دلالات استنجاد “حفتر” بالصهاينة لدعمه في الانتخابات الليبية

- ‎فيعربي ودولي

كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مساء الأحد 7 نوفمبر 2021م، أن نجل اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وصل إلى "إسرائيل" قبل أيام، طالبا الدعم في الانتخابات الليبية المرتقبة مقابل التطبيع. ووفقا لتقرير "هآرتس" فإن صدَّام نجل الجنرال خليفة حفتر وصل إلى تل أبيب مساء الإثنين الثاني من نوفمبر 2021م، حاملا رسالة من والده تطلب مساعدة عسكرية سياسية إسرائيلية، وفي المقابل تعهد بإقامة علاقات دبلوماسية في المستقبل بين ليبيا وإسرائيل. وبحسب التقرير فإن نجل حفتر وصل إلى مطار بن غوريون الدولي قرب تل أبيب، قادما من دبي على متن طائرة فالكون. وبعد ساعة ونصف من توقف الطائرة في المطار الإسرائيلي، أقلعت متجهة إلى ليبيا، وفقا للكاتب الإسرائيلي يوسي ميلمان.

وقبل أسبوع، قالت صحيفة إسرائيلية إن سيف الإسلام القذافي واللواء المتقاعد خليفة حفتر تعاقدا مع شركة إعلانات إسرائيلية، لتولي حملتيهما الانتخابية للرئاسة الليبية. وأضافت أنه من المقرر أن تجمع المواجهة في الانتخابات بين حفتر وخصمه سيف الإسلام نجل الدكتاتور السابق معمر القذافي، الذي أطيح به وقتل في "انتفاضة عنيفة" قبل 10 سنوات. وتابعت الصحيفة الإسرائيلية "بغض النظر عمن سيخرج منتصرا، فهناك فائز واحد مؤكد وهو شركة استشارية إسرائيلية تقدم المشورة لكلا المرشحين".

الدلالة الأهم في هذه الخبر أن كل طامع في أن يصبح دكتاتورا عربيا على بلاده يتعين عليه أولا أن يحصل على البركة من تل أبيب؛ والتي باتت قبلة الطغاة العرب ومصدر الشرعية الوحيد لهم في ظل انعدام أي شرعية شعبية أو انتخابية أو ديمقراطية. وهو ما حدث في دعم إسرائيل لانقلاب الجنرال عبدالفتاح السيسي في مصر في يوليو 2013م؛ فلم يكن لمثل هذا الانقلاب أن ينجح حلولا الدعم الإسرائيلي المطلق والنفوذ الواسع لتل أبيب. كما يحدث حاليا في انقلاب السودان لدرجة أن   الولايات المتحدة الأمريكية طالبت الحكومة الإسرائيلية بأن تمارس نفوذها على عسكر السودان للتراجع عن الانقلاب وإعادة المكون المدني في مجلس السيادة!

الأمر الآخر أن استنجاد حفتر بإسرائيل ليس الأول من نوعه؛ فقد حصل على دعم إسرائيلي واسع لعمليته العدائية العسكرية ضد الحكومة الشرعية في طرابلس، لكنه فشل فشلا ذريعا أمام الجيش الليبي ورجال الثورة.  

وفي يونيه 2020م، وجَّه عبد السلام البدري، نائب رئيس مجلس الوزراء في ما كان يسمى "حكومة الشرق" الليبي التابعة للجنرال الانقلابي خليفة حفتر رسالة لنتنياهو عبر صحيفة "ماكور ريشون"، البدري قال في رسالته: "لم ولن نكون أبداً أعداء ونأمل أن تدعمونا، الظروف هي التي حالت بيننا حتى الآن". جاء ذلك في حوار كان الأول من نوعه، مع صحيفة "ماكور ريشون" المحسوبة على تيار الصهيونية الدينية في إسرائيل.

استغاثة حفتر وقتها بإسرائيل تزامنت مع تكبيد الجيش الليبي لمليشيات حفتر هزائم مدوية وتمكن من طردها من كل المناطق التي احتلتها في غرب ليبيا، وهي الهزائم التي أجبرت حفتر بعد ذلك على القبول بخارطة طريق تقوم على إجراء الانتخابات في ظل انقسامات حادة بشأن عدم دستورية قانون الانتخابات الذي جرى إقراره من البرلمان بطريقة غير صحيحة.

وفي إبريل 2020م، كتب الباحث والمحلل الإسرائيلي يوسي ميلمان مقالا في "ميدل إيست آي" البريطاني، يؤكد فيه على الدعم الإسرائيلي الكبير لحفتر.

وقال ميلمان: رغم أن الصلة الإسرائيلية غير معروفة جيداً إلا أنها في غاية الأهمية. في واقع الأمر، ما يقوم به حفتر من دور إنما هو نتاج محور تشكل خلال السنوات الأخيرة ويتكون من مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية و"إسرائيل". واستدل التقرير بالتقرير الذي بثه التلفزيون العربي جاء فيه أن الإمارات العربية المتحدة زودت حفتر بأنظمة دفاع جوي متقدمة صنعتها شركة إسرائيلية وتم توصيلها عبر مصر. وقال التقرير إن الهدف من تلك الأنظمة هو مواجهة الطائرات المسيرة التركية. وبحسب التقرير، يتولى الملف الليبي جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، والذي ينسق عملياته وسياساته تجاه حفتر مع الحكومة المصرية بقيادة السيسي ومع رئيس مخابراته عباس كامل.  وما بين عام 2017 وعام 2019، التقى مبعوثو الموساد في العديد من المناسبات مع حفتر في القاهرة، ورتبوا له تدريب بعض ضباطه الأساسيين على التكتيكات الحربية وجمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية وكذلك على إجراءات التحكم والقيادة. إضافة إلى ذلك، ساعد الموساد أيضاً قواته في شراء تجهيزات الرؤية الليلية وبنادق القنص. ووفقا للتقرير، ثمة مفارقة تاريخية في الروابط الخاصة بين حفتر و"إسرائيل"، وذلك أنه خدم في الجيش الليبي تحت زعامة القذافي وشارك في الانقلاب الذي مكن ذلك المستبد من الوصول إلى السلطة في عام 1969. في عام 1973، وكضابط شاب، كان حفتر عضواً في القوة الليبية التي ساندت مصر في حرب أكتوبر، إلا أن اللواء الليبي وطياريه الذين كانوا متواجدين في مصر لم يشاركوا في أي من المعارك.