دراسة: 9 رسائل مخابراتية وراء تكرار فيلم الممر

- ‎فيتقارير

قالت قراءة نشرها المعهد المصري للدراسات بعنوان “فيلم الممر بين رسائل النظام وفشل الوسيلة”، إن الشئون المعنوية لديها القدرة على جعل المذنبين أبرياء وجعل الأبرياء مذنبين من خلال تحكم سلطوي ترسخ بعقول الجماهير، وأضافت أن هذا ما فعلته المؤسسة العسكرية في الفترة الأخيرة عبر إنتاجها فيلم “الممر”، الذى يحتوي على العديد من الرسائل الموجهة إلى الشعب حتى تعود صورة الجيش إلى ما كانت عليه في الماضي.

وقالت إن فيلم “الممر” المكتوب داخل أروقة جهاز المخابرات الحربية، وجهاز الشئون المعنوية، ركز على عدة رسائل، من أهمها:

متناقضات الواقع

واعتبرت القراءة أن الرسالة الأولى جاءت كرد على أن الكيان الصهيوني هي العدو الحقيقي للمصريين، مشيرة إلى أن ذلك للرد على تقارير تشير إلى تنسيق أمني وتطبيع بين الجيش المصري وتل أبيب في سيناء، وأن الحقيقة مغايرة تماما لما يجري بالفعل من قبل قيادات الجيش منذ 3 يوليو 2013م.

وأوضحت أن عقيدة الجيش المصري تحولت من اعتبار أن الكيان الصهيوني هو العدو الرئيس لمصر، إلى اعتبار أن ما يُسمى “الإسلام السياسي” هو العدو والخطر الأكبر للبلاد.

وفي رسالة أخرى، عمل الفيلم على مناقشة مشكلة “المصاروة والسيناوية” ونقدها، وأظهر الفيلم أن المجتمع المصري عبارة عن نسيج واحد، وأظهر تضحيات رجال البدو في سيناء، في الوقت الذي تمارس فيه القوات المسلحة عملية إبادة وتهجير جماعي لأهل سيناء، ويتم التعامل معهم بأبشع الصور الممكنة.

طاعة الأوامر

ولفتت إلى رسالة ثانية أكدها الفيلم وهي ضرورة طاعة الأوامر واعتبارها عقيدة، حيث أشار الفيلم على لسان أحد أبطاله إلى أنه “لو كل واحد عمل اللي في دماغه الدنيا هاتخرب”، وهي رسالة موجهة إلى أفراد القوات المسلحة الغاضبين من السياسة المتبعة من قبل السيسي، إلى ضرورة إطاعة الأوامر وعدم مخالفة تعليمات القيادة حتى لو كانت خطأً.

تحمل الصعاب

وفي رسالته الثالثة، قال التقرير: إن الفيلم أكد ضرورة قيام أفراد الشعب المصري بتحمل الصعاب وتردي الظروف المعيشية الصعبة عند وجود خطر قومي يهدد البلاد، وضرورة وقوفهم مع القوات المسلحة لمواجهة الأخطار، وهذا ما يؤكد عليه السيسي في خطاباته.

وأن الرسالة الرابعة كانت مرتبطة بذلك، حيث عمل الفيلم على إظهار تضحيات الجيش ودوره في حماية البلاد، وأنه رمز البطولة ولا يفرط في الأرض ومقدرات الوطن ويفديها بالدم؛ في الوقت الذي تنازل فيه السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وقام السيسي أيضا بالتوقيع على اتفاقية مع إثيوبيا تنازل بموجبها عن الحقوق المصرية في مياه نهر النيل، وأصبحت مصر على مشارف أخطر أزمة وجودية في تاريخها تهددها بالعطش وبوار ملايين الأفدنة من الأراضي، بينما لم يحرك الجيش أو الحكومة ساكنًا لمواجهة ذلك.

تشويه الصحفيين

وأضافت الباحثة أن الفيلم سخر من العمل الصحفي، وجسد الصحفي الذي كُلف بتغطية المهمة العسكرية في شخص بدين، وإبراز أنه لا يملك أي خبرة عسكرية، ويتم الاستهزاء به من قبل الضباط، ولا يقوى على تحمل الصعاب، وهي صورة منافية تماما للواقع.

وأضافت القراءة أن الفيلم روج لمفهوم أن مهنة الصحافة والإعلام ليست مهنة شريفة، وقصر صناع الفيلم في البحث عن نماذج بطولية للمراسلين والصحفيين إبان معارك الاستنزاف وحرب أكتوبر. فيما رأى آخرون أن الأمر مقصود من قبل سلطة تعادي الصحفيين وتكره الصحافة.

وهو ما يأتي في سياق عام لسلطة تعادي الصحافة والصحفيين منذ الانقلاب باعتقال المئات منهم، وتم استهداف بعضهم بالقتل بشكل مباشر.

الجيش القادر

وأضافت، في رسالة أخرى، أن مصر في حالة حرب دائمة، وأن الجيش هو الوحيد القادر على إدارة البلاد، وأنه لا مكان للمدنيين في إدارة البلاد.

وعلقت القراءة بأن هذا خطأ فادح، حيث إن الأوضاع في مصر في ترَدٍ مستمر وتتجه إلى الأسوأ في ظل الحكم العسكري الذي تخضع له منذ عام 1952م، وإلى وقتنا هذا.

الهدف بحسب القراءة “تحسين صورة العسكريين، خصوصا بعد الحملات التي انتقدت انخراط الجيش في مشاريع تجارية واقتصادية حوّلته عن رسالته الأساسية في حماية حدود البلاد”.

تحسين صورة الداخلية

وأشارت القراءة إلى رسالة أخرى، حيث أراد الفيلم أن يحسن من صورة وزارة الداخلية والشرطة المصرية، التي تُعتبر الذراع القمعية التي تعتمد عليها المؤسسة العسكرية في التنكيل بالشعب.

وعلقت أن هذا “على عكس ما يحدث على أرض الواقع، حيث يتعامل رجل الشرطة مع المواطنين بكل عنف واستهزاء دون مراعاة لأدني حقوق الإنسان”.

دعاية ضخمة

وقالت إنه من أجل ضمان جمع أكبر عدد من المشاهدين، حرص جهاز الشئون المعنوية على جلب مشاهير في عالم الفن ليقوموا بأدوار البطولة، كالفنان أحمد عز والفنان أحمد صلاح حسني وغيرهما ممن لديهم شعبية كبيرة داخل المجتمع المصري.

كما تم رصد ميزانية مالية ضخمة للفيلم، وقامت الشئون المعنوية بحملات إعلانية كبيرة، خصوصا على مواقع السوشيال ميديا، حيث تولتها كتائب الجيش الإلكتروني والأذرع المختلفة للنظام، إضافة للتعاون مع عدة جهات لزيادة الإقبال على الفيلم مثل: حزب مستقبل وطن، ووزارة الشباب والرياضة، حيث مَنحوا تذاكر مجانية للجمهور لحضور العرض في دور العرض السينمائي التي كانت تمتلئ بأصحاب الدعوات المجانية أثناء عرضه.