وعود سخية وأحلام وردية حملها شيطان أبو ظبي للمصريين قبل نحو 8 سنوات، منذ الانقلاب العسكري في صيف 2013، إلا أن أغلبها تبخر سريعا، ليجني المصريون الأشواك باقتصاد متدهور، ودور إقليمي متقزم، وأمن قومي مهدد بمعاول هدم إماراتية.
منذ اندلاع الثورة في يناير2011، التي أطاح فيها المصريون بالمخلوع مبارك بعد 3 عقود في السلطة، وشيطان أبو ظبي محمد بن زايد يناصبها العداء، ثم كان مهندس وممول انقلاب السفاح عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو 2013، والذي بات مهموما وفق مؤشرات عديدة بفواتير عاجلة وآجلة الدفع للشريك الإماراتي، على حساب مقدرات البلاد.
وعلى وقع هذه الفواتير، سحبت الإمارات البساط من تحت أقدام مصر، عربيا وإقليميا، وباتت تزاحمها في أكثر من ملف سواء بدفعها نحو دعم حلفائها في ليبيا واليمن وسوريا، أو للدخول في مناكفات سياسية وجيو عسكرية مع تركيا، خصوصا بمناطق التنقيب عن الغاز شرق البحر المتوسط وليبيا.
يقول الناشط "خالد نيويورك" :" نتيناهو شكله حيخسر الانتخابات الإسرائيلية وكده السيسي يبقي بدون أكبر اثنين دعموه لقمع الشعب المصري نتيناهو والعنصري ترمب. وفي حالة حدوث ذلك فلن يستطيع الصمود امام ضغوط البيت الأبيض حتي بعد دعم الإمارات لأن بن زايد يريد F-35 من أمريكا أهم من السيسي".
أين رئيس الإمارات؟
ولا يفسر هذه العداوة والغل والحقد الأسود التي تشكل شخصية بن زايد إلا ما فعله مع شقيقه الأكبر، وطالب المحامي الدولي البارز محمود رفعت بفتح تحقيق دولي في ما فعله أشقاء رئيس دولة الإمارات المغيب خليفة بن زايد به.
وقال “رفعت” في تغريدةٍ على "تويتر": إن خليفة بن زايد حولّه اخوته من شيخ وقور لمخبول مسلوب العقل بعدما حقنوه بعقار أصابه بتلف عقلي، رغم ان كل الفظائع تصدر باسمه وتوقيعه وهو مسلوب الإرادة.
وأضاف: يجب فتح تحقيق في هذا الملف دوليا لحق انسان مستضعف الآن وأهله وكبوابة لوقف سفك الدم العربي.
ولم يظهر خليفة بن زايد رئيس الإمارات المغيب والبالغ (70 عاما) علنا منذ الإعلان عن خضوعه لعملية جراحية إثر إصابته بجلطة في 24 يناير 2014، إلا مرات نادرة.
ومنذ ذلك الحين استمر خليفة بن زايد في إصدار المراسيم موكلا الأمور إلى أخيه غير الشقيق، الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي .
وكان آخر ظهوره الذي بات نادرا منذ سيطرة شقيقه محمد بن زايد على الحكم في 2014، وإعلانه تعرض شقيقه خليفة الذي بات حاكما صوريا لأزمة صحية، الشهر الماضي حيث خرج ليصرح عن أهمية التطبيع مع الاحتلال ويشيد بهذه الخطوة.
وتولى خليفة بن زايد الرئاسة في نوفمبر 2004 إثر وفاة والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الإمارات العربية المتحدة عام 1971.
ويضم الاتحاد إلى جانب أبوظبي، إمارات دبي والشارقة وأم القيوين وعجمان ورأس الخيمة والفجيرة.
وتتحدث تقارير عديدة عن أن ولي عهد أبوظبي يخطط لتنصيب نفسه رئيسا للإمارات قريبا، وهو السيناريو الراجح لدى كثيرين.
ونقلت صحيفة “ذا دايلي تلجراف” البريطانية عن مصدر مقرب من العائلة الحاكمة في أبو ظبي رفض الكشف عن اسمه: “إن الشيخ محمد بن زايد يملك طموحا كبيرا بجعل الإمارات السبع تذوب في إطار إمارة أبو ظبي وينتهي شيء اسمه سبع إمارات وسبع أسر حاكمة، وذلك من خلال المشروع الذي أطلقه محمد بن زايد (البيت متوحد)”.
آثار التطبيع على مصر
ومن سواد ما يدخره شيطان أبوظبي للمصريين، أن الأمن القومي المصري بات مرهونا ومهددا باتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، إذ أصبحت قناة السويس أول ضحاياه المستهدفين، بعد الكشف عن خطط إماراتية إسرائيلية لا تستبعد السعودية، لإنشاء خطوط نقل بديلة لشريان مصر القومي، إضافة إلى تراجع الدور المصري التاريخي كوسيط في القضية الفلسطينية.
ومؤخرا أعلنت أكبر شركة مقاولات إماراتية "أرابتك" إفلاسها، بعد أن باعت الوهم للمصريين، ببناء مليون وحدة سكنية، دون أن تحقق منها شيئا.
وانعكس الاحتكار الإماراتي لمقدرات مصر وتراجع دعمها المادي السخي للعصابة العسكرية الحاكمة بالسلب على المواطنين، إذ ارتفعت أسعار الخدمات بصورة كبيرة، خلافا لزيادة الضرائب وتراجع الدولة عن تطوير قطاعها الخاص، مع توجه السيسي نحو الاقتراض بصورة غير مسبوقة، وفق مراقبين.
ويتخطى عدد الشركات الإماراتية التي تحتكر سوق العمل في مصر حاليا 1100 شركة بحجم استثمارات يزيد على 7 مليارات دولار -وفق تقديرات حكومية- في قطاعات النفط والغاز والموانئ البحرية والصحة والعقارات والاتصالات والزراعة والتعليم وتجارة التجزئة وغيرها.
حصانة للتخريب
وفيما يمثل الاستحواذ الإماراتي على مقدرات مصر، تهديدا مباشرا لأمنها القومي، يؤكد مراقبون أن الدور الرقابي للجهات السيادية على قطاعات تستثمر فيها الإمارات كالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعليم، بات مكبلا بحصانة من الموافقات الأمنية اللازمة أو المساءلات القانونية.
من جهته اعتبر الأكاديمي الخبير الاقتصادي المصري "أحمد ذكر الله"، التمكين الإماراتي في مفاصل الاقتصاد المصري إلى أن السلطة المصرية (الانقلابية) "تحاول أن ترد الجميل من خلال مجموعة من التسهيلات للمستثمرين الإماراتيين، دون الوضع في الحسبان تداعيات ذلك على الأمن القومي".
وقال "ذكر الله" إن الدور الإماراتي كان يستهدف منذ البداية تعطيل المشروعات المصرية التي تتنافس مع الدور الخدمي لديها، ولاسيما في القطاعات البحرية التي تقوم بها الإمارات سواء في منطقة "جبل علي" في دبي أو ميناء خليفة بأبو ظبي.
واستشهد في توضيحه للدور المشبوه في قتل طموحات المصريين في تطوير قناة السويس، أنه عندما استولت موانئ دبي على إدارة ميناء العين السخنة (أكبر وأهم الموانئ على البحر الأحمر) كان من المفترض أن يكون المشروع افتتاحية لمجموعة من المشروعات الكبرى، لكن السعة التخزينية للشاحنات التي تمر بالميناء نقصت من 570 ألف شاحنة إلى 500 ألف شاحنة فقط، وذلك بعد إسناد الإدارة لموانئ دبي، عبر اتفاق عام 2008 استحوذت بمقتضاه على حصة 90%.
وأشار إلى أن الإمارات جمّدت مشاريع تنمية محور القناة الواعدة عقب الانقلاب مباشرة وبصورة كاملة، دون أن توضح حكومة الانقلاب مصير هذه المشاريع التي كان مأمولا أن تنقل البلاد إلى مراحل تنموية متقدمة.
وأضاف أن الإمارات استولت أيضا على القطاع الطبي في مصر، حيث يقدر المتخصصون سيطرتها على ثلث القطاع من معامل ومستشفيات، خلافا لدورها فيما يحدث من عمليات تهجير وهدم في جزيرة الورّاق والقاهرة الفاطمية، تمهيدا لمشروعات سياحية وخدمات مالية، ضمن أدوار وخدمات مسبقة.
بدوره، أكد البرلماني السابق ثروت نافع، أن تحالف السفاح السيسي وبن زايد إضافة إلى بن سلمان في السعودية، ليس خفيا ومعلن منذ قبل الانقلاب العسكري، وتداعياته أصبحت واضحة المعالم للجميع.
وفي حديث للجزيرة نت، قال نافع إن مصر دفعت نظير هذا التحالف ثمنا كبيرا كالتفريط في جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر لصالح السعودية، وفي الارتماء لوجهة نظر إماراتية في بعض الملفات وعلى رأسها الملف الليبي.
وأضاف "نافع": "رغم أن النظام المصري (الانقلابي) كانت له بعض المواقف التي ربما تكون إلى حد ما عاقلة مثل عدم التدخل العسكري في اليمن، لكن لا تزال هناك شوائب، منها أن التحالف مع دول عربية تعتدي على دول عربية أضعف موقف مصر في المنطقة".
كما حذّر رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى السابق، من أن مصر "أصبحت تتلقى تهديدا جراء موقفها السياسي في بعض الملفات من الرياض وأبو ظبي، ما قزّم دورها في المنطقة وملفاتها الكبرى".
ومستبعدا وجود استفاقة مصرية متأخرة حيال تحالف السفاح السيسي وبن زايد، قال نافع "نتمنى أن يستفيق النظام وأن يعي حجم مصر ومكانتها ودورها التاريخي، لكن كل الشواهد لا تؤدي إلى أن ذلك سيحدث قريبا".
