قالت ورقة تحليلية بعنوان "سيطرة طالبان على أفغانستان .. الأسباب والتحديات المستقبلية" نشرها موقع الشارع السياسي إن "أبرز التحديات الموجودة أمام حركة طالبان التي عادت في 15 أغسطس إلى كابول بعد انفصال دام 20 عاما، هو الواقع المرير على المستوى الاقتصادي والإنساني في أفغانستان".
وأوضحت أنه "رغم التقدم العسكري لطالبان على الأرض وفتحها مجالات واسعة من الحوارات الدولية المترافقة مع تطمينات بالداخل والخارج، فإن المستقبل القريب في البلاد يبدو مأزوما، بفعل الرؤى الدولية للحركة المسلحة ورفض المؤسسات الدولية الوصول للحكم بالقوة".
وقالت إن "التأثيرات الإقليمية تبقى هي الأكثر في المشهد المضطرب، فمن المنتظر وقوع تداعيات خطرة على الاستقرار في آسيا، فيما يتعلق بنظرة حلفاء واشنطن في جنوب شرق آسيا إلى مصداقية واشنطن في حمايتهم ضد بكين، وبالتالي ربما يؤثر تقدم طالبان في المستقبل على إستراتيجية “تحالف الديمقراطيات الرأسمالية” الرامي لمحاصرة الصين".
عقبات الواقع المتدهور
وتحدثت الورقة عن "كثير من العقبات ما زالت تهدد وضع طالبان، على الصعيدين الداخلي والخارجي، ومنها تشكيل نظام حكم جديد".
ونقلت عن قائد في حركة طالبان، قوله "نريد مغادرة كل القوات الأجنبية قبل أن نشرع في إعادة هيكلة نظام الحكم".
وأضافت أن "دوائر أمريكية تريد استمرار الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان أو توجيه ضربات عسكرية قاصمة لطالبان، لإثناءها عن استثمار انتصارها العسكري سياسيا، وفي تقديرات أمريكية يمكن أن يجري الاتفاق في الأيام المقبلة على شخصية أفغانية قريبة من واشنطن، لقيادة الحكومة الانتقالية".
واشارت إلى أن "علي أحمد جلالي، الأكاديمي ووزير الداخلية الأفغاني السابق المقيم حاليا في الولايات المتحدة، من المرجح أن يتولى رئاسة الحكومة الأفغانية المؤقتة".
واستدركت أن "الأمر معلق بقدرة طالبان على تشكيل حكومة متجانسة متناغمة تقود البلاد في المرحلة المقبلة، وحدود دورها ومهامها العاجلة والآجلة".
وقالت الورقة إن "عقبة الاعتراف الدولي، معضلة لطالبان فواشنطن هددت بألا تعترف بها، ولن يستطع أحد الاعتراف بدولتها وحكمها لأفغانستان، وهو الأمر الذي كرره باكستان الجار الأقرب لأفغانستان، معلنة أن اعترافها بحكم طالبان مشروطا باعتراف المجتمع الدولي".
التحديات الاقتصادية
وتحدثت الورقة عن "اعتماد أفغانستان على المساعدات الخارجية، ورغم امتلاكها احتياطيات معدنية كبيرة، يرغب جيرانها مثل الصين أو الهند في الاستفادة منها، إلا أن الوضع الأمني لم يتح تطوير نشاط التعدين بشكل كافٍ، ويأتي قسم كبير من الثروة الوطنية من تهريب المخدرات، وخاصة الهيرويين الذي تُعدّ أفغانستان إلى حد بعيد أكبر منتج له في العالم".
وأضافت أن "ملايين الأفغان يعانون الصعاب للحصول على قوت يومهم، فيما يعرقل الجفاف المستمر منذ وقت طويل الإمدادات في بلد يعاني من تصاعد العنف بالتزامن مع استكمال انسحاب القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة".
وتدعو منظمات الإغاثة المانحين إلى "تقديم أموال ومساعدات إنسانية طارئة، في ظل توقعات بانخفاض محصول القمح السنوي قرابة النصف، والمخاوف من نفوق ملايين رؤوس الماشية بسبب نفاد إمدادات المياه".
نظرة غربية
وتطرقت الورقة إلى "النظرة الغربية لمستقبل أفغانستان في ظل سيطرة طالبان، لافتة إلى أن معظم تقييمات الأوضاع الحالية في أفغانستان تركزعلى حقوق الإنسان وخاصة للنساء، وانتقال أفغانستان إلى قاعدة للضربات الإرهابية ضد القوى الأجنبية".
وأضافت عن تلك الرؤية أن "الاضطرابات ستخلق مساحة يمكن للمقاتلين الأجانب أن يستخدموها في التدريب والتخطيط لهجمات على البلدان المجاورة أو على الصعيد الدولي".
وأشارت إلى أنه "ربما كانت التقييمات المستندة إلى تجارب طالبان في أواخر التسعينات ثم عمليات مكافحة التمرد في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، دقيقة تماما في يوم من الأيام. لكن الزمن تغير كما تغيرت الظروف وتوازنات القوى الإقليمية".
وخلصت إلى "أهمية مراجعة تلك التقييمات والافتراضات الغربية".
تنافس طامعين
وأشارت الورقة إلى "تحدي يتعلق بالتنافس الإقليمي والدولي، مثل توظيف طالبان في الصراع الإيراني السعودي لصالح أهل السنة. وبحسب الورقة "واصلت السعودية دعم المسلحين المناهضين لإيران والشيعة في المثلث الحدودي الإيراني الأفغاني الباكستاني وإلى الجنوب على الجانب الباكستاني من الحدود بالرغم من جهود ولي العهد محمد بن سلمان لإبعاد المملكة عن الهوية المتشددة التي شكلت تاريخ البلاد وجعلتها شريكا لـطالبان".
وقالت إن "من المحتمل أيضا دخول أطراف مثل تركيا وقطر على ساحة الصراع في أفغانستان، ومن المحتمل أن تكون معارك الوكلاء أقل بينما يتم التركيز على المعارك الاقتصادية والثقافية والتي تبدو فيها التحالفات مختلفة بشكل كبير عما كانت عليه في الماضي، وسيكون أحد العوامل الحاسمة في اندلاع الخصومات هو موقف طالبان تجاه الجماعات العرقية والدينية غير البشتونية".
دول الجوار
ورأت الورقة أن "صعود طالبان بالنسبة لباكستان يعني دعم التيار المتشدد في البلاد، وزيادة عدم الاستقرار السياسي وتأثير مباشر على الاقتصاد الباكستاني المتهالك والمعتمد على الدعم الخارجي".
وأضافت أنه "منذ نهاية العمليات العسكرية الباكستانية المشتركة مع أميركا ضد طالبان في عام 2015، اتجهت باكستان إلى الصين في الحصول على الدعم المالي لاقتصادها المتدهور".
إذ استثمرت الصين عشرات المليارات من الدولارات في مبادرة الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي يشمل مجموعة من مشاريع البنية التحتية من بينها مشاريع قيمتها 47 مليار دولار قيد الإنشاء في جميع أنحاء باكستان منذ عام 2013، من إجمالي مشاريع الممر الباكستاني الصيني البالغة 70 مليار دولار.
وأشارت إلى أنه "على الصعيد الروسي، ربما تكون موسكو سعيدة بهزيمة الولايات المتحدة وانهيار نظام الحكم في كابول، وبالتالي خروج القوات الأميركية من أفغانستان دون حصاد يذكر غير الخسائر، ولكن لايبدو أن موسكو ستكون رابحة من الهزيمة الأميركية، إذ لدى روسيا مصالح ضخمة من العلاقات التجارية والنفطية في آسيا الوسطى وتتخوف عليها من حركة طالبان التي تكنّ لها عداء تاريخيا منذ الغزو السوفييتي في القرن الماضي".
وقالت الورقة إن "الشركات الروسية لها استثمارات تقدر بنحو 20 مليار دولار في دول جمهوريات آسيا الوسطى التي كانت تابعة للإمبراطورية السوفييتية، كما أن هنالك نحو 7500 شركة تعمل في هذه الدول، وتأمل روسيا في استغلال أسواق آسيا الوسطى لتوسيع حجم تجارتها وسط ضغوط الحظر الأميركي المتواصل عليها".
