السعودية من الكريسماس إلى الاحتفال بـ”الحانوكا” اليهودي.. لماذا؟

- ‎فيتقارير
Candles lit for the eighth night of Hanukkah

لأول مرة في تاريخ مملكة آل سعود، تُقيم الرياض احتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة 2020، المعروفة بـ”الكريسماس”، والتي طالما حرم علماؤها إقامة هذا الاحتفال بين المسلمين، فها هي تستعد لتلك الاحتفالات السنوية، بل وزيادة على ذلك الاحتفال بعيد “الحانوكا” اليهودي.

ونشر حساب “كاليندر السعودية”، الخاص بالفعاليات الفنية في المملكة، عبر موقع “تويتر”، تصميمًا تضمّن الفعاليات التي ستقام بتلك المناسبة، وأوضح أن الاحتفالات ستقام تحديدًا في مدينة “ملهم” بالعاصمة السعودية الرياض، يوم 31 ديسمبر الجاري.

وأنتم أحقر!

وأعربت خارجية العدو الصهيوني عن سعادتها الشديدة جراء سماح مملكة آل سعود بإشعال شموع عيد “الحانوكا اليهودي” في البلاد. ونشرت خارجية العدو- عبر صفحتها الرسمية باللغة العربية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، مقطع فيديو أظهر سعوديًّا مسلمًا يشارك صديقه اليهودي في إشعال الشموع في شمعدان “عيد حانوكا اليهودي” في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية.

وعيد حانوكا أو “عيد الأنوار”، مناسبة يحتفل بها اليهود لمدة ثمانية أيام، ويأتي بحسب التقويم الميلادي بين الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر والأسبوع الأخير من شهر ديسمبر، وأيام حانوكا الثمانية فترة للسعادة، تتميز بالامتناع عن الحداد والحزن، والقيام ببعض الطقوس الدينية الخاصة.

وقال حساب “المغرد الشرعي” السعودي: “صحنا لأن المسلمين يحتفلون بالكريسماس لأنه دين مسيحي.. نتفاجأ بعيد يهودي اسمه (حانوكا) يتم الاحتفال به علنًا في السعودية”. مضيفًا: “وبهذه المناسبة يسرني أن أتقدم لمحمد سلمان وقطيعه الخرفان بأجمل التبريكات ونقول لهم: حانوكا مبارك وكل عام وأنتم أحقر”.

وما زال مراقبون يحاولون الربط المنطقي بين الدفع المستميت نحو انحلال المجتمع وسعي ابن سلمان لمنصب العرش؛ فقد يكون محاولة لإرضاء الغرب عنه، وإبراز نفسه بمظهر المنفتح الخارج على إرث البلاد الديني.

كما قد يكون سعيا نحو تذويب جذور الممانعة الدينية والقيمية في المجتمع، بما يمكنه من غرس جذور أخرى ممسوخة، يزداد معها المجتمع شهوانية وانحلالا، بما يمكّن ابن سلمان من التحكم فيه.

وقد يكون تنفيذا لمخططات قوى وجدت في ابن سلمان ضالتها، لتقضي على منابع قوة هذا المجتمع وصلابته، التي ذاقت مرارتها على مدى العقود الماضية في مواطن كثيرة جدا، وقد يكون جميع ما مضى!.

خلط الأوراق

وإذا كان قدر بلاد الحجاز أن تبقى مأرزًا للإسلام ومنبعا للخير، وهذا لا يمنع أن يسلب الله تعالى منها هذه الخصوصية، إذا لم يقم حكامها وأهلها باستحقاقاتها، فالله جل وعلا يقول }وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم{.

فليس بين أهل هذه البلاد وحكامها وبين الله تعالى نسب، وهذا يجعل سعي ابن سلمان نحو انحلال المجتمع سعيا خاسرا في كل الأحوال، فهو سبحانه القائل }يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون{.

وبعد الاحتفال بـ”الحانوكا” هل تركت السعودية مجالًا أو فرصة للفلسطينيين للوثوق بها، بعد أن طعنت القضية الفلسطينية خلال الأعوام القليلة الماضية فقط عشرات المرات، ولم يهتز لها جفن وهي ترى الإسرائيليين يعتدون على الفلسطينيين وينهبون أراضيهم! بل أكثر من ذلك هل يصدق أحد أن السعودية تعتقل فلسطينيين على أراضيها ينتمون إلى حركة حماس، وترفض الإفراج عنهم أو حتى محاكمتهم!.

ألا تخجل السعودية التي تحتفل بـ”الحانوكا” وهي أولى الدول التي أسهمت في تمرير بنود صفقة القرن التي من شأنها تصفية القضية الفلسطينية، إذ كان دور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان واضح جدا في توطيد العلاقات مع الصهاينة، حيث يمارس ابن سلمان ضغوطاً كبيرة على الفلسطينيين لتمرير صفقة القرن!.

وعندما قام ابن سلمان برحلة ثلاثة أسابيع إلى أمريكا، نقل إشارات أعلى صوتا عن نواياه تجاه “إسرائيل”، وقال لصحيفة “أتلانتيك” الأمريكية: إنه “يجب على الفلسطينيين قبول الصفقة أو “الصمت والتوقف عن الشكوى”، حول قضية لم تعد أولوية بالنسبة لنا مقارنة بمواجهة إيران”، كما اعترف محمد بن سلمان صراحة بشرعية المطالبات اليهودية الإسرائيلية في فلسطين ما أدّى إلى إحراق صوره في غزة.

ودخلت السعودية دائرة التطبيع مع كيان العدو عن سابق إصرار، إذ لا يمر شهر واحد حتى نسمع عن خطوة تجريها السعودية في هذا المجال، والتي كان آخرها لجوء مؤسسات حكومية سعودية إلى التعاون مع شركات إسرائيلية في مجال الترجمة من العربية إلى الإنجليزية والعكس.

إن اسلوب ابن سلمان وسياسته العدائية للفلسطينيين وتلويحه بالتطبيع بين الفينة والأخرى جعل الصهاينة يتقربون منه أكثر، ويرغبون بأن يصل إلى سدة الحكم بأسرع وقت ممكن حتى لو قتل ألف خاشقجي؛ لأن نتنياهو وأمثاله ليسوا أفضل حالاً منه، ومن هنا بدأ الطرفان يبحثان عن قواسم مشتركة خارجية يمكن الحديث عنها، فلم يكن أمامهم سوى “شيطنة إيران” واعتبارها العدو المشترك الذي يهدد المنطقة، وكأن ابن سلمان يرشّ الأرز على اليمنيين وكذلك يفعل نتنياهو مع الفلسطينيين.

بالمختصر أصبح واضحا أن سياسة السعودية خَلَطَت الأوراق في المنطقة وأحدثت شرخا، ليس فقط من النيل إلى الفرات “كما يرغب الصهاينة وهذا هو مشروعهم”، بل حتى ما بعد ليبيا، ويبقى السؤال: ما يقوم به ابن سلمان لمصلحة من؟.