تصر حكومة الانقلاب على تدخل الكونغو الديمقراطية طرفا في المفاوضات مع إثيوبيا بحكم أنها أحد المشتركين في نهر النيل، ولأن رئيسها فيليكس تشيسكيدي هو الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي.
ولكن مستجدات الأوضاع كشفت أن الرئيس الكونغولي في زيارة حالية لتل أبيب والقدس مدتها 5 أيام، بدأت في 26 أكتوبر الجاري، وزار خلالها قبور مؤسسي الكيان منهم تيودور هرتزل ومتحف ياد فاشيم الخاص بتكريم قتلاهم، ومنحوه شهادة الدكتوراه من جامعة نتانيا الصهيونية.
وقالت قناة كان الصهيونية إن "رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية يزور الكيان في أول زيارة له منذ عام 1985".
وهو ما يعني بحسب مراقبين، ارتماء الكونغو والاتحاد الإفريقي في وسط الرغبات والمكائد الصهيونية التي تريد الضغط على جوانب سلبية قد تهدد بمزيد من الضياع لثروة مصر المائية على يد الانقلابيين.
وفي محاولة منها للتغطية على زيارة الرئيس للكيان، استبقت إيف بازيبا مسعودي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزيرة المياه والبيئة والتنمية المستدامة بجمهورية الكونغو الديمقراطية زيارة مشيخة الأزهر ولقاء د.أحمد الطيب، في 25 أكتوبر، لم تسفر عن أي تصريحات بشأن السد، وهو ما يبدو أنه سير في مسار احتوائي غير مباشر مع مصر، ومقابلة مسار انفتاحي مباشر مع الصهاينة.
توقعات بالسلبية
وقال مراقبون إن "الدور الكونغولي انعكس سلبيا على سد النهضة حيث كشف الخبير في شأن مياه النيل هاني إبراهيم عبر @hanyibrahim17 عن تدشين شركة طيران جديدة في الكونغو خلال أسابيع قليلة بشراكة مع الخطوط الجوية الإثيوبية ، يكون رأس مالها مشاركة ٥١٪ أسهم حكومية للكونغو و ٤٩٪ أسهم للشركة الإثيوبية".
وعلق إبراهيم قائلا "المصالح تحكم المشهد فكرتني بتوقيت مسودة الكونغو الأخيرة".
ولا يستبعد المراقبون أن تكون شركة الطيران الجديدة بدعم صيني والتي تستولي على أغلب مشروعات الكونغو مع الرئيس فيليكس وبالأخص في مجال التعدين، ولها نصيب الأسد حوالي 60% من مشاريع إثيوبيا بما في ذلك السد الأثيوبي وشبكات النقل الكهربي ولهذا لا تجرؤ مصر على الاقتراب من السد، إضافة لدور الصين في مناقشات مجلس الأمن الداعم لإثيوبيا.
إلحاح مصري
وفي 16 يوليو الماضي أعاد وزير الري بحكومة الانقلاب د.محمد عبدالعاطي التصريح، طلبنا مواصلة مفاوضات سد النهضة برئاسة الكونغو ومشاركة أمريكا والاتحاد الأوربي وقبله قَبِلَ السودان في 27 يونيو مقترح اتفاق مرحلي مع إثيوبيا قدمته الكونغو بشأن تعبئة سد النهضة.
المثير للدهشة أن إثيوبيا رفضت في 6 أبريل نتائج اجتماع أجرته الكونغو، بسبب رفض إثيوبيا لأي مقترح قدمته مصر أو السودان.
وعليه أعلنت خارجية الانقلاب فشل مفاوضات كينشاسا حول سد النهضة، حيث رفضت أثيوبيا مقترحا مصريا لاستئناف المفاوضات بقيادة الكونغو.
ورغم ما سلف، تنتظر مصر والسودان دورا للكونغو التي أبانت وجهتها في دعم إثيوبيا وإرضاء الكيان المحتل في عدم الميل تجاه الجانب المصري، فقبل الانقلاب في السودان الأخير قال مصدر سوداني إن "إثيوبيا بدأت استعداداتها للملء الثالث لسد النهضة، بوضع جدران خرسانية، ولكن بلاده تنتظر دعوة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية".
يشار إلى أن الكونغو ليست أفضل من المغرب التي كان ملكها في قمة السعادة وبلاده توقع اتفاقيات الاستثمار في أثيوبيا، باستثمار 3.7 مليار دولار، لإنشاء وحدة للأسمدة في أثيوبيا لتغطية حاجيات الأخيرة من الأسمدة الزراعية، فضلا عن مشاريع الربط الكهربائي.
ويرى مراقبون أن سياسات السيسي ومن قبله الأنظمة العسكرية، بالارتماء في أحضان الصهاينة، اصطفت أغلب دول حوض النيل، بجانب تل أبيب ومن ثم إثيوبيا لتحقيق خنق مصر مائيا وجعلها في موقف هش أمام الضغوط مستغلين سد النهضة بتحقيق ذلك.
زيارة بينيت
وزار رئيس الوزراء الصهيوني اليَمِيني المُتشدد، نفتالي بينيت، مصر في 13 سبتمبر الماضي، والتقي قائد الانقلاب في أول زيارة على هذا المستوى بخلاف اللقاءات السرية الستة التي أعلنها بنيامين نتنياهو مع السيسي منذ عام 2011م.
وذكرت مصادر مقربة من رئيس الوزراء الصهيوني أن الاجتماع ركز بشكل أساسي على التعاون المصري الصهيوني في المسائل الأمنية والجيوسياسية والاقتصادية.
وبحسب مركز المسار للدراسات الإنسانية، فقد شهدت الزيارة دعوة إسرائيل بشكل رسمي وعلني للتدخل في ملف سد النهضة، حيث أعلن السيسي أنه وجد تفهما مشتركا مع رئيس الوزراء الصهيوني حول السد، وأردف قلت له نحاول معالجة أزمة السد في إطار من التفاوض والحوار وصولا إلى اتفاق بالموضوع الهام بالنسبة لنا الذي نعتبره حياة أو موتا.
وذكرت قناة كان الصهيونية الرسمية أن السيسي دعا بينيت إلى المساعدة في حل أزمة سد النهضة، ضمن صفقة لإحلال الهدوء في غزة، ولكن السيسي لم يُصرح بذلك.
وقال المحلل العسكري للقناة روعي شارون، إن "إسرائيل لا تريد الوقوف في جانب مصر أو إثيوبيا، ولكن بإمكانها التواصل مع إدارة بايدن في هذا الصدد، أو المساعدة مثلا بمنشآت التحلية لحل مشكلة المياه المتزايدة في مصر".
وأضاف أنه "إذا ما قدمت إسرائيل للسيسي ما يريد، فسيكون لديه حافز أكبر للضغط واستخدام كل الأدوات الممكنة على يحيى السنوار لتنفيذ صفقة الأسرى، ومن ثم إعادة إعمار غزة وعودة الهدوء للقطاع".