لا جديد في تصريحات نتنياهو، أمس على حسابه على “تويتر”، سوى أنها تكرار لسداد فاتورة دعم اليهود للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ملف عزله أمام الكونجرس، وحان الوقت ليكرر رئيس حكومة الاحتلال ما سبق وقاله في يناير الماضي كهدفٍ لدعاية انتخابية لاستمراره بفساده، من أن “ترامب سيعترف بسيادتنا على غور الأردن وشمال البحر الميت”، وهو ما أضحك المحلل السياسي السعودي، مهنا الحبيل، الذي يرى في النص نفسه تناقضًا، فكيف هي سيادة وكيف هو غور “الأردن”؟!.
وزعم رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، عبر “تويتر”، أن دعم ترامب سيمتد لما قال “كل بلداتنا في الضفة وعلى المساحة الكبيرة من حولها”، وهي الأراضي الفلسطينية.
يقول الحبيل: “هناك نوع من السخرية السياسية في #صفقة_القرن.. يردد نتنياهو وترامب يهز رأسه.. سيادة إسرائيل على غور الأردن!.. اسمه الأردن وهو يقر بذلك.. كما كانت فلسطين هي #فلسطين قبل أن ينحلوا اسمًا مزورًا عليها.. فهي حكاية الاحتلال والأرض المغصوبة منذ وعد الغدر حتى زمن القهر”.
وأضاف نتنياهو بلغة الواثق: “الاعتراف الأمريكي بسيادتنا ليس منوطا بموافقة فلسطينية على صفقة القرن، بل بموافقة أمريكية وسينفذ بعد اكتمال رسم الخريطة”.
وفي الوقت نفسه يتزامن تصريحٌ لـ”دبلوماسيين غربيين” يقولون: إن “مشروع القرار الفلسطيني ضد صفقة القرن تم تأجيله ولا تصويت بمجلس الأمن الثلاثاء”.
ومما يدل على أن تصريح نتنياهو متكرر وممجوج، هو أن الكيان الصهيوني أعلن في 28 يناير عن “تشكيل طاقم خاص لفرض السيادة الصهيونية على غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات”.
وفي تاريخ متزامن شكر بنيامين نتنياهو “حكومات الإمارات والبحرين وعُمان على إرسال سفرائها للاحتفال مع المسئولين الإسرائيليين والأمريكيين بإعلان صفقة القرن”، كما وجه الشكر أيضا لـ”ترامب لأنه اعترف بضرورة فرض سيادة الكيان الاحتلالي على غور الأردن وأماكن استراتيجية أخرى!.
وأوضح نتنياهو في حينه أنّ ضم غور الأردن لن يشمل مدنه الفلسطينية، على غرار أريحا التي ستتحول إلى جزيرة عربية صغيرة تحيط بها الأراضي المسروقة من الفلسطينيين.
كما يؤيد أيضا منافس نتنياهو في الانتخابات التشريعية المرتقبة في 2 مارس، رئيس الأركان السابق بيني غانتس، ضم غور الأردن.
وفي 22 يناير صدرت تصريحات مسربة للصحف العبرية، تكشف خريطة ما يزعم أنه “خطة السلام الامريكية” المعروفة باسم صفقة القرن، وقالت إن الرد القادم من أمريكا هو لتوازنات انتخابية لصالح “نتنياهو -ترامب”، حيث أعلن نتنياهو خوض حملته الانتخابية تحت شعار “ضم غور الأردن وبسط سيطرة إسرائيل على شمال البحر الميت، وتعزيز مستوطنات الضفة الغربية”، وهو نفس ما ذكره اليوم بعد أقل من 20 يومًا.
آراء المحللين
المحلل الفلسطيني ياسر الزعاترة، اللاجئ بالأردن، قال: إن “تأكيد صبيان ترامب الصهاينة على أن عمليات الضمّ لن تتم قبل الانتخابات الإسرائيلية، لا يمكن فصلها عن ملامح التصاعد في هبّة الفلسطينيين وعمليات المقاومة.. تاريخيا؛ يتصاعد الاستيطان والتهويد مع تراجع المقاومة.. الكل يدرك ذلك، لكنّ الخائفين على “بزنس” الحبايب وبطاقات الـVIP، يتجاهلونه”.
وأضاف، في تغريدة سابقة، أن “خطة لإدارة ترامب عنوانها تقليص الإنفاق، بما في ذلك الذي يصل الفقراء (كوبونات الغذاء)، وكذلك حال المساعدات الخارجية لجميع الدول.. باستثناء الكيان الصهيوني.. للصهينة طقوسها الفاضحة، لكن مواجهتها صعبة في زمن “العلو الكبير”.. “علو” ليس بعده إلا التراجع.. تلك سنّة الله.. ووعده أيضا”.
كما اختصر الكاتب توماس فريدمان “اليهودي” في “نيويورك تايمز”، صفقة القرن بهذا القول: “بالنظر إلى توقيت إطلاق خطة الرئيس ترامب للسلام في الشرق الأوسط، يجب أن أبدأ بالسؤال: هل هذه الخطة تتعلق بدولتين لشعبين أم أنها تتعلق بتضليل واحد لقائدين قذرين”؟.
ولا يشك أحد الآن أن خضوع ترامب للوبي اليهودي بأمريكا أجبر الكونجرس، حتى بيلوسي التي قطعت خطاب حالة الاتحاد، على أن يسقط الاتهامات.
والأكثر وقاحة أن اليهود أنفسهم سخروا من العرب والمسلمين، فكتب الباحث الأمريكي اليهودي الأصل “بروس أبرامسون” على موقع نيوزماكس “Newsmax” الأمريكي مقالا يسخر فيه من العرب والمسلمين، بعنوان “لماذا خطة ترامب للسلام هي أفضل هدية للعرب؟”، ويبدأ المقالة بجملة “تخيل أنك محمد بن سلمان..” ثم يبدأ بالاستهزاء!.
غور الأردن
وتضم غور الأردن الذي تقترح خطة السلام الأميركية ضمها إلى الصهاينة، سهولا زراعية غنية بمواردها المائية، وهي عبارة عن قطاع ضيق استراتيجي يمثّل نحو 30% من مساحة الضفة الغربية المحتلة على طول الحدود مع الأردن.
وينظر الصهاينة إلى هذه المساحة الواقعة بين نطاقين صحراويين على أنّها حيوية لأمنهم.
وفي حال ضمها الاحتلال، سيصير هذا السهل الحدود الشرقية لفلسطين المحتلة تحت سيطرة الصهاينة، بما يزيد من المناطق الحدودية مع دولة الأردن التي وقّعت معها تل أبيب اتفاقية سلام في 1994.
وقالت “يورونيوز”، إنه ورغم اتفاق السلام، فإنّ غور الأردن سيكون من منظور جيش الاحتلال منطقة عازلة قليلة السكان في حال تعرّض الصهاينة لهجمات برية.
محور سيطرة
ويعيش نحو 10 آلاف من أصل 400 ألف من مستوطني الضفة الغربية المحتلة، ضمن غور الأردن، بحسب أرقام حكومة الاحتلال ومنظمات غير حكومية.
كما يعيش هناك نحو 65 ألف فلسطيني، بما في ذلك سكان أريحا الـ20 ألفا، بحسب منظمة بتسليم اليهودية المناهضة للاستيطان.
ويعد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير شرعي من وجهة نظر القانون الدولي.
ورغم ذلك، غيّرت الولايات المتحدة موقفها تجاه هذا الملف الحساس في نوفمبر، معتبرة أنّ المستوطنات لا تتعارض والقانون الدولي.
المنطقة ج
ويبسط الاحتلال سيطرته بالفعل على جزء كبير من منطقة غور الأردن لوقوعها ضمن المنطقة “ج” في الضفة الغربية، طبقا لاتفاقات أوسلو التي تحدد منذ منتصف التسعينيات العلاقة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال. وتمثّل المنطقة “ج” نحو 60% من مساحة الضفة الغربية.
وأعلن وزير الدفاع الصهيوني نفتالي بينت مؤخرا أن كل المنطقة “ج” تابعة للاحتلال وليس فقط غور الأردن.
تقول منظمة بتسليم إنّ 56% من السهل تقتصر على الاستخدام العسكري، ولا يمكن للفلسطينيين الوصول إلى 85% من أراضيهم.
وبحسب أرقام الاتحاد الأوروبي التي اطلعت عليها فرانس برس، فإنّ غالبية عمليات الهدم التي قام بها الاحتلال منذ 2009 كانت في غور الأردن (هدم 2403 مبان لفلسطينيين).