ماذا يعني عدم اعتراف أي دولة من دول منظمة العالم الإسلامي بحكومة طالبان؟

- ‎فيعربي ودولي

لم تنل الحكومة الأفغانية التي شكلتها حركة طالبان حتى الآن الاعتراف من أي من دول العالم المنقسمة إزاءها؛ بين متردد متريث ورافض بالمطلق، وعلى بعد أميال من حدود أفغانستان الهند تقتل المسلمين دون نكير من أحد، أو الحديث عن حقوق الإنسان التي ينبغي أن تلتزم بها طالبان فقط، انكشف اللثام عن نفاق من يرفع هذه اللفتات، وظهر للعيان أنها من حيل الهيمنة الأمريكية على العالم الإسلامي.
وصرّحت دولة قطر، أكثر من مرة على لسان مسؤولين في وزارة خارجيتها بأنها لا تستعجل الاعتراف بحكومة طالبان، وأن ذلك سيأتي في التوقيت المناسب، أما الصين وباكستان ورغم علاقاتهما الوثيقة بطالبان فلم تصدرا اعترافا صريحا بالحكومة في كابل، رغم رسائلهما التي تضمنت إشارات إلى احتمال الاعتراف الرسمي بها.

لا لطالبان نعم للصهاينة..!
وفي الوقت الذي لا تجد فيه حكومة طالبان أي بوادر اعتراف عربي أو إسلامي، أصبح المغرب الدولة العربية الرابعة التي طبعت في 2020 علاقاتها مع كيان العدو الصهيوني؛ فبعد الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان، يشكل المغرب الدولة الرابعة التي وافقت على إقامة علاقات دبلوماسية مع كيان العدو الصهيوني، والدولة العربية السادسة، وكانت مصر أول دولة عربية وقعت اتفاقية سلام مع كيان العدو عام 1979، تلاها الأردن عام 1994.
وسارع السفاح السيسي في تغريدة على موقع تويتر، بالتطبيل لاتساع رقعة الصهينة العربية وقال "أثمن هذه الخطوة الهامة باعتبارها تحقق مزيدا من الاستقرار والتعاون الإقليمي في منطقتنا" وأكد أنه تابع باهتمام بالغ التطور المهم بشأن اتفاق المغرب وإسرائيل على تطبيع العلاقات بينهما برعاية أمريكية".
ومازالت الأنظار تتجه نحو الرياض، وفي وقت سابق وقبل تولي بايدن الرئاسة الأمريكية، قال الصهيوني كوشنر إن "من المحتوم أن تبرم السعودية في النهاية اتفاقا مماثلا مع إسرائيل" وقال مسؤول أمريكي إن "السعوديين سينتظرون على الأرجح لحين تولي بايدن السلطة قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة".
وكانت مصادر متطابقة قد أفادت أن رئيس وزراء العدو الصهيوني الأسبق بنيامين نتانياهو أجرى زيارة غير مسبوقة إلى السعودية وعقد محادثات سرية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
في خضم هذا المشهد، يعتبر الناشط المعارض السياسي للنظام السعودي محمد العمري أنه يقع على المعارضة واجب في توعية الشعب الذي يتعرض لمواجهة تغيير مفاهيم سياسية وأخلاقية من قبل الملك سلمان، مع توافر أعداد ناشطة في الخارج وسهولة الوصول للجمهور، وفضح خيانة الأنظمة ضرورة قبل إدخالهم المحتلين وسياساتهم من قتل وهدم واعتقال بشكل واسع، وإن كنا نرى بوادر التطبيع على الأرض.
لافتا إلى أنه التطبيع الذي يحاول النظام السعودي تمريره يتبلور من خلال الممارسات عبر الأدوات، ولأن الرياض تحاول التخفي وراء الشرعية الدينية، وذلك عبر الدعوة التي أطلقها إمام الحرم المكي عبدالرحمن السديس من أجل التطبيع، وهنا ينبه العمري إلى أنه “مما لا يدع مجالا للشك أن السلطات السعودية فقدت شرعيتها الإسلامية وستفقد زعامتها الإسلامية بما يقوم به إمام الحرم وما قام به رئيس رابطة العالم الإسلامي محمد العيسى من الصلاة في مقابر اليهود في أوروبا، ومن ذلك إعادة تداول فتوى الشيخ بن باز عبر مشايخ السلطة في مصر والكويت وعدة دول في وقت متزامن”.
ويتابع، أن فقدان الشرعية يبرز من خلال “ثمن نزع القداسة عن الدولة السعودية وسقوط الشرعية الكاذبة التي تلبسها لمائة سنة فقتلت وسجنت ونكلت بشعب الجزيرة العربية، وهذا سيفتح الباب للشعب للانضمام لأعمال المعارضة الشعبية، وهذا مكسب كبير سيقود للتغيير”.

لا أعذار
وإن كان للعالم الغربي المسيحي تخوفاته المتفقة مع مصالحه بعدم الاعتراف بحكومة طالبان فما عذر الدول العربية، التي أصدرت عشر منها مواقف رسمية إزاء التطورات الأخيرة في أفغانستان، وخاصة سيطرة حركة طالبان على مقاليد الحكم في البلاد، منتصف الشهر الجاري فيما التزمت 12 دولة الصمت بهذا الخصوص.
وتنوعت المواقف بين تأكيد عدم التدخل في خيارات الشعب الأفغاني، وضرورة توفير الحماية للمدنيين، والدعوة إلى انتقال سلمي للسلطة في هذا البلد الآسيوي ضمن حل سياسي شامل.
فيما أعرب العراق عن قلقه من أن يلهم انتصار طالبان مسلحي تنظيم داعش، ما قد يأتي بتأثير سلبي عليه، خاصة أنه لا يزال يعاني من هجماتهم.
وكان لافتا موقف مفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، الذي هنأ الشعب الأفغاني، وعد سيطرة طالبان على البلاد "نصرا على الغزاة المعتدين" رغم عدم صدور موقف رسمي من مسقط بهذا الخصوص.
في حين اعتبرت فلسطين ما حدث في أفغانستان درسا لكيان العدو الصهيوني بأن "الحماية الخارجية لا تجلب الأمن لأي دولة" وخلال الأسابيع الأخيرة تمكنت طالبان من بسط سيطرتها على معظم أنحاء البلاد، وفي 15 أغسطس دخل مسلحو الحركة العاصمة كابل وسيطروا على القصر الرئاسي، بينما غادر الرئيس أشرف غني البلاد ووصل الإمارات.
وجاءت هذه السيطرة رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، طوال 20 عاما، لبناء قوات الأمن الأفغانية.