد، وقالت إنها ترفض إعادة التصميم والتعديل في إنشاءات السد، وأنها أجرت دراسات مكثفة حول المشروع قبل البدء فيه.

التعديلات الإثيوبية، بحسب بركات، تعزز الرأي بأن إثيوبيا شرعت في بناء السد دون دراسات وافية، وهو ما أثبتته اللجنة الثلاثية، في مايو 2013، وأكده في حينه البروفيسور الإثيوبي أليمايهو مريم، أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا الأمريكية، والذي اتهم حكومة بلاده بأن مشروعها للسد يفتقد إلى الصراحة والعلانية، في ظل حكومة ديكتاتورية لا تختلف عن ديكتاتوريات إفريقيا، وأن إثيوبيا حددت سعة السد الضخمة منذ البداية، ولكنها تراوغ المفاوض المصري المستسلم لتكسب الوقت حتى يصبح السد أمرا واقعا.

التعديلات الإثيوبية المنفردة تخالف صراحة اتفاق المبادئ الموقع في مارس 2015، في مبدئه الأول، الخاص بالتعاون والتفاهم وحسن النوايا، والسادس، الخاص ببناء الثقة، والسابع، الخاص بتبادل المعلومات والبيانات بروح حسن النية وفي التوقيت الملائم. كل هذا وسط تفريط واضح من جانب السيسيسي وحكومته غير الشرعية.

تدويل الأزمة فرصة أخيرة

ويرى بركات أن إثيوبيا بهذه التعديلات المنفردة تعطي لقائد الانقلاب فرصة أخيرة ليذهب بقضية السد إلى الأمم المتحدة ويطالب بوقف بنائه، كما فعلت إثيوبيا تحت الحكم الشيوعي المعادي لأمريكا وحليفتيها مصر وإسرائيل مع السادات، ومنعته من نقل مياه النيل إلى سيناء بحجة أنها تقع خارج حوض النهر، واصفا ذلك بالفرصة الأخيرة وسط تشكيك من جانب مراقبين بأن يقدم السيسي على مثل هذه الخطوة أملا في حماية حصة مصر من المياه.