أكدت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، أن صدمة فيروس كورونا ستؤثر على احتياطات النقد الأجنبي، ونمو الناتج المحلي الإجمالي والأداء المالي للبلاد.
وتوقعت “فيتش” تعثر جهود الضبط المالي التي تبذلها الحكومة على المدى القريب، بالنظر إلى ضعف النمو الاقتصادي وتحصيل الإيرادات.
واعتبرت الوكالة الأمريكية أن الطلب الدولي الضعيف، سيؤدي إلى الحد من صادرات السلع المصرية (قدرتها بحوالي 17 مليار دولار)، والأرباح من حركة المرور عبر قناة السويس (5.8 مليار دولار)، في 2019.
وقالت “فيتش”، في تقرير لها الاثنين، إن تعطل قطاع السياحة الوافدة إلى مصر، واحتمال تأثر قطاع الصادرات، سيؤثر بشكل حاد على المالية العامة، “ويحتاج التعافي إلى وقت للعودة لمستويات ما قبل الأزمة”.
ويسهم قطاع السفر والسياحة بنسبة 12%من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، و10% من العمالة، بينما تقدر الوكالة عائدات السياحة للبلاد بـ13 مليار دولار (4% من الناتج المحلي الإجمالي) في 2019.
سبب الخوف والإنكار والتظاهر ببذل الجهود واضح؛ وهو صناعة السياحة في مصر، التي بلغت إيراداتها 12.57 مليار دولار العام الماضي، وقد تعطلت بعد ثورة 25 يناير في عام 2011، ومرة أخرى في عام 2015 عندما تم إسقاط طائرة ركاب روسية.
وأشارت الوكالة إلى أنه يمكن أن تتأذى التحويلات الخارجية البالغة 25 مليار دولار خلال العام الماضي. وأي نمو في الطلب المحلي لن يكون كافيا لمنع اتساع كبير في عجز الحساب الجاري بشكل عام.
ويهدد تفشي الفيروس عالميا، بالمزيد من التدفقات إلى الخارج خلال الأشهر الستة المقبلة. كان المستثمرون الأجانب يحتفظون بقيمة 20 مليار دولار من أذون الخزانة المصرية المقومة بالجنيه المصري في نهاية فبراير الماضي.
وتوقعت تقارير أن يؤدي عجز الحساب الجاري خلال العام الحالي، إلى جانب تدفقات استثمارات الحافظة للخارج، إلى الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي لمصر البالغة 45.5 مليار دولار.
السوق السوداء
بالتوازي كشفت رويترز عن مصرفيين ورجال أعمال، الاثنين، أن السوق السوداء للجنيه المصري عاودت الظهور في الأيام القليلة الماضية، وذلك تزامنا مع تأثر مصادر العملة الصعبة الرئيسية سلبا بانتشار فيروس كورونا (كوفيد 19). وهو ما يعني بحسب خبراء بدء سحب كورونا من الاحتياطي.
وأكد المصرفيون أن معاملات غير رسمية جرت عند سعر 16.15 جنيه للدولار، مقارنة مع سعر معروض يبلغ 15.75 جنيه بمكاتب الصرافة والبنوك.
وقالت المذكرة، يوم الاثنين، إن الدولار متداول بين 16.10 و16.15 جنيه في السوق الموازية، لكنها تداولات هزيلة مع تأجيل المستوردين الطلبيات.
وقالت المذكرة: ”بدأت البنوك ترشيد أرصدة النقد الأجنبي لديها (معطية الأولوية للواردات الضرورية)، تكيفا مع تراجع التدفقات القادمة من السياحة ومع نزوح الأموال الساخنة.“
وقالت المذكرة: ”في ضوء توقع نضوب السيولة (الأجنبية) بين البنوك بدرجة أكبر في الأشهر المقبلة، نتوقع أن يعمد (البنك المركزي) من حين لآخر إلى سد العجز عن طريق بيع الدولار إلى البنوك،“ مضيفة أنها تتوقع تراجع الاحتياطيات الأجنبية بين مليار و1.5 مليار دولار شهريا.
إجراءات أثّرت
وعلّقت حكومة الانقلاب، الأسبوع الماضي، جميع الرحلات الجوية التجارية، في مسعى لاحتواء التفشي، في خطوة مدمرة للقطاع السياحي.
وأوردت صحيفة المال، الاثنين، أن عدد سفن الحاويات المارة بقناة السويس تراجع 7.3% في فبراير، في مؤشر على أن فيروس كورونا يقلص حركة التجارة العالمية.
وقال الاقتصاديون، إن تداولات نشطة في أذون الخزانة المصرية للاستفادة من فروق أسعار الفائدة قد تباطأت في الأسابيع القليلة الماضية، مع قيام المستثمرين الأجانب بسحب الدولارات من مصر.
لكن على الرغم من ذلك، وباحتياطيات أجنبية بلغت 45.51 مليار دولار في نهاية فبراير/شباط، تملك مصر في خزائنها ما يكفي لدعم العملة؛ التي فقدت القليل من قيمتها بالسوق الرسمية منذ تفشي الوباء مقارنة مع عملات دول أسواق ناشئة أخرى مثل روسيا وتركيا وجنوب إفريقيا.
وقال مصرفي: إن إحدى الخطوات المتخذة بالفعل تمثلت في إصدار البنوك شهادات إيداع بالجنيه المصري، بفائدة مضمونة 15% لفترة محددة من أجل ثني الناس عن تحويل المدخرات إلى الدولار.
وقال مصرفي آخر ببنك استثمار إن زملاء له طلبوا الحصول على دولارات من بنك حكومي كاختبار. وقال إنه ”طُلب منهم الانتظار 48 ساعة غير أنهم حصلوا على ما طلبوه، لكن بعد مفاوضات على الحجم.“
وفي خطوة أخرى لدرء الدولرة، أبلغ البنك المركزي البنوك التجارية يوم الاثنين بخفض أسعار الفائدة على الودائع الدولارية إلى نقطة مئوية واحدة فوق سعر الفائدة المعروض بين بنوك لندن (ليبور) بدلا من 1.5 نقطة مئوية قبل ذلك.
إجراءات ربط الحزام
وقال عبد الفتاح السيسي، الأحد، إن حكومته ستخصص 20 مليار جنيه (1.27 مليار دولار) لدعم البورصة للتخفيف من أثر انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد.
وقال “السيسي”، في تصريحات أذاعها التلفزيون: إن مصر لديها احتياطيات استراتيجية كافية من السلع الغذائية الأساسية مثل الأرز والسكر، وإنه لا حاجة للناس لتخزين السلع.
هذا في وقت سجلت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب ظهور فيروس “كورونا” الجديد (كوفيد 19) في 24 محافظة من بين 27 محافظة في البلاد، وهو ما يعني وصول الفيروس إلى معظم محافظات البلاد.
وقال متحدث الصحة، إن قرار غلق المدارس أظهر فارقا كبيرا، لكنه استدرك بأن المخالطة لا تقتصر على المدارس، لكنها تتم أيضا في المجمعات التجارية والمقاهي والمطاعم.
وسجلت مصر رسميا 366 حالة إصابة بالمرض التنفسي الناتج عن الفيروس، بما في ذلك 19 وفاة، حسبما ذكرته وزارة الصحة، الاثنين.
كما أعلنت اكتشاف حالتي اشتباه بفيروس “كورونا” في منطقتين بنطاق مدينة المحلة الكبرى (دلتا النيل)، ما دفع وزير قطاع الأعمال، “هشام توفيق”، لمنح العاملين بشركتي مصر والنصر للغزل والنسيج بالمحلة إجازة بدءًا من الإثنين.
وأكد أنه تم التوجيه فورًا بمنح العاملين في شركتي مصر والنصر للغزل والنسيج بالمحلة، إجازة بدءًا من الاثنين 23 مارس، وحتى 31 مارس الجاري، مع التزامهم بالعزل الذاتي في منازلهم.
وأثار اكتشاف تلك الحالات مخاوف واسعة من احتمال انتشار الفيروس على نطاق واسع بين عمال شركة الغزل والنسيج كثيفة العمالة، والتي يبلغ عددها ما يزيد على 5 آلاف تقريبا.