حذَّر مدير الشرق الأوسط باللجنة الدولية للصليب الأحمر “فابريزيو كاربونى”، اليوم الخميس، من أنَّ الشرق الأوسط يواجه تهديدًا مزدوجًا يتمثل في تفشى فيروس كورونا بصورة جماعية في مناطق الصراع، إضافة إلى اضطرابات اجتماعية واقتصادية تلوح في الأفق.
وأضاف أن للأزمتين الاجتماعية والاقتصادية عواقب وخيمة، وشدد على أنّ البلدان المتضررة من النزاع في الشرق الأوسط تحتاج إلى دعم عاجل لوقف انتشار الفيروس، والتحضير لما قد يكون مدمرًا.
وتابع: “التداعيات حادة في مناطق الصراع في المنطقة، حيث يتعامل الملايين بالفعل مع القليل من الرعاية الصحية والغذاء والمياه والكهرباء، أو فقدان سبل العيش وارتفاع الأسعار وتدمير البنية التحتية”.
وأكّد مسئول الصليب الأحمر أن الاحتياجات الإنسانية ستتفاقم وستظهر احتياجات جديدة ما لم يدرك المجتمع الدولي التوابع الاجتماعية والاقتصادية، موضحا أن “التدابير الصحية العامة التي لا بد منها مثل الإغلاق وحظر التجوال تجعل من الصعب أو المستحيل لكثير من الأشخاص إعالة أنفسهم وأسرهم، حيث أُغلقت المتاجر الصغيرة والمقاهي التي كانت تضج بالحياة، وأصبحت لا تجد روادًا، كما أن الباعة المتجولين فقدوا زبائنهم، والتحول إلى العمل عبر الإنترنت ليس حلا ممكنًا للجميع.
وحذر مسئول الصليب الأحمر من أنه بمرور الوقت قد تتفاقم بشدة مستويات الجوع وسوء التغذية والأمراض المزمنة، والضغط النفسي المرتبط بالمشاكل الاقتصادية.
تقرير بلومبرج
وتحت عنوان “سيؤدي هذا الوباء إلى ثورات اجتماعية”، كتب الباحث “أندرياس كلوث” بصحيفة “الإيكونوميست” تقريرا لوكالة “بلومبرج” الأمريكية، قائلا: إن “تفاقم “كوفيد -19” سيؤدي إلى ظروف عدم المساواة والتي كانت موجودة في السابق، وأنها ستؤدي إلى اضطراب اجتماعي يصل إلى الانتفاضات والثورات.
وقال إن التأثير الفوري لكورونا هو إخماد معظم أشكال الاضطرابات، حيث تجبر الحكومات الديمقراطية والسلطوية على السواء سكانها على الإغلاق، مما يمنع الناس من النزول إلى الشوارع أو التجمع في مجموعات، مستدركا بالقول “ولكن خلف أبواب الأسر المعزولة، في السجون والأحياء الفقيرة ومخيمات اللاجئين- أينما كان الناس يعانون من الجوع والمرض والقلق حتى قبل تفشي المرض– تتفاقم المأساة والصدمات. مضيفا أنه بطريقة أو بأخرى، ستندلع الضغوط وتؤدي إلى انفجار.
وأضاف “سيكون من السذاجة الاعتقاد أنه بمجرد انتهاء هذه الحالة الطبية الطارئة، يمكن للدول الاستمرار كما كان من قبل، سوف يجد الغضب والمرارة منافذ جديدة للتعبير.
وأشار إلى أنه بمرور الوقت، يمكن أن تصبح هذه المشاعر حركات شعبية أو راديكالية جديدة، عازمة على كنس أي نظام قديم يعرفونه على أنه العدو.
وخلص إلى أن الوباء الكبير لعام 2020، هو إنذار لأولئك الذين يرفضون التجمعات الشعبية. إنه يتطلب أن نفكر بجدية أكبر وبجرأة أكبر، ولكن مع ذلك بشكل عملي، حول المشاكل الأساسية التي نواجهها، بما في ذلك عدم المساواة.
تغيير للأبد
وفي وقت سابق من أبريل الجاري، رأى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، في مقال له بصحيفة وول ستريت جورنال، أن جائحة كورونا ستغيّر النظام العالمي للأبد.
وقال كيسنجر: إن الأضرار التي ألحقها تفشي فيروس كورونا المستجد بالصحة قد تكون مؤقتة، إلا أن الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي أطلقها قد تستمر لأجيال عديدة.
وقال: إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم الآن بسبب الوباء الفتاك، أعادت إلى ذهنه المشاعر التي انتابته عندما كان جنديا في فرقة المشاة خلال مشاركته في الحرب العالمية الثانية، أواخر عام 1944، حيث يسود الآن الشعور نفسه بالخطر الوشيك الذي لا يستهدف أي شخص بعينه، وإنما يستهدف الكل بشكل عشوائي ومدمر.
وفي مؤتمر صحفي، حذر كيسنجر قادة العالم الذين يتعاطون مع الأزمة الناجمة عن الوباء بأساس وطني بحت، من أن تداعيات التفكك الاجتماعي المترتب على تفشي الفيروس لا تعترف بالحدود.
وختم كيسنجر بالقول: إن التحدي التاريخي الذي يواجه قادة العالم في الوقت الراهن هو إدارة الأزمة وبناء المستقبل في آن واحد، وإن الفشل في هذا التحدي قد يؤدي إلى إشعال العالم.