تراشق بين تركيا وفرنسا.. ما تداعيات ذلك على الأزمة الليبية؟

- ‎فيعربي ودولي

اتّهمت تركيا فرنسا بالسعي إلى التحكم في موارد ليبيا الطبيعية بتقديمها دعمًا غير مشروط للواء الليبي خليفة حفتر، وأكدت أن استمرار هجماته بسبب هذا الدعم أكبر تهديد لسلامة ليبيا وسيادتها.

وكانت باريس قد اتهمت أنقرة بخرق تعهداتها في مؤتمر برلين بإرسالها مرتزقة سوريين إلى ليبيا، وفق قولها.

ففي أي سياق يأتي تبادل الاتهامات بين أنقرة وباريس بالإخلال بتعهدات مؤتمر برلين بشأن ليبيا؟ وعلى أي نحو يمكن أن تنعكس أجواء هذا التراشق بين تركيا وفرنسا على مسار الأزمة الليبية؟

بحسب المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، فإن الكثير من التدخلات الخارجية لا تزال موجودة في ليبيا، وإن تعقيدات الوضع هناك زادت بسبب هذه التدخلات، شهادة تدعم طرفي الأزمة الليبية ومن خلفهما من الحلفاء الإقليميين والدوليين.

غير أن حديث المبعوث الدولي بشأن قصف عشوائي على العاصمة طرابلس يُفرغ اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا من مضمونه، وقد يوضح الجهة التي تمثل في هذه اللحظة تهديدًا جديًّا لفرص الحل في ليبيا، ويبين بالتالي حقيقة اتهامات كل طرف للآخر بالمسئولية عن تأجيج الصراع الليبي.

“إنه لا يحترم كلامه أو على الأقل فإنه يخلف وعده بما يفعله في ليبيا”، يقول ذلك عن أردوغان الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، وذلك أعنف هجوم توجهه باريس لأنقرة بخصوص ليبيا، وللأمر ظلال أكثر سلبية.

وبحسب تقرير بثته قناة “الجزيرة”، جاءت تصريحات ماكرون خلال لقائه رئيس الوزراء اليوناني، ما يعني أن ثمة احتشادات تجري تجند فيها دول لديها إرث من الخلاف مع تركيا، يعضد هذا مكالمة هاتفية بين وزيري الخارجية الفرنسي والمصري، أكدا خلالها ما سمياه التدخل التركي في ليبيا على خلفية تصريحات ماكرون بشأن تركيا، وفق الخارجية المصرية.

ماكرون قلق إذن مما سماه سلوك أنقرة، التي يؤكد الرجل أن لديها سفنا تنقل من وصفهم بالمرتزقة إلى ليبيا وهو ما ينتهك سيادة تلك الدولة ويعرض أمن أوروبا وغرب إفريقيا للخطر.

هل صمتت أنقرة على هجوم ماكرون؟، الجواب بالنفي، فقد سارعت الخارجية التركية لتحميل باريس المسئولية عن المشكلات التي تعاني منها ليبيا منذ عام 2011، ولتأكيد تقديمها دعما غير محدود لحفتر؛ سعيًا من فرنسا لأن تكون صاحبة الكلمة في الموارد الطبيعية الليبية.

أردوغان المتهم، بحسب باريس، شارك في مؤتمر برلين، وكانت أولى تصريحاته بل أكثرها حدة تعقيبًا على تصريحات للناطق العسكري باسم حفتر، قال فيها إن الحل في ليبيا عسكري، وهو ما دعم رواية أردوغان بأن هناك طرفا دون غيرٍ ينقضّ على توصيات مؤتمر برلين بعد صدورها من دون أن يُدان.

بحسب البعض فإن الصراع لم يعد في ليبيا فقط بل عليها، فثمة من جهة موسكو التي دخلت أخيرا على خط الصراع، ويقال إنها تسعى لتقاسم النفوذ مع أنقرة في ذلك البلد، ما يهدد أطراف الصراع القدامى ومن بينهم باريس، وهناك الجزائر التي أعلنت خطوطها الحمراء وتنسق مع تركيا، ما أثار استياء أطراف إقليمية تريد الاستفراد بالملف الليبي .

ويعتقد أن توسعة دائرة الصراع على ليبيا مرده حروب الغاز الجديدة في المنطقة، حيث تصطف أبو ظبي والقاهرة مع أثينا وتل أبيب في مواجهة أنقرة وموسكو في هذا الجانب، بينما تسعى أنقرة لحسم برلين لصلحها وتأليب روما على باريس في ملف بالغ التعقيد وذي إرث تاريخي ملتبس إذا أمكن لا يمكن حسمه حاضرا بمعادلات الحقبة الاستعمارية.

لعلها حرب قد تصبح كبرى توشك أن تبدأ بالوكالة وبالأصالة، بعد مناوشات خصوم محليين لم ينجح أحدهم في حسمها، فسعى لتوسيعها فانقلبت أو ربما هي في سبيلها إلى ذلك على الجميع، وفق البعض حيث لا منتصر.. والكل خاسرون.