أجابت ورقة تحليلية بعنوان "لماذا عادت الاشتباكات المسلحة فى الجنوب الليبى؟ وهل تؤدى هذه الاشتباكات إلى انهيار اتفاق وقف إطلاق النار؟" عن أسباب تحول الجنوب الغربي من ليبيا إلى ساحة اشتباكات بين قوات "حفتر" وقوات "الوفاق"، للمرة الثانية في غضون شهرين، حيث شهدت مدينة سبها توترا جديدا بين الطرفين، بعد صدام مماثل في مدينة براك، في الفترة الماضية.
تجدد الاشتباكات
وقالت الورقة، التي صدرت عن صفحة "الشارع السياسي"، إن عودة الاشتباكات المسلحة بين الأطراف الليبية (قوات حكومة الوفاق) و(قوات حفتر) فى الجنوب الليبي إلى ثلاثة أسباب رئيسية، أولها عدم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 +5) في جنيف، في 23 أكتوبر 2020، ينص على إخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة بإعادتها إلى معسكراتها، بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمسلحين الأجانب من الأراضي الليبية برا وبحرا وجوا في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار.
وأضاف أن هذا الاتفاق لايزال يعاني صعوبات في التنفيذ ومخالفات صريحة من أطراف عدة، محلية وخارجية. فخلال الفترة القليلة الماضية، اتخذ البرلمان التركي، فى ديسمبر 2020، قرارا بتمديد مهام القوات التركية في ليبيا (غرب ليبيا) 18 شهرا، كما نشرت وزارة الدفاع التركية صورا لتدريب جديد تقوم به لعناصر تابعة لحكومة “الوفاق”، في مدينة الخمس، تندرج ضمن اتفاقية التدريب والتعاون والاستشارات العسكرية، بين أنقرة وطرابلس.
وتابعت أن مدير إدارة التوجيه المعنوي في المنطقة العسكرية الوسطى، التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة طرابلس، ناصر القايد، رفض إرسال قواته لتنفيذ القرار المتفق عليه بين أطراف الحوار العسكري الليبي، بفتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق ليبيا وغربها، قائلاً إن “أعضاء اللجنة العسكرية 5+5، غير مخولين بإصدار أوامر لقواته بالانسحاب العسكري من هذه المناطق”. وقد أرجع المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع بحكومة “الوفاق”، عمران اشتيوي، هذا التعطيل الحاصل في تنفيذ هذا القرار، إلى عدم الاتفاق الكامل على تفاصيل وتوقيت الانسحاب النهائي من المناطق المحددة بالقرار.
وأردفت أن هناك اعتراض من قبل اللواء خليفة حفتر لمقترح أممي بشأن إرسال مراقبين دوليين لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، حيث طالب حفتر من ممثليه في اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) بتقديم اقتراح يقضي بتثبت وجود قواته في مدينة سرت وقاعدة الجفرة، بالإضافة لمشاركة مراقبين من دول حليفة له، وهى المقترحات التى جاءت بإيعاز من حلفائه في باريس وأبوظبي.
وجاء الرفض من جانب حفتر بعد اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أن يدعم مراقبون دوليون وقف إطلاق النار في ليبيا، مضيفا، في رسالة وجهها لمجلس الأمن الدولي، أن مقترحه جاء بناء على طلب من أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة بشأن تنفيذ آلية فعالة لمراقبة وقف إطلاق النار بمشاركة دولية.
تعثر المسار السياسي
وأضافت الورقة أن السبب الثانى هو عدم وصول مفاوضات الحل السياسي بين أطراف النزاع الليبى إلى نتائج واقعية، وقد اشتكت البعثة الأممية قبل أيام من أن ملتقى الحوار السياسي الليبي لا يسير نحو تحقيق مستوى مقبول من الإجماع على آلية لاختيار السلطة التنفيذية، ما دفع البعثة الأممية لتشكيل لجنة استشارية مكونة من 18 عضوا من أعضاء ملتقى الحوار للمساعدة في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن هذه القضايا الخلافية.
وتابعت أنه رغم المساعى الحثيثة للبعثة الأممية من أجل تشكيل اللجنة الاستشارية للخروج بموقف موحد حيال آليات اختيار شاغلي السلطة التنفيذية الجديدة؛ إلا أن هذه الخطوة تواجه مجموعة من التحديات منها إعلان رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح رفضه تلك الخطوة، داعيا للعودة لاعتماد تلك الآليات التي تضمن تقاسم السلطة وفق مبدأ الأقاليم الثلاثة؛ ويعكس بيان "صالح" شعوره بفقدان حظوظه في تولي منصب مهم في السلطة الجديدة تزامنا مع سعي للإطاحة به من منصبه كرئيس لمجلس النواب، كما يعكس ذهاب ملتقى الحوار السياسي إلى استبعاد الآليات التي سبق أن صوت عليها والتي تقوم على أساس تقسيم السلطة بين الأقاليم الثلاثة، وربما تعكس انقلابا على وعود لصالح بترؤسه للمجلس الرئاسى.
تحريض مباشر
أما السبب الثالث فهو التحريض الإماراتى؛ حيث نقل موقع “مدى مصر” الإخباري عن مصادر لم يكشف عنها، أن زيارة الوفد الانقلابى المصري للعاصمة الليبية طرابلس، فى 24 ديسمبر 2020، كانت لها عدة أهداف؛ أبرزها رغبة مصر في “استباق المزيد من التحريض الإماراتي على مغامرة عسكرية". وأن ذلك يكشف رغبة الإمارات فى عودة الصراع المسلح داخل ليبيا مرة أخرى، وربما تكون الإمارات هى من حرضت حفتر على تصعيد تصريحاته وتحركاته العسكرية التى ظهرت مؤخرا.
