الإمارات تعلن دعمها خطة صفقة القرن المزعومة.. والرياض تقدر جهود ترامب وتشجع على بدء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين.. والقاهرة المنكوبة بالانقلاب تقدر المساعي الأمريكية لإيجاد حلول للصراع العربي الإسرائيلي طالما كانت بإطار الشرعية الدولية!
ليس أمامك أيها الفلسطيني إلا أن تقاوم صفقة القرن وحدك في زمن الصهينة العربي، وليس أمامك سوى قلب الطاولة التي وضعها أعداؤك وأشقاؤك لتصفية قضيتك دون أن يسمحوا لك حتى بوضع كرسيك بينهم، وليس أمامك في ظل حصار العدو والشقيق إلا أن تحاصر حصارك بالجنون.. وبالجنون!
وعلى الرغم من أن إعلان رئيس سلطة التنسيق الأمني مع الاحتلال محمود عباس، من على منبر جامعة الدول العربية – أو العبرية – عن إرساله رسائل إلى الجانب الصهيوني بقطع الاتفاقيات لم يكن بالأمر المفاجئ للشعب الفلسطيني، لا سيما أن الإعلام الصهيوني كان قد نشر هذه الأنباء قبل يومين من خطاب عباس، في ظل تساؤل: لماذا لم يعلن عباس عن وقف هذه الاتفاقيات خلال خطابه يوم الثلاثاء الماضي؟
وفي قراءة لما ورد في خطاب عباس، وتحديدًا ما تعلق منه بقطع العلاقات مع كيان العدو الصهيوني، بما في ذلك العلاقات الأمنية، يرى الكاتب والمحلل السياسي وليد عبد الحي أن خطاب رئيس سلطة التنسيق الأمني امام الجامعة العربية وبعد عنتريات الرفض للصفقة دس المواقف التالية، أولها أنه سيظل على اتصال دائم سري وعلني مع السي آي إيه الأمريكية!
الجامعة تصفق!
وفي وقت سابق أكد عباس أن التنسيق الأمني مع الاحتلال "مقدس"، وسوف يستمر في ظل اتفاق المصالحة الفلسطينية مع حركة حماس، داعيًا إلى إسرائيل إلى استئناف المفاوضات لكن بشروط، بينما يضيف عبد الحي: "عباس يعتبر الإرهاب المحلي يعني الفلسطيني المزعوم إرهابا يجب مكافحته، وأتمنى أن يكون قادة حماس والجهاد والجبهة الشعبية وبقية الفصائل قد سمعوا ذلك".
مضيفًا: "يقول (عباس) لن يكون هناك علاقات أمنية مع إسرائيل، ولكنه لم يعلن حل جهاز التنسيق الأمني، وإعلانه عن توقف العلاقات الأمنية، هذا هو الإعلان للمرة 59، ويمكنني نشر مواعيد إصدار الـ58 مرة السابقة".
وتابع عبد الحي: "تناسى عباس موضوع اللاجئين تماما، ووافق في السابق وحاليا على دولة فلسطينية منزوعة السلاح في غزة والضفة، وهو ما تنص عليه صفقة ترامب الحالية.. أرجو أن تكون منظمات المقاومة قد سمعته جيدًا".
ويقول المحلل السياسي محمد الملط: "حكامنا يتوهمون أنهم يذبحون فلسطين لكنهم في الحقيقة يذبحون البلاد العربية بلا استثناء، فالمخطط كبير والمؤامرة خبيثة والله من ورائهم محيط".
صهاينة العرب
ويرى مراقبون أنه يجب أن تعترف حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية بفشل خيار أوسلو وإقرار التخلي عنه، واعتراف حركة حماس بفشل وهم الجمع بين سلطة تحت الاحتلال وبين المقاومة الشاملة وإقرار التخلي عنه.
وحول التداعيات على الأرض لحديث عباس عن تحمل الاحتلال لمسئولياته، تقول الكاتبة مي عزام: "أبومازن أعلن عن قطع العلاقات مع أمريكا وإسرائيل لم تتضامن دولة من دول الجامعة العربية مع السلطة الفلسطينية، وهددت بقطع العلاقات مع أمريكا، بل وجدنا عجبًا دولاً عربية تعلن تقديرها لما بذلته أمريكا من جهد لحل القضية الفلسطينية حل إيه وفلسطين نفسها لن يصبح لها وجود على الخريطة".
وقال مراقبون: إن الاتفاق على مشروع وطني فلسطيني يشمل منظمة التحرير وحماس والجهاد والتيارات الأخرى غير المنضوية في المنظمة، يتبنى خيار المقاومة الشعبية الشاملة المدنية، وهو خيار لا يعني شكلاً واحدًا من المقاومة.
ويشمل كل أنواع المقاومة المدنية من تظاهرات، وعصيان مدني، ومقاطعة اقتصادية، واعتصامات، واشتباك مع جنود الاحتلال، وتحركات دبلوماسية وإعلامية، وغيرها من مظاهر المقاومة التي يمكن للمنظمة والفصائل أن تتفق عليها بالاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى.
ووضع خطة شاملة للحل التدريجي للسلطة في الضفة الغربية والقطاع، بما يحمّل الاحتلال مسئولياته أمام العالم، دون حدوث فراغ مفاجئ في حياة الناس؛ لأن أخشى ما يخشاه الاحتلال هو هذا الخيار؛ لأنه سيضعه أمام مسئولياته الأمنية والإدارية التي تخلى عنها وتحملت السلطة أعباءها منذ توقيع أوسلو، ولأنه سيهدد بحدوث فوضى قد يدفع الفلسطينيون ثمنها بلا شك، ولكن الاحتلال سيدفع ثمنًا أكبر وأشد خطورة منهم.
وكان عباس قد خاطب الصهاينة في مايو 2014 بالقول إن التنسيق الأمني مع الاحتلال "مقدس وسوف يستمر سواء اتفقنا أو اختلفنا"، وأضاف- لدى لقائه في مدينة رام الله 200 مشارك من منتدى مؤسسات السلام في إسرائيل- أن "الجانب الفلسطيني يتفهم المخاوف الإسرائيلية الداخلية في موضوع الأمن، ومستعد للتعامل معها وتلبيتها، ومن ثم نقوم بمناقشة باقي القضايا".
وفيما يتعلق بعملية السلام دعا عباس حكومة الاحتلال إلى استئناف المفاوضات من خلال إطلاق سراح الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى، ووقف الاستيطان، وقال مخاطبًا الناشطين الصهاينة: "نؤكد لكم أنه لا يوجد طريق آخر على الإطلاق إلا المفاوضات السلمية للوصول إلى سلام بين الشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي"!.