لا تزال الأيام تكشف للشعب المصري ما يملكه قادة الانقلاب العكسري من إجراءات قمعية تعصف بالحريات وتطيح بحرية النقد وتداول المعلومات التي كانت مزدهره في العام الأول من حكم الرئيس الشرعي للبلاد، الدكتور "محمد مرسي"، خاصة أن الأمر لم يعد فقط متوقفا عند معارضي الانقلاب العسكري بل بات يطال أشد المؤيدين له والمدافعين عنه، إذا ما قرروا أن ينتقدوا أو ينشروا معلومات صحيحة عن قادات الانقلاب العسكري وعلى رأسهم عبدالفتاح السيسي -قائد الانقلاب العسكري-.
فكانت آخر تلك الإجراءات القمعية والتعسفية، ما قامت به جهات سيادية بوقف طباعة عدد اليوم الخميس من جريدة "الوطن" التي يرأس تحريرها "مجدي الجلاد" لنشرها فقط تقريرا تضمن معلومات قيل عنها أنها "خاطئة" حول الذمة المالية لعبدالفتاح السيسى قائد الإنقلاب العسكري.
وعلى ما يبدو أن علاقات مجدي الجلاد الخارقة بسلطات الانقلاب، لم تنفعه لا هو ولا حتى جريدته التي تعد أحد أكبر الصحف الداعمة للانقلاب العسكري، حيث أكدت مصادر مطلعة أن التقرير الذى تضمنته الجريدة، عن الذمة المالية للسيسي والذي تحدث أنها بلغت الـ30 مليون جينة أثارت ردود فعل غاضبة بين "قادة الانقلاب" ما دفعهم لإصدار أوامر اليوم بوقف توزيع الجريدة بعد طباعة 50 ألف نسخة.. وتغيير الصفحة الأولى واستكمال عددها الصادر صباح الخميس، بعد تغيير تقرير الذمة المالية للمشير، حيث قام مجموعة من العاملين الإداريين بإعدام النسخ داخل مقر الجريدة.
ولم يكن مجدي الجلاد كداعم للانقلاب هو أول من يكتوي بناره، حيث شاهد الجميع ما فعلته "قناة السي بي سي" مع الإعلامي "باسم يوسف" حين انتقد "قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي" في برنامجه "البرنامج" وصدرت أوامر عليا بوقف إذاعة " البرنامج" وتم شن حملات تشهير بباسم يوسف وصلت لحد الإتهام بالخيانة والعمالة.
ولم يكن الكاتب "بلال فضل" أحسن منه حالا، حيث صدرت أوامر عليا أيضا بجريدة الشروق بمنع نشر مقاله لمجرد "انتقاده السيسي نفسه" وذلك على الرغم من أن "بلال فضل" كان أحد المدافعين عن 3 يوليو ورفض وصفه بالانقلاب.
العصف بالحريات وفرض الأمر بالقوة لم يتوقف فقط عند "باسم وبلال والجلاد" بل طال أيضا جريدة "الفتح" الناطقة بإسم حزب "النور" السلفي -الحزب الوحيد من بين أحزاب التيار الإسلامي المؤيد للانقلاب العسكري وأفعاله الدموية-، حيث قامت قوات أمن الانقلاب مساء الاثنين الماضي باقتحام مقر جريدة الفتح بالمعادي بحجة تصنيع قنابل وعبوات ناسفة داخل المقر.
وقامت تلك القوات بتدمير بعض محتويات المقر من أجهزة ومعدات، كما اعتدت بالضرب على الصحفي أحمد البدوي أثتاء توجيه أسئلة للقوات عن سبب الاقتحام مما أسفر عن اصابته في رأسه.
وبطبيعة الحال لم تكن الصحف ووسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب هي أول من إكتوت بناره حيث من المعروف أنه وعقب إعلان "السيسي لبيانه الانقلابي في 3يوليو 2013" صدرت أوامر سياديه بإغلاق كافة القنوات المؤيدة للشرعية، ومنها "قناة مصر 25، وقناة الناس، والحافظ" كما تم إغلاق مكتب قناة "الجزيرة مباشر مصر" وتم اعتقال أكثر من 20 إعلامي ومراسل ومصور بالقناة، فضلا عن اعتقال ومقتل عشرات الصحفيين على يد ميليلشات أمن الانقلاب.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها في مصر, تصدر أوامر سياسية وليست قضائية من "محمد إبراهيم ـ وزير داخلية الانقلاب" بوقف جريدة حزبية، وهي "جريدة الحرية والعدالة" رغم أن الجريدة لها حزب سياسي شرعي وقائم.
وبعدها بأسابيع صدرت أوامر بمنع إصدار "جريدة الشعب" الصادرة عن حزب الاستقلال "العمل سابقا" وذلك لمجرد اعتراضها على ما تقوم به سلطات الانقلاب بحق المتظاهرين السلميين وكشفها لممارستهم القمعية.
كل تلك الممارسات القمعية وغيرها دفعت الكاتب الصحفي قطب العربي -الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة سابقا, وأحد قيادات تيار الاستقلال النقابي- بالتعليق ساخرا على ما تشهده مصر حاليا, حيث كتب على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك "الدور الدور الدور الدور ..ملعونة يا اللي عليك الدور.. زملائنا الصحفيين الذين مهدوا للانقلاب واصبحوا ألسنته التي بررت عدوانه على حرية الصحافة والاعلام منذ لحظاته الأولى يشربون الآن من نفس الكاس" هو كاس وداير" بعد وقف برنامج باسم يوسف ومنع مقال بلال فضل ها هو الانقلاب يوقف الطبعة الأولى لجريدة الوطن لمجرد ذكر بيانات بحسن نية عن السيسي.. اشربوا ولسه ياما تشربوا .. أكلتم يوم أكل الثور الأبيض".