بمياه المجاري.. الاحتلال يدمر تجارة الفلسطينيين وصحتهم لتهجيرهم من القدس

- ‎فيعربي ودولي

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا سلط خلاله الضوء على معاناة عشرات التجار الفلسطينيين قيام سلطات الاحتلال برش المياه المنتنة على المحتجين، لتفريق الاحتجاجات ما أدى إلى تدمير بضاعتهم.

وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" فإن كمال أبو قويدر هو واحد من رجال الأعمال الذين يؤسسون محلا حول بوابة دمشق في القدس، وهو أحد أقدم وأهم المواقع التراثية في المدينة القديمة، ومكان تجمع شعبي للسكان.

وكانت المنطقة في الماضي موقعا رئيسيا للبائعين أملا في جذب المواطنين والسياح لشراء بضائعهم، ولكن في الآونة الأخيرة أصبح من الصعب أكثر فأكثر تحويل منتجاتهم، بسبب قرار الشرطة الإسرائيلية باستخدام مياه المراحيض لتفريق التجمعات من قبل الفلسطينيين.

"أنا أتخلص من السلع يوميا بسبب المياه المنتنة، كما أن العديد من التجار الآخرين، وخاصة أولئك الذين يبيعون المواد الغذائية، يفعلون الشيء نفسه.

 

محنة أبو قويدر لا تقتصر على الخسائر الاقتصادية

ويعاني أحد أبنائه الذين يساعدونه في العمل من مرض في الرئة تفاقم بعد تعرضه لماء المراحيض، مما تسبب في دخوله المستشفى، وهذا ما دفعه إلى طلب مساعدة محام ومقاضاة الشرطة الإسرائيلية، بسبب استخدام مياه المراحيض كأداة للعقاب الجماعي ضد الفلسطينيين.

وقدم محاميه مدحت ديبا شكوى إلى عمر بار ليف، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، وإلى لجنة الداخلية في البرلمان الإسرائيلي الكنيست، وإلى مراقب الدولة، ماتياهو إنغيلمان، بشأن رش مياه تحتوي على مواد كيميائية، وهو ما قال إنه "يتعارض مع السياسات والإجراءات الداخلية للشرطة".

وبالإضافة إلى الشكوى المذكورة أعلاه، قدم ديبا شكوى أخرى إلى مكتب مراقب الدولة نيابة عن أدهم بن أبي قويدر.

وتساءل أبو قويدر ، ما الذي يجعل الإسرائيليين يلجأون إلى مثل هذا العنف المفرط لمجرد تفريق التجمعات السلمية العفوية"؟

 

مياه كريهة الرائحة

وقد أصبح من الصعب على نحو متزايد على المقدسيين البقاء لفترات طويلة في باب دمشق أو حي المسرة المجاور أو شارع السلطان سليمان، بسبب الكميات الضخمة من المياه المنتنة التي غمرت المنطقة في السنوات الأخيرة.

وعلى الرغم من أن القيود المفروضة على فيروس كورونا تسمح بفك القناع في المناطق المفتوحة، إلا أن المارة لا يزيلون الأقنعة، بسبب الروائح الكريهة التي تبقى على قيد الحياة لأكثر من 20 يوما منذ أن رشت المياه المبتذلة بواسطة المركبات المدرعة التابعة للشرطة الإسرائيلية.

ولا يقتصر رش المياه ذات الرائحة الكريهة  التي استخدمتها دولة الاحتلال لأول مرة في الضفة الغربية في عام 2008  على منطقة معينة، وبدلا من ذلك، تستهدف أجهزة الأمن الإسرائيلية المنافذ التجارية والشوارع، وذلك بهدف إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر باقتصاد القدس الشرقية، الذي كان يتخبط منذ عدة سنوات، وفقا لأبو قويدر.

وقد أبلغ الأطباء عن طفح جلدي وغثيان وضيق في التنفس وصداع بعد التعرض للمياه، وقد تم نقل الأشخاص الذين يعانون من ضيق التنفس إلى المستشفيات لتلقي العلاج، وقد نفت أودورتيك الشركة الخاصة التي تنتج المياه الضخمة وجود أية آثار جانبية سلبية ووصفت هذه المادة بأنها غير ضارة وصديقة للبيئة.

وقال معاذ أبو صبيح، وهو شاب يعمل في صناعة الحلويات من حي المسرة، في حديث مع ميدل إيست آي إنه "مصمم على مواصلة أعماله رغم تناقص أعداد المارين وتراجع قوة الشراء، وقال إن هذه الفترة هي الأسوأ منذ بدء العمل منذ سبع سنوات".

ويضيف "في رمضان الماضي، اضطررنا لتدمير جميع منتجات الحلويات بعد استهداف متجرنا مباشرة بالماء الكريهة".

وتابع "في هذه الأيام، أقضي وقتي في صناعة الحلويات بينما أُبقي عيني على الشارع خشية أن يتم استهداف متجرنا فجأة من قبل عربة المياه الصخرية المدرعة، ومن ناحية أخرى، يخاف المتسوقون من المرور من هذه المنطقة، لكننا مصممون على الوقوف بسرعة ومواصلة عملنا رغم الخسائر الفادحة".

وأضاف أن التجار في حي المسرة استهدفوا طوال العام، إن لم يكن بالماء الثقيل، فالضرائب والغرامات الباهظة، ثم بالهراوات والغاز والقنابل الصاعقة كلما اندلعت مواجهات.

ويبقى يزن مسوادة، وهو بائع يقف بجوار صناديق الفواكه والخضار المعروضة أمام متجره، في حالة تأهب دائم ينظر يمينا ويسارا، وقبل بضعة أيام فقط، اضطر إلى تدمير جميع سلعه بعد أن رشتها عربة مدرعة إسرائيلية بالمياه.

وقال إنه "بينما ظل اقتصاد القدس الشرقية يتدهور منذ سنوات ، فإنه قد حُكم عليه الآن بالفعل بالموت نتيجة لهجمات المياه المتكررة".

وتابع "أقف إلى جانب بضاعتي كل الوقت لكي أتمكن من وضعها داخل المتجر حالما تأتي عربة الماء الضخمة، وقبل بضعة أيام فقط كان علي تدمير كل شيء، لأن بضاعتي رشت فجأة وبشكل عشوائي".

 

لا علاقة للأمن

ويقول السكان المحليون إن "الإسرائيليين دأبوا على مهاجمة مجموعات من الشباب الذين يتواصلون اجتماعيا حول بوابة دمشق واعتقالهم في الأسابيع الثلاثة الماضية".

وتحدثت حواء آدم، وهي من سكان مدينة القدس القديمة، مع ميدل إيست آي فيما كانت عائدة بسرعة من مصرارة.

وتضطر حواء إلى التنقل يوميا من باب دمشق إلى مصرارة والمناطق المحيطة بها للتسوق والعلاج الطبي وغير ذلك من المهام، وقالت إن "العديد من سكان المدينة القديمة كانوا سجناء في منازلهم، بسبب الرائحة الكريهة المنبعثة من المنطقة".

وقالت "إن الجلوس في ساحة باب دمشق المسموعة لا يشكل تهديدا سواء للمستوطنين الاستعماريين أو الجنود الإسرائيليين، فرش سكان القدس بالمياه الكريهة يهدف إلى إخلاء المدينة القديمة والأحياء المجاورة من الفلسطينيين المقيمين فيها، ولا علاقة لذلك بالأمن والنظام كما تدعي الشرطة الإسرائيلية".

وأضافت أن هدف الإسرائيليين هو جعل حياة الفلسطينيين في القدس الشرقية غير محتملة من أجل إجبارهم على المغادرة.

وأضافت كلما حاول الاحتلال قمعنا أصبحنا أكثر مرونة وعزيمة، فالجلوس عند بوابة دمشق جزء لا يتجزأ من حياتنا.

وأشار مدحت ديبا إلى أن لجنة الداخلية بالكنيست الإسرائيلية انتقدت الشرطة الإسرائيلية، لاستخدامها المياه الملونة ضد المتظاهرين اليهود في القدس الغربية بالرغم من حقيقة أن المياه الملونة لا تحتوي على مواد كيماوية أو رائحة كريهة.

وقال إن "هدف الإسرائيليين هو إيذاء العابرين والباعة والمنافذ التجارية وإلحاق أضرار صحية واقتصادية كبيرة بالمواطنين، مضيفا أن ذلك يأتي في إطار هدف طويل الأجل وهو إبعاد القدس عن سكانها الفلسطينيين وتجريدها من ممتلكاتهم وإلحاق الضرر بمركز حياتهم الاقتصادية".

قال ديبا إنه "سينتظر 30 يوما حتى يتلقى ردا على شكواه، وإذا لم يحدث ذلك فإنه سيتقدم بعريضة إلى المحكمة العليا الإسرائيلية يطلب فيها إصدار أمر وقائي ضد استخدام المياه الكريهة ضد المدنيين المسالمين".

 

https://www.middleeasteye.net/news/israel-palestine-skunk-water-collective-punishment-against-jerusalemites