في ظل ما تشهده المرأة المصرية المعتقلة في سجون الانقلاب من انتهاكات بينها الاعتقال ومنع زيارة الأهالي ودخول الطعام والأدوية للمعتقلات، فضلا عن الإخفاء القسري والإهانة والتحرش، وهي إجراءات تبدو ممنهجة معهن، يطل دور مركز سلطوي تابع للانقلاب بعنوان "المجلس القومي للمرأة" وهو أحد البراويز المعتادة في حكم العسكر، والتي يقدمها كواجهة أن لديه اهتماما بالمرأة وبمقابل استقرار أوضاع عضواته الوظيفية والمالية في "المجلس" يبررن استمرار منهج الانقلاب بحق نساء مصر.
وبرز هذا الدور منذ أن أقر السيسي في 2018 قانون لصلاحيات المجلس القومي للمرأة أقر فيه بالمجلس الموجود منذ أن عيّنه في 2014، بأوضاعهن الوظيفية والمالية، وعقد لهن أخيرا "المنتدى الاقتصادي الدولي للمرأة" تحت رعايته، وأشرف على تنظيمه "المجلس".
وقدمت مايا مرسي رئيسة المجلس وصلة من المديح كالته للسيسي ولدوره في "رعاية" المرأة في مصر، رغم أنها فقدت ابنها ذا الـ16 ربيعا في 14 يناير الماضي، فلا تغير شيئًا في قانون الأحوال الشخصية أو تمت معالجة غياب الأبناء عن الأسر بفضل الاعتقالات لهم ولأمهاتهم على السواء.
وادعت مايا مرسي في كلمتها في المنتدى أن المرأة تلعب دورا مهما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والاقتصاد وتنمية الأعمال وبناء الوعي الجماعي!.
وتبرز عناوين في الصحف عن رئيسة وعضوات المجلس وأحيانا ببيانات من المجلس للدعاية للنظام وقائد الانقلاب من عينة "مقررة لجنة الإعاقة بـ القومي للمرأة : تكليف الرئيس السيسي بتخصيص صندوق للمرأة نقطة تحول لسيدات مصر"، و""القومي للمرأة": الرئيس السيسي جبر خواطر المصريين"!.
في المقابل، يتجاهل المجلس القومي للمرأة (الحكومي)، دعوات الإفراج عن المعتقلات أو تحسين ظروف اعتقالهن.
وأطلق المجلس حملة بمناسبة اليوم العالمي للعنف ضد المرأة لمكافحة ختان الإناث تتضمن تنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والتوعوية بمحافظات الجمهورية المختلفة على مدار الـ16 يوما من الأنشطة المناهضة للعنف ضد المرأة.
واتهمت داليا لطفي – محامية في منظمة أنترناشيونال لويرز دوت أورج – المجلس القومي للمرأة بتخليه عن مسئوليته تجاه السجينات، قائلة إنه ما زال صوتا للحكومة المصرية، كما كان منذ إنشائه أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وكان يُفترض أن يكون صوتا لحماية المرأة المصرية، مشيرة إلى أن القائمين على هذا المجلس يكذبون هذه التقارير الحقوقية رغم أنهم لم يزوروا السجينات السياسيات، ولم يصدروا موقفا بشأن الصور والمنشورات عن العنف الجنسي الذي مارسته قوات الأمن على طالبات الأزهر.
مجالس سلطوية
يقول المحلل عبدالله عبد الجواد إن مثل هذه المجلس سلطوية ولا تنتظر منه البحث أو حتى السؤال عن حق سجينة سياسية ولا عن حق امرأة منتقبة أو محجبة المجالس المخملية تخصص ختان فقط.
وأضاف أن بعض الفعاليات هي من لزوم الوجاهة الاجتماعية، لصنف معين من المرأة، هو المعني به مجلس المرأة، صنف معين من الإنسان هو المعني به مجلس حقوق الإنسان.
وعلى الفارق قال: "تترك المرأة تتدهس وتصعق في السجون لكنهم يفزعون من أجل سؤال يهين إحداهن".
مواقف آنية
ومن أبرز المعتقلات من بين نحو 80 امرأة تعتقلهم سلطات الانقلاب، المحامية هدى عبدالمنعم، وروت ابنتها فدوى خالد كيف أنه اليوم وفي ذكرى "اليوم العالمي للمرأة" تبرز صورة السيدة "الست اللي علمتني يعني إيه ست قوية وجامدة وساندة نفسها وتعيش حياتها عشان تجيب حقوق الناس ومتسيبش حقها في السجن بقالها سنة واربع شهور وممنوع عنها الزيارة و ممنوع عننا الحياة ..".
وتوجهت بالاستنكار لعضوات المجلس المصنفات على حد قول "عبدالجواد": "يابتوع المجلس القومي للمرأة الستات مرمية في السجن امهات وبنات زي الورد انتو فين من كل ده".
أرقام صادمة
وتقول منظمة نظرة للدراسات النسوية إن عددًا من النساء واجهن انتهاكات بالغة وجرائم تعذيب داخل السجون ومقار الاحتجاز وحملات لتشويههن ونبذهن مجتمعيا؛ الأمر الذي جعل المجال العام مغلق أمام النساء ويهدد أمنهن وسلامتهن".
وحذرت منظمات حقوقية من بينها العفو الدولية، الإثنين، من تدهور صحة عائشة خيرت الشاطر والتي كانت قد انتقدت ظروف حجزها في إحدى جلسات المحاكمات.
وقال تقرير حقوقي، وثقته حركة "نساء ضد الانقلاب" فإن ما تم من انتهاكات بحق المرأة المصرية منذ انقلاب يوليو 2013 وحتى الآن، وصل باعتقال 2608 امرأة تعسفيا، وإخفاء 129 امرأة قسريا، و5 حالات لازالت قيد الإخفاء القسري حتى كتابة هذه السطور.
وقتلت سلطات الانقلاب نحو 300 سيدة وفتاة بطرق مباشرة أو غير مباشرة، ويوجد في معتقلات السيسي 86 حالة إهمال طبي داخل السجون لسيدات، وحالة وفاة داخل سجون الانقلاب بالإهمال الطبي "الشهيدة مريم سالم".
ورصدت الحركة بحث المرأة 331 حكم حضوري وغيابي في قضايا سيدات، و4 سيدات محتجزات بالحبس الانفرادي حتى اليوم وهن: علا القرضاوي، ونجلاء مختار يونس، وهدى عبد المنعم، وعائشة الشاطر.
وقالت إن إجمالي الأحكام السياسية الصادرة بحق السيدات 1388 عاما و9 أشهر، في حين أن 6 سيدات تم الحكم عليهن بالإعدام، وفصل 200 طالبة من الجامعات.
وعلى المستوى الرسمي، ومن إحصاءات المركز القومي للإحصاء كشف الجهاز عن أن النساء اللواتي تعرضن للعنف الأسري، بلغ نحو 34 % من النساء اللاتي سبق لهن الزواج تعرضن لعنف بدني أو جنسي من قبل الأزواج.
وأضاف أن أكثر من ربع النساء المصريات (27.4 %) تزوجت قبل بلوغهن 18 سنة.
ونحو 7 % من النساء المصريات تعرضن للتحرش في المواصلات العامة، بجانب تعرض نحو 10 % منهن للتحرش في الشارع، وذلك خلال الـ12 شهرا السابقة للمسح.
وكان السيسي قد سمى عام 2017 بـ"عام المرأة" قائلا: "المرأة المصرية هي "رمز القوة العطف والنبل والشجاعة والحياة الحب والجمال" لكن مراقبين يرون أن هذا الإجراء لم يحسن كثيرا من ظروف المرأة بشكل عام.