• قلبى مع أبنائنا المتفوقين فى الثانوية العامة، يظن أحدهم -وبعض الظن إثم- أنه ستنفتح أمامه المغاليقُ ويُمنحُ الأوسمة والنياشين ويلحق فى مرحلته الجامعية بركب «زويل» وإخوته، ولم يسمع المسكين بالحكمة التى صدق فيها صاحبها وهو كذوب (هيعمل إيه تعليم فى وطن ضايع). انصحوهم أن تكون أحلامهم على قدر وطنهم.
• ذكَّرنى المتباكون على حال «أفغانستان» بعد استلام «طالبان» السلطة، بأستاذتى الجامعية الشيوعية الشهيرة التى أرادت أن تقنعنا باستغلال «الإمبريالية العالمية» للشعوب الفقيرة فقالت: (إن الأوربيين مدينون للأفارقة بأعظم فن منتشر الآن فى قارتهم وهو فى الأصل أسود: الرقص!). حزينة على الرقص متناسبة جرائمهم الكبرى، وهم يأسوْن الآن على المرأة الأفغانية لاحتمال حبسها ومنعها من المشاركة المجتمعية، ولم يأسوْا عليها حين قُتلت واغتُصبت وسُجنت وهُجِّرتْ على يد الأمريكان وحلفائهم. ألا لعنة الله على الظالمين.
• الآن.. هناك تصريحات بتوجهات غربية بعدم غزو العالمين العربى والإسلامى من جديد وعدم التدخل فى أنظمتهما السياسية، وذلك بعد تقييم تجربتى أمريكا فى العراق وأفغانستان وبعد رعايتها أنظمة علمانية وعسكرية تسببت فى خسائر فادحة لها ولم تنجح فى تحقيق خططها، بل اتضح أن هذه الأنظمة منفصلة تمامًا عن شعوبها. فهل نصدقهم؟ بالطبع لا؛ لأن السياسيين هناك أداة فى يد الكهنة وإن بدوا غير ذلك. يقول الدكتور «مراد هوفمان»: (لقد أمضيتُ أربع سنوات من عمرى مديرًا إعلاميًّا لحلف الأطلنطى ورأيتُ كيف يخططون لإبادة الإسلام وتشويه صورته).
• كلما مرَّ علىَّ «فيديو» للمفتى السابق «د. على جمعة» تذكرت اللقاء اليتيم الذى جمعنى به فى منتصف التسعينيات، وكان يومها يرتدى البدلة، مديرًا لفرع «المعهد العالمى للفكر الإسلامى بالقاهرة»، ذهبت إليه لحل خلاف مع مرءوس له (أستاذ علوم سياسية)، فأنصفنى الرجل، وزاد أن شرح لى أواخر سورة «العصر»: (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، مثنيًا على المستمسكين بالحق المتواصين بالصبر عليه. فتأثرتُ، تأثرتُ، حتى كدتُ أبكى ومن ثم تنازلتُ أمامه عن حقى.. سبحان من يغيِّر ولا يتغيَّر.
• وماذا بعدُ؟ كل يوم ضحية جديدة تسقط بالموت البطىء فى سجون النظام، كل يوم أسرة تفقد عائلها المحترم لا لشىء إلا أنه يقول ربى الله. آلاف الضحايا يتعرضون لنفس الظروف التى تعجِّل بموتهم، منهم مصابون بالسرطان وبالكبد وبأمراض أخرى فاتكة، منهم الدكتور رشاد البيومى (86 عامًا) الأستاذ المتفرغ بعلوم القاهرة، وكيل نقابة العلميين سابقًا، صاحب نظرية عالمية فى الصفائح الأرضية. أفرجوا عن الرجل وضربائه. اللهم من قتلهم فاقتله، ومن عذّبهم فعذّبه ولا تجعل فى محيط أرضك ولا سمائك رحمة يلوذون بها.
• فى شتاء عام 2013م علمت أن أرامل أعضاء الإخوان فى أحداث 3/7 وما بعدها بلغن (2300 امرأة) فبماذا يوحى هذا الرقم؟ أفلا يستحق اهتمام الباحثين والمختصين؟ ومن لهؤلاء بعد الله بعدما غيِّب العائل وتسلَّط عليهم أسوأ الخلق يمنعون غوث أهل البر أن يصل إليهم؟ ولماذا لم تُثَر كقضية إنسانية على المستويين المحلى والعالمى؟ يبدو أن «إنسانية» تلك قد غابت حتى عند ذوى القربى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
• «رجلٌ وامرأةٌ وعبدٌ وصبىٌ».. أعجبتنى هذه الجملة، فأردتُ فى مناسبة الهجرة أن تكون عنوانًا لمقال، لكن لم تتح الفرصة وغادرت الذكرى. وهؤلاء هم «الفريق الأول» الداعم للنبى ﷺ، أول من آمن به، فهل أدركتَ معنى السبق والصدق؟ فما من يدٍ للإسلام على أحد من يومها وإلى قيام الساعة إلا ولهؤلاء نصيب منها، لمَّا هداهم الله للحق واتبعوا رسوله حازوا شرف الأولين والآخرين، رضى الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
• «ماذا أنجزت؟»، أى ماذا قدمت لدينك ودنياك؟ سؤال لا يملُّ من طرحه المصلحون والمفكرون وذوو الهمم العالية، وشتان بين اثنين يموتان فى سن واحدة، أحدهما هلك غافلًا عن دينه خاملًا فى دنياه، والآخر واراه التراب ولا زال له ذكر فى الناس بما قدم من خير نفع به نفسه وغيره. قرأتُ فى سيرة سيدنا «زيد بن ثابت» -رضى الله عنه- فوجدتُ عجبًا.. فى «بدر» ردَّه الرسولُ ﷺ لصغر سنه وجسمه (12 سنة)، لكنه كان أحد المستفيدين من تعلُّم الكتابة على يد الأسارى، وقد طلب منه النبى ﷺ تعلُّم العبرية والسيريانية فتعلمهما في شهر، ثم كان هذا الفتى أبرز كُتَّاب الوحى، بل من اختاره النبى ﷺ ليراجع معه القرآن مرتين فى العام التاسع للهجرة. احسبها: كم من السنوات استغرقتها هذه الإنجازات وكم كان عمر زيد وقتها. هؤلاء قدواتنا، فمن مثلهم؟
• «نحن من نصنع الوهم».. كثيرون حولك يصيبونك بالإحباط، فمع كل حادثة، ولو بسيطة، يشكون ويتذمرون ويتطيرون ويتأففون ويتمارضون ويصنعون الأزمات.. هؤلاء جعلوا الدنيا أكبر همِّهم ومبلغ علمهم فأصابهم القلق، وهو منشأ الأمراض النفسية جميعًا.. وديننا ينهى عن اليأس والعجز، ويدعو إلى نفض الهمِّ وتقوية الإرادة. وطاعة الله والعيش في كنف الذكر والقرآن تنفتح بها المغاليق، ولو صاحبتَ فصاحبْ من يشرح صدرك ويذكرك بالله والآخرة، ولا تصاحب من يثقل حملك ويضع همه فوق همك فتضيع. والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به.