قالت قراءة تحليلية لموقع وصفحة “الشارع السياسي Political Street” إن مشروع قانون الإفتاء يستهدف بالأساس تقليص صلاحيات ونفوذ الأزهر وإضعافه كأكبر مؤسسة إسلامية في مصر والعالم لتمرير الصفقة الأمريكية الملعونة.
وأوضحت القراءة التي جاءت بعنوان “«مشروع قانون دار الإفتاء».. انسجام مع الديكتاتورية العتيقة وتهديد مباشر للأزهر” أن “المرحلة القادمة لا تحتاج إلى مؤسسات قوية تعرقل المخططات الأمريكية في المنطقة وعلى رأسها تصفية القضية الفلسطينية” في تلميح إلى مؤسسة الأزهر.
وأشارت القراءة إلى أن مشيخة الزهر تعاملت مع مشروع القانون الجديد بشكل رسمي حيث أرسل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خطابا إلى برلمان العسكر الموصوم ب”مجلس النواب” يطالب فيه بإرسال مشروع القانون لإبداء الرأي فيه، غير أنه وإلى الآن لم يعلن إن كان الشيخ تسلم المشروع من عدمه.
وكشفت عن أنه يتردد أن مجمع البحوث الإسلامية عقد اجتماعا طارئا لمناقشة مشروع القانون.
وأضافت أن الموقف الواضح هو “الصمت” قائلة: “التزمت المشيخة وهيئة كبار العلماء الصمت حيال مشروع القانون ولم يبد الأزهر ولا أحد من هيئة كبار علمائه أي تصريحات بهذا الشأن حتى كتابة هذه السطور”.
عقاب سريع
وربطت القراءة بين القانون المزمع إقراره لصالح السيسي بتعيين المفتي، والذي كان من صلاحيات هيئة كبار العلماء التي تتبع الأزهر الشريف ويرأسها شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبين التوقيت، وقالت إن “طرح مشروع القانون يأتي بعد أقل من شهر على مؤتمر الأزهر حول تجديد الخطاب الديني في 27 و28 يناير 2020م، والذي شهد اتهامات مباشرة من الإمام الأكبر لدعاة التجديد “الزائف” بأن الهدف هو اختطاف الأزهر والدين نفسه لخدمة أهداف سياسية لا يرضاها الدين”.
وأوضحت أن شيخ الأزهر أبدى مخاوفه الشديدة من تبديد الخطاب الديني بدعوى التجديد، واعتبر الهجوم على التراث مؤشرا وبرهانا على ذلك، وأن معاني التجديد نفسها هي مقولة تراثية لا حداثية.
ووصفت القراءة ردود الطيب على رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان “قوية ومفحمة ولاقت قبولا جماهيريا واسعا وعبرت الجماهير عن تقديرها لموقف الإمام الأكبر”.
موقف من الصفقة
ورصدت القراءة عدة ملاحظات، أبرزها الارتباط بصفقة القرن مشيرة إلى أن “طرح مشروع القانون في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما تبقى من تفاصيل صفقة القرن الأمريكية المشبوهة والتي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وعكست انحيازا سافرا للرواية الصهيونية”.
وذكرت ثلاثة مواقف تلمح إلى موقف الأزهر وشيخه الرافض للصفقة بل واعتبار موقفنا “كمسلمين وعرب” متخاذل فقالت “عبر الأزهر الشريف عن رفضه لهذه الصفقة المشئومة بالإعلان عن تدريس القضية الفلسطينية لجميع طلابه في جميع المراحل التعليمية من الابتدائية حتى الجامعة لتحصين الوعي العربي والإسلامي بقضية المسلمين الأولى في ظل تواطؤ مفضوح من جانب النظم التي تولي عروشها أهمية أكبر من مصالح الأمة والشعوب والمقدسات”.
أما الموقف الثاني فنبهت إلى تأكيد الأزهر مرارا عن رفضه لعمليات التهويد المستمرة للقدس والاعتراف الأمريكي بها كعاصمة للكيان الصهيوني، وإسقاط حق العودة لملايين اللاجئين.
أما الملاحظة الثالثة فكانت بإبداء الإمام الأكبر شيئا من هذا خلال ردوده على الخشت عندما تألم لعدم وجود العرب والمسلمين كقوة ضد ترامب وبنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان الصهيوني عند إعلان الصفقة.
حصر الصلاحيات
ونبهت القراءة إلى موقف الانقلاب أولا: الديكتاتوري، وثانيا: الرافض لكل ما “إسلامي” حتى المؤسسات التي سبق وساندته، فقالت إن “مشروع القانون في إطار الصراع الدائر منذ سنوات بين رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وسعي الطاغية السيسي لسحب أكبر قدر من الصلاحيات الممنوحة للأخير، والمحصن من العزل بموجب الدستور وهي المواد التي تضمنها دستور الثورة 2012 ولم يستطع العسكر محوها من دستور الانقلاب 2014م”.
وأضافت أن مشروع القانون الجديد يتسق وتوجهات انقلاب 30 يونيو الديكتاتورية؛ وبحسب مشروع القانون الذى يدرسه البرلمان، فإن تعيين المفتى يتم بعد الاختيار من بين 3 أسماء ترشحهم هيئة كبار العلماء بالأزهر، خلال شهرين قبل خلو المنصب، ويبقى المفتي في منصبه حتى بلوغه سن التقاعد، مع جواز التجديد له.
مشروع القانون
ولفتت القراءة إلى أن المشروع حظي بموافقة ممثلي الحكومة خلال اجتماعات اللجنة الدينية ببرلمان العسكر.
حيث ينص على أن: “دار الإفتاء هيئة ذات طابع ديني، تتمتع بالشخصية الاعتبارية، وتتبع وزارة العدل، ويمثلها فضيلة مفتي الديار المصرية، وتقوم على شؤون الإفتاء وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية. ويكون للدار أمين عام من الدرجة الممتازة، ويصدر قرار تعيينه من المفتي”.
أما النص الثاني مما أعلن عنه في صحف وإعلام الانقلاب فهو “جواز التجديد للمفتي بعد بلوغ السن القانونية المقررة للتقاعد، ومعاملته معاملة الوزراء من الناحية المالية والمراسم والمخصصات، وهو ما اعتبر تمهيدا لاستمرار المفتي الحالي الدكتور شوقي عبدالكريم موسى علام، الذي يبدي أكبر صور الخضوع والإذعان للنظام العسكري الحاكم، بعد انقضاء مدته الحالية في 4 مارس 2021، والذي سيبلغ من العمر 60 عاما (سن التقاعد) بحلول العام المقبل.
واستقلت دار الإفتاء المصرية ماليًّا وإداريًّا عن وزارة العدل في نوفمبر 2007، وأصبح لها لائحة داخلية ومالية تم اعتمادهما ونشرهما في جريدة الوقائع المصرية، وتتبع الدار وزارة العدل تبعية سياسية هيكلية فقط، دون أن يكون للوزارة أي سلطة عليها، وينحصر سبب هذه التبعية فيما تقوم به دار الإفتاء من نظرٍ في قضايا الإعدام وإبداء الرأى الاستشاري فيها.