أوشكت إثيوبيا على رفض الوساطة الأمريكية بشأن مشروع سد النهضة الإثيوبي الكبير، رافضة الخضوع لمطالب مصر والسودان على السواء.
وانتقدت إثيوبيا الموقف الأخير للحكومة الأمريكية بشأن مشروع السد المثير للجدل فوق نهر النيل، والذي وضع الدولة الواقعة في شرق إفريقيا في خلاف مع مصر.
وقال وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاتشو، الثلاثاء الماضي، إن “البيان الأمريكي الذي يقول إن إثيوبيا يجب ألا تبدأ في بناء السد دون التوصل إلى اتفاق غير صحيح من الناحية الدبلوماسية، ونحن نعتقد أنه من الخطأ ونتوقع أن تصحح الولايات المتحدة هذا البيان”.
وتلعب الولايات المتحدة دور المحكم الذي تم تكليفه بمهمة التوسط في صفقة يتفق عليها الجانبان، لكن في الآونة الأخيرة شككت القيادة الإثيوبية في نزاهة واشنطن. وأضاف وزير الخارجية “نريد أن يلعب الأمريكيون دورًا بناءً. وأي دور آخر غير مقبول”.
البيان الأمريكي الأخير حث إثيوبيا على أنه “لا يجب إجراء الاختبار النهائي والتعبئة بدون اتفاق”، وهو ما جعل أديس أبابا غير سعيدة تمامًا بذلك، لا سيما وأنها أنهت فعليا 71% من بناء السد، وأنه مع يوليو المقبل ستكمل 29% الباقية.
هناك قضيتان عالقتان بين الدول الثلاث، إحداها هي الفترة الزمنية التي تملأ فيها إثيوبيا السد، والأخرى هي مقدار المياه التي ستطلقها إلى بلدان المصب.
تبلغ سعة السد 74 مليار متر مكعب من المياه، وإذا كانت إثيوبيا، التي تعتقد أن بناء سد على أراضيها هي حقها السيادي الخاص، تمتلك الكثير من تلك القدرة، فقد يكون لها عواقب وخيمة على الاقتصاد والأوضاع في مصر.
وكشف مراقبون عن أن التأثير على الإنتاج الزراعي في مصر يمكن أن يكون مدمرا إذا لم يحصل على 40 مليار متر مكعب على الأقل، في وقت تريد إثيوبيا الإفراج فقط عن 31 مليار متر مكعب سنويًا من 49 مليار متر مكعب”.
صفقة القرن
واتهم إثيوبيون واشنطن بأن وعودها بحل عادل يأتي في ظل وساطة عادلة مزعومة، وأنهم ليسوا متأكدين من هذا التعهد، ويشككون في نوايا الولايات المتحدة، التي تحتاج بشدة إلى دعم السيسي لـ”صفقة القرن”، التي وضعها الرئيس دونالد ترامب فيما يتعلق بـ”الفلسطينيين والصهاينة” في قبلة الصراع قبل الانتخابات الرئاسية نوفمبر.
وأضافوا أنه يبدو أن الولايات المتحدة تمضي قدمًا لمساعدة القاهرة في عرضها ضد مشروع السد، حيث أعرب ترامب عن أمله الانتهاء من الاتفاق على سد النهضة الإثيوبي الكبير قريبًا، وأن يستفيد منه جميع الأطراف المعنية.
وقال رئيس الوزراء آبي أحمد: “المشروع وسيلة لتعزيز فرصه في الفوز بفترة ولاية أخرى في انتخابات العام المقبل”.
وأعلن أحمد، في يناير الماضي، عن أنه طلب وساطة رئيس جنوب إفريقيا لمعالجة الخلاف، مما يشير إلى استعداده لتهميش الولايات المتحدة.
تجاهل انقلابي
وتناست وزارة الري والموارد المائية بحكومة الانقلاب اتفاق الخرطوم الذي وقعه السيسي، وإعلانه في غير مرة أنه لا توجد مشكلة مع الأشقاء في إثيوبيا وأنه يتعامل بحسن النية.
فيما يأتي “اتفاق المبادئ” الذي وقعه عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء الإثيوبي السابق “هايلي مريام ديسالين”، ويقول العديد من الخبراء إن هذا الاتفاق تضمن بنودا تضر بمصلحة مصر وموقفها من الأزمة.
وقالت وزارة الري والموارد المائية بحكومة الانقلاب، الخميس، إن المادة الخامسة من إعلان المبادئ تفرض على إثيوبيا عدم تخزين المياه في سد النهضة إلا بموافقة مصر.
وذلك ردا على وزير الشئون الخارجية الإثيوبي “جيدو أندارجاشيو”، عندما قال إن “بلاده تعتزم بدء التعبئة الأولية لخزان “سد النهضة” بعد 4 شهور من الآن، مشددا على أنه لا توجد قوة تستطيع ثني بلاده عن استكمال بناء السد”.
وقال المتحدث باسم الوزارة “محمد السباعي”: إن “المادة الخامسة الموقعة في ديسمبر 2015 هي المرجع الرئيسي لحل النزاع”، معربا عن أسفه من الموقف الإثيوبي وحديثه حول الملء بشكل منفرد.
ويرى مراقبون أن احتمالية السيطرة الإثيوبية على نهر النيل، والتي تم تحديدها دائمًا مع مصر وتاريخها من زمن الفراعنة إلى العصر الحديث، تؤدي إلى قلق كبير في القاهرة، والتي سبق أن قالت إنها ستتخذ جميع التدابير الممكنة، بما في ذلك الوسائل العسكرية، لضمان حقوقها في النهر.
وأتاح اتفاق قديم، صاغه البريطانيون عام 1929، القوة الاستعمارية في كل من مصر والسودان في ذلك الوقت، تمكين البلدين من المطالبة بجميع مياه النيل تقريبًا.
ومنذ نوفمبر، تقوم وزارة الخزانة الأمريكية بالوساطة بين إثيوبيا ومصر والسودان للتصدي للخلاف المتزايد بين الدول حول مشروع السد.