ما بين إغلاق الميادين والشوارع الرئيسية في المحافظات، إلى نشر الأكمنة وتعزيزها بالمدرعات، وتفتيش الهواتف وانتهاك الخصوصيات، حوّل جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي مصر إلى ثكنة عسكرية، بمجرد أن سمع أن هناك تحركا ثوريا قد يحدث أو لا يحدث، وزاد من رعب العصابة تدشين النشطاء هاشتاج #نازلين_يوم_25، الذي قذف في قلوبهم الرعب، وبات السؤال: ماذا لو تحوّلت الدعوات إلى حقيقة هل يقدر مثل هذا النظام الهش على الصمود؟.
وبدأت سلطات الانقلاب مبكرًا اتخاذ إجراءات سنوية معتادة؛ استعدادا لمواجهة أي محاولات لإحياء ذكرى ثورة 25 يناير 2011، كما رفعت وزارة الداخلية حالة الطوارئ في جميع قطاعاتها، ومنعت الإجازات بين الضباط والمجندين حتى 31 يناير الجاري.
خلص من الإخوان
والأسبوع الماضي، دعا رجل الأعمال والممثل “محمد علي” المصريين إلى النزول في كافة الميادين احتفالا بذكرى ثورة 25 يناير، والمطالبة برحيل جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي.
يقول الناشط محمود عمر: “يمكن يصمد شوية ثلاثة أيام أربعة بالكثير لأن الثورة المرة دي تشمل كل الشعب، الكل عانى وضاق من ظلم الخسيسي ده.. ما رحمش حتى اللي ساندوا انقلابه على الشرعية.. لما خلص من الإخوان اتلفتلهم وبهدل بحالهم من غير ما نذكر الغلابة اللي طافحين المرّ من يوم ما شرّف الدهل اللي قال هغني الناس الأول”.
وحسب شهود عيان، قامت الشرطة خلال اليومين الماضيين بشنّ حملة على مقاهي وسط القاهرة القريبة من ميدان التحرير، استهدفت إغلاقها والتثبت من هويات روادها، وهو إجراء اعتادت سلطات الانقلاب القيام به قبيل كل توتر سياسي في الشارع، وآخرها كان استباقًا لمظاهرات سبتمبر الماضي، استجابةً لدعوة رجل الأعمال والفنان نفسه.
كما عادت ظاهرة توقيف المواطنين في الشوارع المحيطة بميدان التحرير وتفتيش هواتفهم المحمولة، وإجبارهم على فتح تطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل “فيس بوك” و”تويتر” و”واتس آب”.
وتنتشر في محطات مترو الأنفاق– خاصة القريبة من الجامعات– شرطة بلباسٍ مدني وأخرى بزي رسمي، تُجبر المواطنين– خاصة الركاب – على عدم انتظار قطارات الأنفاق أكثر من مرة، إذ يضطر ازدحام العربات الركاب لانتظار قطارات أقل ازدحاما فيمكثون في المحطات وقتًا أطول.
اعتقالات المترو
وتذيع الإذاعة الداخلية لإدارة المترو بيانات تناشد الركاب عدم المكوث بالمحطات لأكثر من قطار، وإلا تعرّضوا للغرامات، واستبقت عصابة الانقلاب ذكرى ثورة 25 يناير 2011، التي تحل السبت المقبل، بعدة اعتقالات وإجراءات أمنية وإدارية طالت مباريات فريقي الأهلي والزمالك القارية؛ تحسبا لهبة شعبية غاضبة ضد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وعلى الرغم من اعتراف دستور الثورة في 2012، ودستور ما بعد الانقلاب في 2014، بثورة 25 يناير 2011، وإقرار يومها عيدا رسميا للدولة المصرية؛ إلا أن السفيه السيسي قاد على مدار السنوات السبع الماضية حملة لتشويه الثورة المصرية، محمّلا إياها ما وصلت إليه البلاد من أوضاع سيئة.
إداريًّا، أعلنت حكومة الانقلاب عن أن يوم 25 يناير إجازة رسمية مدفوعة الأجر للقطاعين العام والخاص بمناسبة عيد الشرطة، دون أي ذكر لمناسبة ذكرى الثورة. وأمنيًّا، استبق برلمان الدم ذكرى الثورة بمد حالة الطوارئ بالبلاد لمدة ثلاثة أشهر جديدة، وذلك قبل موعد انتهاء الطوارئ بأسبوعين كاملين، وفي الوقت ذاته أعلنت وزارة داخلية الانقلاب حالة الاستنفار والطوارئ بين أفرادها وجميع قطاعاتها ومديرياتها.
وعلى طريقتها في غلق سلم نقابة الصحفيين، المعروف بوقفاته الاحتجاجية قبل عدة أشهر، بدأت سلطات الانقلاب بإشغال معظم ميادين المحافظات ببعض الأعمال حتى يصعب على المتظاهرين التواجد فيها.
وتقوم سلطات الانقلاب بعمليات إنشائية بميدان التحرير بوسط القاهرة قبل أشهر، بداية من وضع مسلة أثرية قديمة بعد نقلها من منطقة صان الحجر الأثرية بالشرقية، ووضع 4 كباش تاريخية حولها بعد نقلها من مدينة الأقصر.
ولم تكتف سلطات الانقلاب بهذا، بل قامت بإغلاق عدة محاور وطرق مؤدية لميدان الثورة الشهير، فيما طالت عمليات الغلق عدة مناطق بوسط البلد بالقاهرة، بينها مجموعة مقاه شهيرة يرتادها المثقفون، مثل مقهى “البستان” القريب من التحرير.
وكتبت الناشطة دينا الحناوي، عبر “تويتر”: “جميع ميادين القاهرة، والإسكندرية، والزقازيق، ومعظم الأقاليم فجأة تعرضت جميعا للهدد بحجة التوسيع”، معلقة بقولها: “الخوف مالي قلوبهم”.