بعد سحقِهما الشعب.. “الجيش والداخلية” إمبراطوريات تقاسمت أراضي مصر ومئات الصناديق

- ‎فيتقارير

قالت ورقة بحثية، إن الوضع الاقتصادي المتضخم لداخلية الانقلاب ينبئ عن عصر جديد من تقاسم المكاسب بين الأجهزة الأمنية، وعودتهم كمنتفعين مباشرين من بقاء هذا النظام، وبالتالي السعي للحفاظ عليه، فهل يتمكن النظام من بقاء هذا التوازن في توزيع المغانم والمكاسب أم تطغى نوازع الصراع والهيمنة والاحتكار لتطيح بكل هذه المافيا وما تديره من إمبراطوريات اقتصادية ضخمة تعمل لحساب قادة المافيا بعيدا عن الشعب المسحوق بفعل هذا الصراع الخفي والضاري في ذات الوقت؟.

وقال موقع “الشارع السياسي”، في دراسة بعنوان “على خطى الجيش.. إمبراطورية الداخلية الاقتصادية.. صراع النفوذ والهيمنة”، إن مستقبل الصراع بين إمبراطوريتي الجيش والشرطة ظهر جليا في عام 2015، عندما أجرت النيابة العامة تحقيقا في سيطرة (جمعية النخيل) التابعة للداخلية، على مليار جنيه من خلال وزارة الإسكان.

وأوضحت أن الصراع بين إمبراطوريتي الجيش والشرطة في مجال الاستثمار، والصراع الخفي بين الطرفين مُرشح للتصاعد خلال المرحلة المقبلة، بعد توسع صلاحيات المؤسسة العسكرية، ودخولها طرفا رئيسيا في عدد من مشاريع الإنشاءات والأشغال العامة بالتعاون مع مستثمرين ومتعاقدين من القطاع الخاص، واحتكار كافة مناقصات المشتريات الحكومية الأساسية.

وأضافت أن السلطة الحالية تترك هامشا من هذه المشاريع لصالح الداخلية، حتى لا يعود التنافس بين المؤسستين إلى ما كان عليه وقت مبارك، دون أن تسمح لها بالتغلغل في الدولة ومنافسة الجيش، لتبقى حدود عملها ضمن مشاريع تعبر عن مصالح العاملين فيها.

حبيب العادلي

وأشارت الدراسة إلى أن فكرة تأسيس كيان اقتصادي لوزارة الداخلية، بدأت في عام 2000، خلال ولاية حبيب العادلي، أطول وزراء داخلية مبارك بقاء في المنصب “13 سنة”، والذي تبنى تأسيس منظومة موسعة من الشركات الاستثمارية والتجارية تعمل وفقا لقوانين تأسيس شركات القطاع الخاص؛ من أجل توسيع صلاحيات هذه الشركات في تنفيذ تعاقدات مع جهات ليست حكومية، وأغلب هذه الشركات على خطى الجيش، تستثمر نفوذ الوزارة في احتكار أغلب مناقصات الهيئات الحكومية، أو فرض سطوتها على بعض المشاريع الخاصة.

واعتبرت أن الوجه الخفي للاستفادة المالية لهذه الإمبراطورية الاقتصادية الضخمة لوزارة الداخلية وكبار لواءاتها يتمثل في استخدام بعض القيادات الأمنية صلاحياتهم داخل إدارة هذه الشركة في منح بعض المؤسسات الخاصة، مناقصات واستثمارات تابعة للوزارة وشركاتها يقومون بها من الباطن مقابل مكافآت مالية لهذه القيادات، أو دخولهم في شراكات سرية في هذه الشركات الخاصة التي تعمل مقاولا فرعيا في مشاريع شركات تابعة للوزارة ولغيرها من الوزارات والهيئات الحكومية.

اقتصاد الباطن

وأشارت تقارير غير رسمية إلى أن اقتصاد الجيش يتراوح بين 35 – 60% من الاقتصاد المصري عام 2018، وبالمقارنة فإن اقتصاد الشرطة الظاهر يشكل تقريبًا 1% من الاقتصاد المصري، في حين تبلغ قيمة الصناديق التابعة للوزارة 12 مليار جنيه، ولها قيمة سوقية تفوق ذلك، فيما يشير البعض إلى أن حجم تجارة ضباط الشرطة قد تصل إلى أكثر من 10% من حجم الاقتصاد المصري من نفس العام.

وأشارت إلى أن إمبراطورية اقتصادية من الباطن، تتجاوز تلك الصورة النمطية عن التجارة الاقتصادية المباشرة، وتتمثل في المعادلة التالية: (رجال أعمال لكل منطقة + كبار الضباط من مختلف قطاعات الجهاز + موظفون في الجهاز البيروقراطي للدولة).

وبينت أنه يتشكل بين مديري الأمن والمحافظين لدعم شركات من الباطن هم فيها شركاء، وإرساء المناقصات الخاصة على هذه الشركات. أغلب تلك القطاعات تدور حول الاستيراد والتصدير، وترتيبات التوريد، ثم يأتي في المرتبة الثانية العقارات وصولًا لقطاعات خاصة بكل محافظة، كالقطاع الغذائي والزراعة.

استثمارات اقتصادية

ورأت أن توسع نفوذ إمبراطورية الجيش لن يكون على حساب إمبراطورية الشرطة، التي ترى في زيادة نفوذ الجيش مبررا وشرعنة لحقها في بسط النفوذ وتوسيع الإمبراطورية الاقتصادية الخاصة بها وبقادتها وشبكة المافيا التابعة لها.

واستدركت أن ثمة فارقا جوهريا بين استثمارات الجيش والشرطة، يتمثل في أن معظم قطاعات الاقتصاد التي يديرها الجيش محمية بقوة القوانين، خلافاً لاستثمارات وزارة الداخلية المحمية بالتلاعب والسطوة والتهرب من تنفيذ القانون.

مزايا الداخلية

أولا، صندوق مشروعات أراضي الوزارة، تأسس في 1983، كمكافاة لجهاز الشرطة على خدماته لنظام مبارك، ويُعنى ببيع وإدارة المشروعات العقارية للأراضي المخصصة للوزارة في جميع أنحاء الجمهورية.

كما اتخذت العديد من القرارات لزيادة الصناديق الخاصة للوزارة كرعاية الجنود أو الضباط حتى بلغت أكثر من 67 صندوقًا خاصًّا، 4 فقط منهم تخضع للرقابة الإدارية، والشركات التابعة لها غير مدرجة في البورصة المصرية، كما تؤكد العديد من المصادر غياب تلك النشاطات عن الموازنة العامة للدولة. ويعتبر مجمع النخيل التابع لجهاز مشروعات أراضي وزارة الداخلية من أهم المدن السكنية في التجمع الخامس بجوار أكاديمية الشرطة، يقع على مساحة 52.2 كليومتر مربع، تتراوح أسعار الشقق فيه من مليون إلى 3 ملايين جنيه، والفيلات من 10 ملايين إلى 30 مليون جنيه. وتتبع مدينة الخمائل بالشيخ زايد جهاز مدينةـ 6 أكتوبر، وكان رئيس الوزراء الحالي قد أقر توسعة بالمدينة وضم أراضٍ وهو يشغل منصب وزير الإسكان في 2017. كما تمتلك الوزارة أبراج الفيروز في مصر الجديدة، وأبراج الندى بزهراء المعادي، وأبراج السنابل وعمارات أرض النادي بالمعادي، وتمتلك في كل محافظة عددًا من الأبراج العقارية التي تُخصص بعضها لضباط الشرطة، وأخرى تدفع بها للعمل التجاري مثل المحلات.

الفتح للتوريدات

وخلال فترة حبيب العادلي أسس  شركة الفتح للتوريدات والاستثمارات، في سنة 2000، كأولى شركات الإمبراطورية الاقتصادية لوزارة الداخلية، ترأس مجلس إدارة الشركة اللواء جهاد يوسف عز الدين محمد مساعد الوزير للشئون المالية، تتولى شركة الفتح جميع عمليات الإنشاء والصيانة والترميم بجميع جهات الوزارة ومقاولات تأسيس السجون وأقسام الشرطة، فضلا عن تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية لصالح جهات حكومية وهيئات خاصة، عبر حصر كافة المناقصات التي فازت بها الشركة خلال الفترة من عام 2010 وحتى عام 2015، والتي بلغ عددها 225 مناقصة، وتشمل مشاريع شركة الفتح أيضا إقامة صالات ألعاب رياضية، واستراحات للوزارة بعدد من المحافظات، ومباني تتبع هيئات الأسلحة والذخيرة، وشرطة المسطحات المائية، ومباني للأحوال المدنية، ومشاريع إسكانية لعدد من الوزارات الأخرى، ومشروع إعادة تأسيس نادي قضاة إسكندرية، وبناء مدينة القضاة السكنية بمنطقة برج العرب غرب الإسكندرية.

المستقبل الاستثمارية

وأضافت الورقة لمحة عن شركة المستقبل للأعمال الاستثمارية والتوريدات العامة والخدمات، تأسست أيضا سنة 2000، يعرفها موقعها الإلكتروني، على أنها إحدى شركات قطاع الاستثمار في وزارة الداخلية، وتقوم بأنشطة في مجال الخدمات البترولية، وتصنيع وتوريد لوحات المرور المعدنية، والاستثمارات العقارية، والاستثمارات الزراعية، والمقاولات، والتوريدات العامة، وأعمال الصيانة، وأعمال النظافة، والخدمات السياحية. بلغ رأس مال الشركة عند تأسيسها 200 مليون جنيه.

وذكرت أن من الشركات الأخرى ( المنطقة الصناعية لوزارة الداخلية – شركة تكنولوجيا المعلومات المدنية “سيتك” – مطابع وزارة الداخلية – مُجمع الشرطة لصيانة السيارات – الأندية والفنادق- منافذ بيع السلع الغذائية ” سلسلة أمان”) وتساهم تلك الشركات في تعظيم موارد وزارة الداخلية الاقتصادية التي تضم أرباح الشركات التابعة بها، والرسوم الإدارية المفروضة على المواطنين، إلى جانب مخصصاتها المالية في الموازنة العامة.