فشل برلمان الدم بمصر في سحب الثقة من وزيرة الصحة في حكومة الانقلاب، المسئولة عن مقتل وإصابة 14 طبيبة من خريجات عام 2017، في حادث خلال توجههم من محافظة المنيا في وسط مصر إلى القاهرة لتلقي تدريب مفاجىء أجبرتهم عليه الوزيرة، وهددتهن في حالة عدم الحضور بالإحالة للتحقيق.
في الوقت الذي نجح فيه نواب برلمان الدم في تمرير اتفاق التنازل عن تيران وصنافير للسعودية، ومن وراء السعودية كيان العدو الصهيوني، رغم تحذير الخبراء والسياسيين من مغبة هذا التنازل على الأمن القومي المصري والعربي على حد سواء، وأن من شأنه تغيير موازين القوة في المنطقة لصالح الكيان الصهيوني من ناحية، وتغيير خريطة مصر جغرافيا واستراتيجيا وأمنيا من ناحية أخرى.
يقول الناشط كريم خطاب موجها حديثه للوزيرة القاتلة: “اصحى كده معايا انتى خريجه طب بشرى اه بس مش معاكى ماجيسيتر يعنى من الاخر ملكيش تخصص ولو اشتغلتى ف مستشفى هتبقى شبه الممارس العام زيك زى طلبه الامتياز والى لسه متخرجين فا مش عشان خدتى دبلومه ف اداره الاعمال و المستشفيات تيجى تعمليلى ضجه لا فوقى كده وارجعى المطبخ”.
برلمان سامسونج
ووصل غباء هالة زايد وزيرة الصحة في حكومة الانقلاب لحد إصدار قرار بسفر والد إحدى ضحايا حادث انقلاب أتوبيس طبيبات المنيا المأساوي، ضمن بعثة الحج الرسمية للوزارة هذا العام، السخرية أن والد الضحية الطبيبة “سماح صليب” مسيحي الديانة.
لم يكلف برلمان الدم أو أحد نوابه استجواب الوزيرة القاتلة، أو رفع الحصانة عنها ومحاكمتها بتهمة الإهمال المؤدي للقتل، ومطالبتها بالتعويض المناسب لأهالي الضحايا، وتقديم جميع سبل الدعم القانوني لأسرهم.
المفارقة أن غباء الوزيرة القاتلة لم يقف عند ترضية أب مسيحي مفجوع في ابنته الطبيبة للحج الى الكعبة، بل تم إحالة الطبيبة فاطمة موسى، من أطباء التكليف دفعة 2017 في المنيا، إلى وزارة الصحة للتحقيق العاجل، لتعذر سفرها لحضور التدريب الإلزامي ونجاتها من الكارثة.
وقالت الطبيبة في تغريدة على توتير:” تلقيت اتصالاً من وزارة الصحة وتخيلت أن الأمر يتعلق بالحادث، ففوجئت بإحالتي للتحقيق لأني لم أسافر مع زملائي، ونجوت من الحادث”!
كارثة مقتل طبيبات المنيا جاءت لتكشف عن زيف الإشارة الخضراء التي أطلقها جنرال إسرائيل السفيه عبدالفتاح السيسي لنواب برلمان الدم؛ لمراقبة أداء حكومة الانقلاب لأول مرة، وتثير التساؤلات حول أهدافه من هذا التوجه.
متابعون قللوا من قيمة دعوة السفيه السيسي لاستخدام الأدوات الرقابية ضد وزراء حكومته، كونها تأتي قبل 4 أشهر فقط من انتهاء عمر البرلمان الحالي الذي تسيطر عليه أغلبية مؤيدة للعسكر، ولأنها تأتي بعد نحو 4 سنوات ونصف قام فيها برلمان الدم بإقرار مئات القوانين، دون توجيه أية انتقادات أو استجوابات للحكومة حتى بعد مقتل طبيبات المنيا.
واعترف الإعلامي المقرب من المخابرات عمرو أديب، بأن برلمان الدم لم يقدم استجوابا واحدا أو استدعاء لأي وزير أو طلبا للتحقيق معه خلال 5 سنوات، مؤكدا أن هذا لم يحدث بأي برلمان في العالم، وأنه يجب محاسبة حكومة الانقلاب.
سرقة
ووقعت مصر والسعودية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في أبريل 2016، وأحالت حكومة الانقلاب الاتفاقية للبرلمان في نهاية العام ذاته، بالرغم من قرار المحكمة الإدارية ببطلان الاتفاقية؛ ما أدى إلى توتر العلاقات بين القاهرة والرياض، وظلت الاتفاقية في أدراج برلمان السيسي حتى عاد الدفء إلى العلاقات بين البلدين، وخرجت الاتفاقية مجددا لتناقشها لجنتا التشريع والأمن القومي، وأقرها البرلمان بعد ثلاثة أيام فقط من مناقشتها.
ووصف المعارض السياسي، وأستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان، يحيى قزاز، بعد دقائق من إفراج قوات أمن الانقلاب عنه أثناء مشاركته في مسيرة ضد التنازل عن الجزيرتين، ما حدث في البرلمان بالسرقة، قائلاً: “ما جرى ليس تصويتا، إنما هو سرقة؛ فما تسمى بلجنة التفريط في الأمن القومي بالبرلمان أقرت الاتفاقية في نصف ساعة”.
وبشأن النتائج المترتبة على الاتفاقية، أكد أنها “تلغي ملامح مصر سياسيا وتاريخيا، فالسيسي منذ قدومه فرط في حقوق مصر التاريخية في نهر النيل، وفرط في حقول الغاز الطبيعي لإسرائيل واليونان وقبرص، وفرط في جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، والبقية تأتي، في إشارة إلى شمال سيناء”.
وأضاف: “أما على المستوى الاستراتيجي، فقدت مصر قيمتها الاستراتيجية بمجرد فقدانها لأهم عنصر من عناصر الأمن القومي، الذي يمثله مضيق تيران الاستراتيجي”، لافتا إلى أن “مصر أصبحت دولة تابعة، ويمكن أن تكون الضفة الغربية للسعودية، أو الامتداد الغربي لفلسطين المحتلة، فمن يديرها هي عصابة تابعة لبني صهيون”.
ورأى قزاز أن دور السعودية “لا يعدو كونه أكثر من محلل، وحكم السيسي لمصر هو بمثابة احتلال، بل ونعتبر تيران وصنافير من اليوم تحت الاحتلال، ومن حقنا أن نقاومه بكل الطرق، وسنعيدها مجددا، وما حدث هو بداية النهاية للنظام”، مؤكدًا أن “الأمر لن يستمر على هذا الوضع”.