المصالحة الوطنية الليبية.. هل تنجح في الإطاحة بخليفة حفتر من السباق الرئاسي؟

- ‎فيعربي ودولي

دعوة لبناء وطن واحد ترفرف عليه راية السلام أطلقها المجلس الرئاسي الليبي معلنا بشكل رسمي تدشين مشروع المصالحة الوطنية في سبيل تحقيق تلك الغاية، فيما أكد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي أنه استند في دعوته إلى "الرغبة الحقيقية لدى الشعب الليبي من أجل طي صفحة الماضي المؤلمة وتجاوز الخلافا".

 

خطوات للمصالحة

دعوة الرئاسي للمصالحة ألحقها بالإفراج عن الساعدي القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل وبعض المعتقلين معه في سبيل التدليل على جديته في ذلك الاتجاه وهو ما لاقى ترحيبا وارتياحا لدى العديد من الأطراف في الداخل والخارج فيما أحاطته أطراف أخرى بالشكوك في النوايا الحقيقية من وراء تلك الخطوة، والتي قد تعد برأيهم محاولة من المجلس الرئاسي لقطع الطريق على اللواء المتقاعد خليفة حفتر وحلفاؤه في الشرق لتأمين استمرار بسط هيمنته على الجيش الليبي والحيلولة دون توحيده بعيدا عن قيادته من جهة، وبين فرض نفسه على أجندة السباق الرئاسي المرتقب من جهة أخرى.

مثّل إطلاق مشروع المصالحة الوطنية في ليبيا من جانب المجلس الرئاسي أصداء واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض بما شكّل سجالا وتباينا كبيرا بين مختلف أطياف المغردين يستند بالأساس للجهوية والموقف من أطراف الصراع في المشهد الليبي.

وجاء إطلاق المصالحة وسط توقعات بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وعلى موقع فيس بوك تحديدا كتب "جلال": "أول خطوات المصالحة الليبية قد تتم الليلة والواضح أن الشعب بالليبي وقبائله أصبحت تدرك مصلحتها الوطنية".

بينما اعتبرتها صفحة "سبها نيوز" "خطوة مهمة نحو المصالحة الليبية تم بموجبها أمر مُفرح لكل محبي الصلح".

وعلقت ابتهال محمد عبر حسابها على تويتر"خطوة في الاتجاه الصحيح لا غنى عن المصالحة لقيام الدولة ورجوع السيادة الليبية".

في المقابل شددت بعض الصفحات على ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات قبل المصالحة، وقالت صفحة الولايات المتحدة الليبية على فيس بوك" ضروري توا قبل المصالحة حل المليشيات كلها وتقعد تحت غطاء واحد لأن هما سبب الدمار والبلاء في ليبيا".

من جانبها استبعدت صفحة "حي الأندلس" نجاح المصالحة قائلة "مستحيل تنجح المصالحة الليبية مع وجود عملاء لدولة أجنبية لهم نفوذ سياسي أو نفوذ عسكري ويحكمون في ليبيا لابد من التخلص منهم أولا".

بدوره قال محمد الجمل عبر حسابه على تويتر"هذا قرار المحكمة العليا في بريطانيا يؤكد أن القصر الذي اشتراه الساعدي في لندن تم تمويله بأموال الدولة الليبية المختلسة، أليست هذه جريمة جنائية وفقا لقانون العقوبات الليبي مادة 5 باب قواعد عمومية يعاقب عليها المجرم الساعدي يا بتوع المصالحة الوطنية؟".  

 

من يصالح من؟

وقال الدكتور محمود إسماعيل الرملي، الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية إن "المصالحة مهمة لأي مجتمع مر بمرحلة صعبة كالتي مرت بها ليبيا لكن من المهم أن نعرف من يصالح من؟ ومن أين تبدأ المصالحة؟ وكيف يمكن تطبيق القواعد دون أن يكون هناك توظيف لها واستخدامها في الدعاية الانتخابية"؟

وشدد الرملي في حواره مع برنامج "قصة اليوم" على قناة مكملين "على ضرورة تحقيق العدالة الانتقالية الغائبة، وظهر ذلك بوضوح في الإفراج عن الساعدي نجل القذافي المجرم، مضيفا أن الإفراج عنه من باب الدعاية الانتخابية لبعض الموجودين في السلطة وليس من باب المصالحة".

وأضاف الرملي أن "ابن الشخص الذي قتله الساعدي القذافي أفاد بأن القضية لا زالت أمام المحكمة، مضيفا أن الساعدي تم إحضاره من النيجر لأنه يقوم بإفساد الحياة السياسية وهناك قضايا فساد في بريطانيا بقيمة 10 ملايين جنيه اشترى بها قصورا، كما أنه ارتكب جرائم حرب وترويع بحق الشعب الليبي في 2011 ومنحه والده القذافي رتبة لواء".

بدوره قال محمد معذب عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إن "ملف المصالحة الوطنية كبير جدا وقد تعثر كثيرا، لأنه كان من المفترض أن يحدث في السنوات الأولى للثورة".

وأضاف معذب في حواره مع قناة مكملين، إن "ملف المصالحة كان أحد المهام الرئيسية للمجلس الرئاسي، والجهات المستهدفة بهذا الملف كثيرة في شرق البلاد وغربها، وهذا الملف يحتاج إلى بحث طويل فجميع الجرائم التي اُرتُكبت في خلال عهد القذافي على مدى 4 عقود بداية من القتل والنفي والسجن ومصادرة الأموال وهتك الأعراض".

وأوضح معذب أن "المصالحة يجب أن تصب في مصلحة من اُرتُكبت في حقهم تلك الجرائم، وأن تراعي جميع الأطراف مضيفا أن ما تم في ملف المصالحة عملية سياسية وليست مصالحة وطنية، مؤكدا على أهمية إنصاف المظلومين والمقهورين وفي مقدمتهم 1270 عائلة ظلمت في قضية بوسليب في مايو 1984، الذين خطفوا من أماكن متعددة وكذلك الضباط المتهمين بتدبير انقلاب عسكري خلال 10 محاولات في عهد القذافي لم يحصل أهاليهم على رفاتهم حتى الآن".