مجددًا تعود أزمة سد النهضة الإثيوبي إلى صدارة الأحداث، ويعود معها الحديث عن الفشل الذي يلاحق الدبلوماسية المصرية منذ توقيع اتفاق المبادئ، وبلغت الأزمة ذروتها خلال الأيام الماضية بعد فشل الجولة الرابعة والأخيرة ضمن آلية واشنطن، حيث اتهمت القاهرة أديس أبابا بتبني موقفٍ مغالٍ يهدف إلى سيطرتها على النيل الأزرق من دون مراعاة المصالح المائية لدول المصب .
وتطورت الأزمة عقب بيان أصدرته الخارجية الإثيوبية، يوم الخميس الماضي، قالت فيه إن مصر تقدمت بتصور يقترح ملء خزن السد في فترة تتراوح بين 12 و21 عامًا، مشددة على أنه أمر غير مقبول بالنسبة إليها، ما يعد بمثابة أكبر تصعيد من جانب إثيوبيا منذ انطلاق المفاوضات .
وهو رد استدعى في المقابل تعليقًا مصريًّا شديد اللهجة، عبر بيان جديد وصفت القاهرة فيه ما أورده البيان الإثيوبي بالمغالطات، وشددت على تمسكها بعملية ملء تعتمد على حجم الإيراد السنوي للنيل الأزرق، وفيما تسابق الدبلوماسية المصرية الزمن من جديد لانتزاع تعهدات واضحة من الولايات المتحدة للضغط على إثيوبيا لحلحة موقفها، تبقى المخاوف نفسها من جدوى هذه المباحثات في ظل إعلان وزير الري الإثيوبي أن بلاده ستبدأ حجز المياه في بحيرة التخزين الرئيسية مع حلول شهر يوليو المقبل.
وكانت القاهرة قد أبدت تحفظها على طلب أديس أبابا بوساطة دولة جنوب إفريقيا في مفاوضات الأزمة، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، قوله إن استدراج إثيوبيا لمصر لوساطة جديدة يمثل محاولة إثيوبية لتفريغ الوساطة الأمريكية الحالية، واستدراج التفاوض للسير في حلقات أخرى.
قناة مكملين ناقشت، عبر برنامج قصة اليوم، مستجدات أزمة السد الإثيوبي وخيارات مصر الأخيرة بعد فشل المفاوضات، وأين وصلت وساطة واشنطن.
مصطفى إبراهيم، الباحث والإعلامي، رأى أن تصريحات السفير محمد حجازي استفاقة متأخرة من نظام الانقلاب لمماطلات إثيوبيا المستمرة، حتى يتم الانتهاء من السد ويصبح أمرًا واقعًا وتقوم بملء السد، وتجفيف وتعطيش مصر وإدخالها في مجاعة شبيهة بالشدة المستنصرية.
وأضاف إبراهيم أن إثيوبيا بجانب الممالطة استغلت البنود المخزية في اتفاق المبادئ الذي وقعه عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، في 2015 بالخرطوم، والتي ليست ملزمة لإثيوبيا بأوامر قطعية وفترات زمنية محددة .
وأوضح أن بيان خارجية الانقلاب الذي صدر ردًّا على اتهامات إثيوبيا لمصر بإفشال المفاوضات، تضمن اعترافًا رسميًّا بسذاجة المفاوض المصري في أزمة سد النهضة، وهذه السذاجة ترقى إلى درجة العمالة.
بدوره رأى الدكتور عبد التواب بركات، أستاذ البحوث الزراعية، أن دخول وسطاء جدد في أزمة سد النهضة سيكون له تأثير سلبي في إطالة مدة المفاوضات العبثية، وهو ما يؤكد أن الطرف الإثيوبي غير جاد في حل أزمة سد النهضة، وأنها عازمة على تنفيذ مشروع سد النهضة كاملا بالسعة التي تريد وفي الوقت الذي تطلبه.
وذكر أن مطالبة سلطات الانقلاب بوساطة الولايات المتحدة والبنك الدولي عبث استراتيجي، لأن الولايات المتحدة هي من اقترحت بناء إثيوبيا للسد منذ ستينيات القرن الماضي، كما أن البنك الدولي عليه علامات استفهام من منظمات دولية مثل منظمة حقوق الإنسان ومنظمة الأنهار الدولية، وأنه يستثمر أمواله في بناء سدود ضخمة في إثيوبيا وهي جيبي1 وجيبي2 وجيبي3 وجيبي4 على نهر أومو، ما أدى إلى حدوث كارثة في وادي نهر أومو في كينيا، وتسبب في تجويع نصف مليون مواطن كيني.
وأوضح بركات أنه إذا كانت حكومة الانقلاب جادة في التعامل مع أزمة سد النهضة، فيجب على السيسي إعلان انسحابه من اتفاقية المبادئ الكارثية التي وقعها في 2015، وهناك مبررات كثيرة، أولها أن اتفاق المبادئ ألزم إثيوبيا بإنجاز دراسات عدم الضرر في ظرف 8 أشهر ولم يتم تنفيذها بعد مرور 5 سنوات، أيضا آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي اعترف بوجود أخطاء كارثية في بناء السد، وعزى هذه الأخطاء إلى شركة تتبع الجيش الإثيوبي، ولم تتحرك مصر لوقف بناء السد الذي يهدد الأمن القومي المصري، وأيضًا تهديد آبي أحمد بشن حرب على مصر إذا حاولت إيقاف بناء السد.
وشدد بركات على ضرورة وقف السيسي مشروع الربط الكهربائي مع السودان وإثيوبيا إذا كان جادا في الضغط لحل أزمة سد النهضة؛ لأن المشروع جريمة بحق الشعب المصري، حيث يسوق لكهرباء إثيوبيا .
https://www.youtube.com/watch?v=v-O4vz9ukf8
من جانبه رأى مصطفى عاشور، الإعلامي المتخصص في الزراعة والري، أن مفاوضات سد النهضة وصلت المحطة الأخيرة، وأعلنت حكومة الانقلاب عن فشلها بسبب عدم استجابة الجانب الإثيوبي للمطالب المصرية والسودانية.
وأكد عاشور أن كل ما يحدث الآن عملية تضييع للوقت لإعطاء إثيوبيا الوقت الكافي لإكمال بناء السد وملء الخزان خلال الفيضان القادم، في شهر أغسطس، مطالبا سلطات الانقلاب بالانسحاب من المفاوضات لأنها تضييع للوقت وحق الشعب المصري.
وأضاف عاشور أن الانسحاب من اتفاقية المبادئ أمر جائز بسبب عدم تنفيذ إثيوبيا عددا من البنود التي وردت به، وأي حل غير الانسحاب والاتجاه نحو القانون الدولي والأمم المتحدة ومنظمة الأنهار الدولية والاتحاد الإفريقي، يعد تضييعًا لحقوق مصر التاريخية في مياه النيل.
وأشار إلى أن مصر تمتلك عددًا من الأوراق للضغط على إثيوبيا، منها اتفاقية 1902 التي وقعت عليها إثيوبيا، واتفاقية 1993 أيضا.
https://www.facebook.com/mekameeleen.tv/videos/513226739318649/?v=513226739318649