“لوموند” استعرضت جرائمهم في الذكرى الـ 59 للاستقلال.. هذا ما فعله الفرنسيون بآلاف الجزائريات

- ‎فيعربي ودولي

ليس جديدا الحديث عن جرائم الاحتلال الفرنسي ضد آلاف الجزائريات اللاتي انتهك جنود الثورة الفرنسية خلال 8 سنوات (1945-1962م) أعراضهن، وكانت أول من تحدثت عن هذه الجريمة المسكوت عنها جزائريا -اعتبارا لشرف الجزائريات- المقاومة الجزائرية لويزة إغيل أحريز، التي كسرت حواجز الصمت لتكشف عن اغتصاب سلطات الاحتلال الفرنسي لها.

وسجل الفرنسي هنري  بويليت في كتابه “التعذيب في الجزائر "“la villa susini,Torture en Algérie, juin 1961- mars 1962 " ونقل 88 شهادة في أحدث كتاب بشأن اغتصاب الجزائريات والجزائريين في ثورة التحرير.
الجديد اليوم، هو تزامن عيد ذكرى الاستقلال في الجزائر، الموافق 19مارس، مع إعادة صحيفة "لوموند" الحديث في المسكوت عنه من سجل الاستعمار الفرنسي للجزائر باغتصاب المقاومات كأسلوب للعقاب.
ونشرت لوموند الفرنسية الخميس 18 مارس، تقريرا حول جرائم الاغتصاب الممنهج الذي تعرضت له الجزائريات على يد قوات فرنسا خلال حرب الاستقلال 1954 – 1962.
ويشير نشطاء إلى أن ما كشفته "لوموند" يؤكد حقارة ما يدعيه ماكرون لتحقيق ما يصفه بـ"المصالحة" مع تاريخ فرنسا الاستعماري، في الجزائر وذلك باتخاذ "خطوات رمزية" لم يكشف عنها ، ولكنه في الوقت ذاته استبعد أي اعتذار عن جرائم الاستعمار الفرنسي.
ويضيف المراقبون أن استعراض التاريخ الفرنسي الأسود من خلال فتح "لوموند" هذه الصفحة السوداء من استخراب فرنسا في الجزائر- يكشف أنهم يواصلون "استرخاص" دماء المسلمين وأعراضهم وثرواتهم..ولا يبالون. 

وقالت الصحيفة الفرنسية: في أعقاب الاستقلال عام 1962، كان الصمت شعار العائلات الجزائرية. طُلب من جميع الذين عانوا الفظائع، وخاصة الاعتداء الجنسي، التزام الصمت. حتى اليوم، يعد الاغتصاب مرادفا للعار. على الرغم من كل ذلك، تتغير العقليات ببطء. فيما بينهن، ودون شهود، تتحدث المجاهدات اليوم عن العنف الذي تعرضن له أثناء استجوابهن.


حرب الاستقلال
وكشف المترجم حسن قطامش ملامح مما نشرته "لوموند" الفرنسية في تقريرها حول جرائم الاغتصاب الممنهج الذي تعرضت له الجزائريات على يد قوات فرنسا؛ ففي إبريل 1957 وفي دفتر ملاحظاته الشخصي كتب الملازم الثاني "دينيس" المظلي في الفوج 18من صيادي المظلات، بخوف عن "حملات الاغتصاب" كما يطلقون عليها حينها: كانت النساء يغطين وجوههن بالسخام " سواد القدور " وأحيانا بالبراز ، في محاولة لإثارة اشمئزاز المعتدين عليهن. 
وقالت "لوموند": " إن مسألة الاعتداء الجنسي والتعذيب المرتكب بشكل شبه منهجي من قبل  بعض الجنود الفرنسيين كانت موضوعا مسكوتا عنه في الأبحاث التاريخية في البلدين، ولم يكسر حاجز الصمت سوى نساء تمتعن بالشجاعة لاتخاذ خطوة مماثلة".
وفي يونيو 2000 م نشرت لوموند شهادة غير مسبوقة عن عمليات الاغتصاب في الجزائر وشهادات بعض الجنود الذي عايشوا هذه الفظائع سواء كتبوها في مذكرات خاصة أو راسلوا بها أهلهم.
وتابعت: "حتى الآن، لم تُشف الجزائر من صدمتين، وهما أشد وطأة من كل الصدمات الأخرى؛ قضية المفقودين وقضية الاغتصاب.. لم تكن عمليات التعذيب الجنسي التي ارتكبت في الجزائر مجرد أخطاء فادحة، وإنما نتاج الإرادة السياسية الفرنسية، من أجل سحق العدو وإذلاله.. وكان الاغتصاب الذي ارتكبته القوات الفرنسية جزء من نظام القمع والترهيب الذي يتم تطبيقه في الجزائر قبل فترة طويلة من انتفاضة 1954".

شيوع الجريمة
وكشفت الصحيفة الفرنسية أن عمليات الاغتصاب ارتكبت في كل مكان تقريبا بين 1954 و1962 وفي الريف أكثر بكثير مما كانت عليه في المدينة، وعرفت نسقا تصاعديا مع تقدم سنوات الحرب، نظرا لأن المظليين التابعين للجنرال ماسو تم منحهم السلطات الكاملة في أوائل عام 1957".
ونقلت الصحيفة عن "قدامى المحاربين والضحايا والشهود الفرنسيين"، أنه كان هناك نوعين من الاغتصاب؛ عمليات ارتكبت في مراكز الاستجواب المتعددة في جميع أنحاء البلاد، وأخرى حدثت في البيوت الطينية خلال حملات القوات الفرنسية إلى القرى والنجوع المعزولة".
ونقلت الصحيفة رواية إحدى الضحايا، وكانت طالبة تمريض، ففي عام 1956 ذهبت إلى الجبال حيث يتحصن المجاهدون، لكن تم القبض عليها في العام التالي في شرق البلاد، مع ثلاث ممرضات أخريات، فاقتيدت إثر ذلك إلى الجزائر العاصمة، ثم نقلت مكان تعذيب في القصبة السفلى، وهناك تعرضن لاغتصاب جماعي.

إمعان في الجريمة
ونقلت الصحيفة عن المحامية جيزيل حليمي: " تسعة من جملة عشر نساء تعرضن للاغتصاب أثناء الاستجواب"، وأضافت: "كان الاغتصاب منتشرا في كل مكان، وكانت تستخدم أدوات مثل الزجاجات والعصي في الاعتداء الجنسي على النساء والرجال، كما لم يسلم من هذه الجرائم البشعة حتى الأطفال الذين اعتدت عليهم القوات الفرنسية". 
وكشفت "لوموند" أن فرنسا وظفت الكلاب المدربة على الاغتصاب ، وأن هناك أحد المعتقلين السابقين في مركز اعتقال فرنسي قرب سطيف قال إن حوالي 500 رجل اعتقلوا في هذا المعسكر، محاطين بالأسلاك الشائكة المكهربة والألغام، وبرغم كل أنواع القمع والجوع والذل والأشغال الشاقة التي سادت المكان، لكن الأسوأ بالنسبة للمعتقلين كان الكلب الأسود "موموس" والذي يبلغ وزنه ستين كيلو جراما، والذي تم تدريبه من قبل القوات الفرنسية على اغتصاب السجناء !! وكان جنود فرنسا يشاهدون ما يفعله بالسجناء الجزائريين ويضحكون ويستمتعون".


شهاجدة جزائرية
وترجمت صحيفة "عربي 21" المقال حيث نقلت "لوموند" عن الأكاديمية دانييل جميلة عمران في كتابها "النساء في الحرب الجزائرية"، ما نقلته من اعترافات مجاهدتين: "أنا وفريدة أثرنا مشكلة الاغتصاب. لم يرغب أقرباؤنا في تصديق ذلك في البداية. ثم استوعبوه. ما الذي سيقع فعله بكل حالات الحمل هذه؟ قال القائد سي لاخضر، 'حسنا، سنقتل الأطفال' قلنا 'لا، لا يمكنك قتل الأبرياء.' في الواقع، لم يفعلوا ذلك، بل احتفظوا بكل هؤلاء الأطفال. لم يرغب الأزواج بذلك، لكنهم احتفظوا بهم في النهاية. كانت هناك صعوبات، لكن الجميع فهم الأمر".