ورقة تحليلية: استنساخ متوقع لتجربة “طالبان” بمالي والساحل الإفريقي

- ‎فيعربي ودولي

قالت ورقة تحليلية بعنوان "صعود طالبان وتأثيره على الداخل الإفريقي" إن "المشهد الإجمالي للتمدد الجهادي في إفريقيا مقلق، وإن إمكانية سقوط دول تحت مطرقة الضغوط واردة، وهو أمر له انعكاسات كبيرة فيما يتعلق بتزايد حجم التهديدات الأمنية لدول شمال إفريقيا، خصوصا كل من مصر والمغرب والجزائر وتونس".
وأضافت الورقة التي نشرها موقع الشارع السياسي أن "الحالة الليبية مقبلة على سيناريوهات ليس من بينها الاستقرار فيما يبدو، وهو أمر كان له تأثير كبير في زيادة الهشاشة الأمنية لكثير من دول الساحل والصحراء بعد سقوط القذافي عام 2011".

وأشارت الورقة إلى أن "صعود بعض التنظيمات في إفريقيا على النمط الطالباني غير مُستبعد، لاسيما في ضوء المقاربة الأميركية التي أنتجت نمطا معدلا من تنظيم متطرف يصل للسلطة، يوفر على واشنطن تمويل محاربة الإرهاب الذي أعلنته بعد سبتمبر 2001، وكان الانسحاب الأميركي من أفغانستان نقطة نهايته في آسيا، ونقطة معاناة مرتقبة في إفريقيا".
وتابعت "إلا أن ذلك يبقى مرهونا بطريقة تعامل دول الجوار وتعاطي الطرف الخارجي مع الأزمات الأمنية المُنتظرة، والتي ستدفع تلك التنظيمات في اتجاهها بقوة خلال الفترة القادمة بُغية تكرار النموذج الأفغاني".

الصومال ومالي
ومن أقرب ما توقعته الورقة "دولتان  تُعانيان من الخطر الأكبر لتلك التنظيمات، وهما: الصومال ومالي. فهناك نقاط تماثل بين طالبان وحركة الشباب منها مثلا أن كليهما انطلق من السيطرة على الأرياف، كما تتسم الحركتان بالمرونة الكبيرة سواء في الفاعلية في إنجاز العمليات أو إعادة التموضع والانتشار. أما مالي فتعاني من عدم الاستقرار السياسي الناتج عن انقلابات عسكرية متوالية، وكذلك وجود حركات إثنية تطالب بالاستقلال وهي الأزواد، حيث تعيش دولة مالي صراعا مسلحا بين شمال وجنوب البلاد، وأهم التنظيمات الناشطة هناك هو تنظيم نصرة الإسلام".

 

أوجه التشابه
وكشفت الورقة عن أوجه تشابه بين أفغانستان والساحل الإفريقي، التي تسيطر عليها جماعات تتبع تنظيم القاعدة أو داعش، لاسيما بعد انسحاب القوات الفرنسية من الساحل الإفريقي، خاصة تشاد ومالي والنيجر، وضعف أدوات الأنظمة الحكومية في تقويض تحركاتها أو إحكام السيطرة على مناطق نفوذها.
ورجحت الورقة أن "تكون سيطرة طالبان بمثابة دفعة معنوية للجهادين والجماعات الإسلامية، خاصة التي كانت تبايع تنظيم القاعدة وطالبان خلال فترات سابقة في مواجهة القوات الغربية، بل وإمكانية إيجاد معقل وملاذ آمن لهذه الحركات للانطلاق من الأراضي الأفغانية بعد الهزائم المتكررة في الشرق الأوسط".
واعتبرت الورقة أن "تصريحات قادة تنظيم في منطقة الساحل الافريقي تعكس حالة من نشوة الانتصار، ما قد يعطيها الشجاعة للتمدد، ومحاولة تحقيق إنجازات أشبه بما حققته طالبان".
وعن انسحابات متشابه، قالت الورقة إن "انسحاب أمريكا وما خلفه من سيطرة مباشرة لطالبان على العاصمة الأفغانية مشابها إلى حد كبير لقرار الدول المحاربة للإرهاب لإجلاء قوتها في إفريقيا كانسحاب فرنسا من الساحل الإفريقي في 2013 بعد الخسائر في الأرواح والمال".

احتمالات تأثير صعود طالبان على الحركات الجهادية في إفريقيا
واسترشدت الورقة بالإشارة إلى "تقرير مرفوع إلى مجلس الأمن"، في شأن حالة التنظيمات في إفريقيا، حيث يشير تقرير لخبراء أمنيين أن داعش والقاعدة والجماعات التابعة لهما قد تضخم نفوذهما في القارة، حيث يتمتعان بقدرات متزايدة في جمع التبرعات والأسلحة، بما في ذلك استخدام الطائرات من دون طيار، والتزايد في أعداد أتباعهم ومؤيديهم ومساحة الأراضي التي استولوا عليها.
وعليه توقعت أن "يكون الصعود الطالباني إلى السلطة ملهما في عدد من النماذج منها حركة شباب المجاهدين الصومالية، وتنظيم نصرة الإسلام والمسلمين في الساحل".

 

جهاديي إفريقيا
كما استرشدت ببيان "إياد آغ غالي"، زعيم تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين، التابع للقاعدة، في الساحل الإفريقي، هنأ في كلمة مصورة، نُشرت قبل أسابيع، حركة طالبان على انتصاراتها في أفغانستان".
وقال آغ غالي، مؤسس حركة أنصار الدين، التي تُلقب بـ “طالبان الأزواد”، أحد زعماء الطوارق في مالي، وكان قنصلها في السعودية، ويريد الآن استنساخ تجربة طالبان التي استعادت السلطة في أفغانستان بعد انسحاب الجيش الأمريكي منها.
وما يُشجعه لتكرار ذات التجربة ضعف النظام في مالي، التي شهدت 3 انقلابات منذ 2012، وقرار فرنسا الأخير إنهاء عملية برخان العسكرية في الساحل، والانسحاب الكامل من شمالي البلاد مطلع 2022.
وليست مالي وحدها من تعاني من تهديد، بل النيجر وبوركينا فاسو، تشتركان معها في نفس التهديد، خاصة في منطقة التقاء الحدود الثلاثة.

 

السودان والجزائر
وقالت الورقة إن "الحركات المسلحة للطوارق (أمازيغ) والأزواد (عرب) في شمال مالي بإمكانها إجهاض مشروع تنظيم القاعدة لإعلان إمارة إسلامية، لا يتوقف تمددها إلا في إقليم دارفور غربي السودان".
وأضافت أن "الجزائر قد تنجح في منع قيام تحالف جديد بين حركات الطوارق والأزواد من جهة وبين تنظيم القاعدة كما حدث في 2012، بالنظر إلى معرفتها الجيدة بقبائل المنطقة، التي تُمثل امتدادا بشريا لها في قلب إفريقيا".
ولفتت إلى أن تطبيق اتفاق السلم والمصالحة المُنبثق عن مسار الجزائر عام 2015؛ بات أمرا حتميا من أجل ضمان استقرار دائم في مالي. وأردف المسؤول الأممي أنه بفضل تطبيق اتفاق الجزائر توصلت الأطراف الموقعة على الاتفاق في مالي لأول مرة إلى إسكات صوت البنادق.

https://politicalstreet.org/4288/%d8%b5%d8%b9%d9%88%d8%af-%d8%b7%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%aa%d8%a3%d8%ab%d9%8a%d8%b1%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%a7%d8%ae%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a/