للمرة الثانية خلال أقل من شهر.. طائرة إماراتية تحط في مطار “بن جوريون” بحجة تقديم مساعدات للفلسطينيين، في المرة الأولى السلطة الفلسطينية رفضت استقبال المساعدات، فهل هذا يعني بأن “المساعدات” مجرد غطاء؟!
تتنوع الأساليب وتتغير التحركات والخطط والهدف واحد هو “التطبيع مع إسرائيل”، والقضاء على حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.. هذا عنوان الموقف الإماراتي تجاه القضية الفلسطينية، حيث لا تزال أبو ظبي تمارس سعيها المحموم للتطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يحتل ويغتصب الأراضي الفلسطينية .
أبو ظبي لعبت لعبة خبيثة في سبيل تنفيذ مخططاتها في فلسطين، حيث قامت في وقت سابق بتسيير رحلة جوية مباشرة إلى إسرائيل، الطائرة القادمة من أبو ظبي هي طائرة شحن تابعة لشركة الاتحاد للطيران المملوكة للإمارات، حطت الثلاثاء في مطار “بن غوريون” شرقي تل أبيب، وعلى متنها مساعدات طبية للفلسطينيين.
تجاهل السلطة
الغريب أنه وعلى الرغم من أن الطائرة الإماراتية تحمل مساعدات للفلسطينيين، إلا أن أبو ظبي اختارت تجاهل السلطة الفلسطينية حيال كيفية تسليم هذه المساعدات، ولكنها فضلت أن تستغل الأوضاع الحالية التي يشهدها العالم بسبب جائحة كورونا وآثارها الكارثية في سبيل تحقيق اختراق في عملية التطبيع مع إسرائيل، وذلك من خلال إدخال المساعدات من بوابة الكيان الصهيوني المحتل .
وسادت مواقع التواصل الاجتماعي موجة غضب واسعة تجاه شيطان الإمارات محمد بن زايد، بعدما أفادت وسائل منها وكالة “رويترز” وصحف صهيونية، بأن طائرة ثانية تابعة لشركة إماراتية وصلت الثلاثاء إلى مطار “اللد” شرق تل أبيب.
وبحسب ما ذكرته “رويترز”، فإن الطائرة ستحمل مساعدات طبية للسلطة لمكافحة كورونا، في حين قال مسئول فلسطيني إنه لا علم للسلطة الوطنية بوصول طائرة مساعدات إماراتية لها، ونفى تنسيق أي جهة مع السلطة بشأن الرحلة.
من جانبها نفت مصادر حكومية في قطاع غزة، علمها بوصول طائرة إماراتية محملة بمساعدات طبية، كما ورد في وسائل الإعلام الإسرائيلية، ولم يتم إبلاغهم بهذا الشأن من أي جهة كانت.
يشار إلى أن السلطة الفلسطينية سبق أن رفضت تسلم المساعدات المحملة في الطائرة الإماراتية الأولى بسبب عدم التنسيق معها، وشدد مصدر في السلطة على رفض الأخيرة أن تكون جسرا للتطبيع بين أطراف عربية وإسرائيل بدعوى المساعدات.
والنظام الحاكم في دولة الإمارات لم يكتف في الدعم الخفي والتعهد بتمويل صفقة القرن، بل ذهب حد المشاركة في مراسم إعلان الصفقة في واشنطن لتأكيد دوره المعادي لقضية العرب والمسلمين الأولى.
وتمر العلاقات بين دولة الإمارات والفلسطينيين، وعلى وجه الخصوص السلطة في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، بأسوأ مراحلها وأعقدها، حتى وصلت لحد القطيعة والتوتر المتصاعد، وذلك على خلفية المواقف التي تتخذها أبو ظبي تجاه القضية الفلسطينية وانحيازها الفاضح لـ”إسرائيل”.
صفقة القرن
التطبيع العلني مع “تل أبيب”، وتبنِّي سياسة الضغط لقبول الإملاءات الأمريكية ومن بينها “صفقة القرن”، التي طرحها دونالد ترامب رسميا في 28 يناير 2020، واحتضان النائب المفصول من حركة “فتح” محمد دحلان، وتهديد الجالية الفلسطينية بالملاحقة والاعتقال، والعلاقات بصفقات مشبوهة داخل مدينة القدس، جميعها أسباب دفعت الفلسطينيين إلى رفع الكارت الأحمر في وجه الدور الإماراتي.
وتحتل أبو ظبي، التي يُعد ولي عهدها محمد بن زايد حاكم البلاد الفعلي، طليعة الدول العربية المؤيدة لخطة ترامب لتسوية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ويتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة “إسرائيل”، بما فيها وضع مدينة القدس المحتلة، وحق عودة اللاجئين.
ومنذ سنوات تحشد إسرائيل لتقوية نفوذ ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في الإمارات وحلفائه الجنرال السفيه عبد الفتاح السيسي في مصر، ومحمد بن سلمان في السعودية للاستفادة من دعمهم في النيل من القضية الفلسطينية.
“الإمارات أظهرت وجهها الحقيقي تجاه قضية فلسطين، بتعاونها مع المحتل من أجل تغييب هذه القضية، بخلاف توقعات ومصالح ومخططات الفلسطينيين في الدولة والحرية وإنهاء الاحتلال”، يقول كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل عام 1948.
ويوضح الخطيب أن للإمارات أدوارا مشبوهة في الساحة الفلسطينية، أبرزها دورها في تعميق الخلافات الداخلية، وكذلك حماية الشخصيات المرفوضة كدحلان ودعمه لتنفيذ مشاريعها الخطيرة في المنطقة، وكذلك الصفقات التي تجريها في شراء العقارات بمدينة القدس وبيعها للاحتلال.
وذكر في حديثه مؤخرا، أن من ضمن الأدوار التي تتبناها الإمارات، وينفذها دحلان، الضغط على الفلسطينيين بكل الطرق من أجل قبول “صفقة القرن” التي تستهدف القضية، مشيراً إلى أن هذه الأدوار كانت دافعا للأزمة الحاصلة والإعلان الصريح عن رفض دورها ورفع الكارت الأحمر في وجهها.
العدو التاريخي
وحولت إسرائيل نفسها إلى طرف في النزاعات بين العرب وأنفسهم، إذ أصبح كيد العربي للعربي يتطلب تحسين العلاقة مع تل أبيب، حتى وصلنا إلى مرحلةٍ باتت معها أطرافٌ توقن بأنها انتصارها على عدوها الشقيق مرهونٌ بصداقتها مع العدو التاريخي والتقليدي.
كانت واشنطن وتل أبيب تدركان جيدًا أن حاجة الحاكم العربي إليهما تفوق حاجته إلى شعبه، أو احتياجه إلى أشقائه، بل بلغ الأمر حدود التحريض العلني من الدول العربية ضد بعضها عند الإدارة الأمريكية، وفي ذلك تفوّق وأبدع الشيطان محمد بن زايد والسفيه عبد الفتاح السيسي والمنشار محمد بن سلمان.
وظلت الانتهازية غالبةً على تفكير متصدّري المشهد منهم إلى الحدّ الذي لم يكونوا يمانعون معه في التطبيع المستتر، أو التغاضي عن التطبيع الصريح، إعلاميًا وصحفيًا.
في ظل هذا المناخ الرائع، كيف لا تمضي واشنطن وتل أبيب في رسم الخريطة الجديدة، من دون أن يفتح حاكمٌ عربي فمه، معترضًا أو حتى مستفهمًا، ومن دون أن يصدر عن جامعة الدول العربية ما يثبت أن فيها بقايا حياة، أو حياء، ولم تفُح رائحتها جثتها المتحلّلة بعد.
وبفعل سياسات الشيطان ابن زايد والسفيه السيسي والمنشار ابن سلمان، يتضح حاليا أنه الدول العربية أصبحت خواتم في أصابع إسرائيل تقلبها كيف تشاء، ويتنافسون في “تثمين” كوارث ترامب.
اللعبة الخبيثة التي أرادت أن تلعبها أبو ظبي تؤكد أنها لا تزال ماضية في تنفيذ أجندتها التخريبية ومخططاتها التي تهدف إلى إجهاض مكتسبات ومقدرات شعوب المنطقة والتكريس للأنظمة القمعية والديكتاتورية، كذلك تواصل سعيها لوأد القضية الفلسطينية التي تعتبر القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية.