السيسي العاجز.. متى يكف المنقلب عن تعليق فشله على شماعة الإخوان؟

- ‎فيتقارير

في أكثر من موضع وموقف وإجراء، ظهر قائد الانقلاب عاجزا، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لعل آخرها ما وصفته به الرئاسة التركية في يناير الماضي بعدما اعتقل صحفيي وكالة الأناضول بالقاهرة، واعتبرت تصرفه جاء من “وضعية العاجز” وذلك قبل أن يخلي سبيل صحفيين مصريين ومدير المكتب التركي، وأطلقت سراحه بعد أن تدخل وزير الخارجية الأمريكي بومبيو لصالح ذلك؛ ليكشف سلطة الانقلاب وعجزها عن اتخاذ قرار أو المحافظة عليه.

لذلك يقول المراقبون إن السيسي تجاه كل مواقفه لم يجد إلا إلصاق تهمة الإخوان بكل معارض يكشف عن عجزه، فيتهم أغلب رجال أحزاب 30 يونيو المنقلبين على استحقاقات الصندوق ما بعد ثورة يناير 2011 وعددها خمسة، والذين عارضوه لاحقا، باتهام “العمل لتنفيذ أجندة جماعة الإخوان”، بل وصادر أموالهم بناء على هذا الاتهام، وتلك الشماعة، التي يريد أن يخفي رعبه من أي صوت يجمع الناس ويوحدهم بنظام النقاط ضده.

يشير المراقبون إلى أن إعلاميي الجزيرة وقنوات المعارضة ورفض الانقلاب التي تنطلق من إسطنبول في معظمهم ليسوا ممن ينتمي للإخوان المسلمين، فمحمد ناصر ممثل وكاتب سيناريو وأغان، ولم يثبت أنه كان يوما من الإخوان كما أن معتز مطر كان مذيعا بإذاعة الشباب والرياضة وانتقل لقناة مصر 25 وتركها لخلافه مع منهجية الإخوان، وعشرات آخرين تصنفهم سلطة الانقلاب بأنهم إخوان ويطنطن أذرع الانقلاب ليل نهار بأنهم “إخوان” وهو اتهام ينفيه أغلب من يتهمون به، لا خلل في جماعة الإخوان ولكنهم فعليًّا لا ينتمون لهم.

ويضيف المراقبون أن من دلالات العجز الانقلابي أن المجال السياسي أصبح مغلقًا والعدالة غائبة أو مغيبة ودستور الدولة تم تعديله ليرسخ لبقاء عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب في السلطة حتى حين، والسياسات الاقتصادية تلتهم ما تبقى من ميزانية محدودي الدخل أو القطاع الأكبر من الشعب المصري، أضف إلى ذلك العصا الأمنية الغليظة التي أصبحت تطال الجميع.

شهادة خبير

وتعتبر القروض دليلا اقتصاديا يكشف عن عجز الانقلاب، وتحدث الدكتور نادر فرجاني، رئيس مركز المشكاة للأبحاث، رئيس تحرير تقرير التنمية العربي الصادر عن الأمم المتحدة، في حوار معه على قناة الجزيرة في يوليو الماضي، فقال إن “النظام مفلس وهو بحاجة إلى الاقتراض والوسيلة الوحيدة المتاحة الاقتراض من المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، واصفا برنامج حكومة الانقلاب مع صندوق النقد بأنه مجموعة إملاءات وافق عليها الانقلاب للحصول على القرض ورضا مؤسسات التمويل الدولية ذات العلاقة الوطيدة بالإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني”.

وانسحب الفشل الاقتصادي إلى الفشل السياسي أو العجز الكلي، فأضاف الفرجاني “الانقلاب يشتري شرعية سياسية من موافقة صندوق النقد الدولي على إجراءاته ولو كانت تؤدي إلى خراب الاقتصاد المصري”.

ورفض فرجاني وصف مشروعات السيسي بالكبرى، مضيفا أنها ليست مشروعات اقتصادية على الإطلاق بل مجرد واجهات للترف والبذخ السفيه، مضيفا أنه في غياب إنجازات حقيقية ليس أمام النظام العاجز إلا التفاخر الأجوف بأشكال من التفاخر السفيه.

وكذّب فرجاني تصريحات السيسي بأن مصر ستجني ثمار الإجراءات التقشفية في عام 2020، مؤكدا أن مصر ستتغير تغييرات كارثية وإلى الأسوأ.

ولفت فرجاني إلى أنه في إطار تصور عام لإخضاع مصر لقوى دولية محددة خصوصا الكيان الصهيوني هناك إجراءات يتعين القيام بها تنطوي على كل هذه الآثار السلبية التي أشرت إليها والتي لها علاقة بصفقة القرن والسياق السياسي الاقتصادي الأعم للمنطقة.

 

حوار العاجز

ورغم أن الإخوان كانوا ضحية الكلمة والموقف وهم أول من بدأ التنكيل بهم، أما من جاء بعدهم على مذبح السيسي فهم ضحايا الصمت العاجز، المتواطئ أحيانا، ومن هؤلاء من يسمون بالنخب المتفنون في صياغة التهم والتشكيك، ومن هؤلاء علاء الأسواني الروائي الذي أعتبر أن حوار السيسي في يناير 2019 كشف عجز السيسي ولكنه اعتبر أن معد البرنامج منحاز للإخوان!

وكتب الأسواني تغريدة فقال إن “برنامج CBS كشف عن: 1 – تعاون السيسي الكامل مع إسرائيل 2 – قدرة السيسي العجيبة على إنكار الحقائق 3 – ارتباك الديكتاتور عندما يواجه صحافة لا تخاف 4 – الفشل الإعلامي والدبلوماسي الكامل للعاملين مع السيسي 5 – انحياز معد البرنامج المريب للإخوان لأنه قدمهم وكأنهم وحدهم ضحايا النظام”.

ولم يلتفت الإعلامي أحمد منصور لذلك الخلل، ولكنه أشار إلى لب العجز الذي أظهره قائد الانقلاب وكتب: “فضيحة السيسي العاجز الجاهل المستبد أصبحت عالمية كل المحطات التليفزيونية وشبكات الأخبار تنقل فضائحه لقد أصبح مثار السخرية والاستهزاء في العالمين”، بل اعتبره في تغريدة تالية “أحد أئمة الجهل في الدين حينما يعظ”.

أثارت موافقة برلمان العسكر، أمس الأحد، على تمديد حالة الطوارئ، بجميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر بأغلبية ثلثي الأعضاء، رغم حالة القمع التي يحكم بها قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، ردود أفعال واسعة.

 

 

وسيلة العاجز

قرار الطوارئ الذي جدده السيسي ينص على أن “تتولى القوات المسلحة والشرطة حفظ الأمن في جميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الإرهاب”، فهو متقزم خلف جنوده، بعكس الرئيس محمد مرسي الذي تقزم حرسه أمام جرأته وقوته وإقدامه وذلك بموقف قسم يمين الرئاسة في ميدان التحرير واعتباره أن حياته ثمن لهذه الثورة وقدمها فداء لها في آخر كلماته المسجلة.

الكاتب الصحفي وائل قنديل يعتبر السيسي زعامة كرتونية ملفقة، يعمد صانعوها إلى تزييف الوقائع، وصولا إلى “تابلوه” من خلال أضخم عملية “فوتوشوب سياسي”، بطلها ما يشبه الحاكم، لما تشبه دولة اسمها مصر، أول قل “رئيس كرتوني لدولة فوتوشوب”. معتبرا أنه في سبيل حماية هذا الصنم المخيف، كانوا يستبيحون كل شيء ويفعلون كل شيء، من التصفية الجسدية حتى الإخفاء في غياهب المعتقلات، مرورا بالإقصاء والإبعاد”.

ومن ذلك القمع مد حالة الطوارئ المتعارض مع المردود الاقتصادي والسياحي والسياسي وما تقدمه من رسائل سلبية عن عدم الاستقرار في مصر، إلا أن الأمر لا يمثل أي شيء للعسكر الذين باتوا يحكمون مصر، والتي يرونها مجرد ثكنة عسكرية، دستور مصر الحالي لا يجيز مد حالة الطوارئ لأكثر من مدة واحدة، إلّا أن السيسي يمده يوما بعد آخر فور انتهاء فترة المد.

ومن أثر حالة العجز محاكم الطوارئ التي شكلها قائد الانقلاب وهي عجز آخر مكشوف.