توقعوا حدوث مهزلة.. خبراء يؤكدون صعوبة إجراء الانتخابات الليبية

- ‎فيعربي ودولي

تسود حالة من الترقب في الأوساط الليبية مع تصاعد المخاوف من اختلالات أمنية محتملة حال خروج بعض المرشحين من السباق الانتخابي، فضلا عن تصاعد الحراك السياسي والاحتجاجي الرافض لإجراء الانتخابات في غياب القاعدة الدستورية، وذلك دون وجود ضمانات قانونية تحصن من الطعن في نتائجها.

وقد ازدادت التخوفات من قدرة الجهاز الأمني على تأمين العملية الانتخابية خلال الأيام الماضية، وعكستها تصريحات وزير الداخلية في حكومة الوحدة خالد مازن، حيث أكد أن اتساع رقعة الخروقات الأمنية يهدد سلامة الانتخابات وإجرائها على النحو الآمن، كما تزداد الضغوط على المفوضية العليا للانتخابات في ظل استمرار الاحتجاجات ضد عملها، والتي وصلت حد اعتصام متظاهرين بمحيط مقرها في العاصمة طرابلس.

من جانبه أطلق المجلس الأعلى للدولة مبادرة جديدة تستهدف التوافق مع البرلمان بشأن موعد الانتخابات، وقال نائب رئيس المجلس إن “المبادرة تحاول إنقاذ العملية الانتخابية عبر فتح حوار محلي ودولي بشأنها”.

في سياق آخر أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش تعيين الأمريكية ستيفاني وليامز مستشارة خاصة له بشأن ليبيا، وأسند إليها مهمة دعم إجراء الانتخابات، وجاء في بيان صادر عن مكتب الناطق الرسمي لجوتيرش، أن وليامز ستقود مساعى للوساطة والتواصل مع الأطراف الليبية المعنية والدولية لمتابعة تنفيذ مسارات الحوار الليبي.    

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي سجالا محتدما بين الوسوم بشأن تأييد مرشحين ورفض واقع الانتخابات بين الفرقاء الليبيين، وإن كان الحذر من مصيرها هو ما يطبع موقف كثير من الآراء لاسيما مع استمرار الخروقات الأمنية.

ونشرت قناة التناصح على يوتيوب مقطع فيديو يظهر دخول محتجين لمحيط المفوضية العليا للانتخابات في طرابلس، ضمن الحراك الاحتجاجي المتواصل ضد إجرائها في غياب القاعدة الدستورية .

الخروقات الأمنية التي تعرضت لها المفوضية ومكاتبها تعد نذير خطر في رأي كثير من التفاعلات، ومن ذلك يغرد حساب الكاتب فاضل الأمين قائلا “عمليات الاحتلال أو تهديد أو ابتزاز المفوضية المختصة بالعملية الانتخابية تعتبر أعمالا إجرامية ولا تمت لحرية الرأي والتعبير بصلة، عرقلة الانتخابات التي سجل من أجلها 2.8 مليون مواطن ليبي واستلم 2.4 مليون منهم بطاقاتهم هي محاولة لمصادرة الحقوق، لا تريد أن تنتخب، يمكنك المقاطعة فقط.

لكن التشبث بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها في ظل هذا الاختلال الأمني والقانوني، يمثل في المقابل نذير شؤم لكثير من النشطاء بشأن النتائج المتوقعة منها وغرد حساب محمد الهنقاري قائلا “الانتخابات البرلمانية مع الرئاسية بنظام القائمة، هذا الحل مفصل لاقتسام السلطة بين العصابات السياسية المتصارعة لعدم الثقة بينهم ، وهذا الاقتراح لا يأتي بالخير للشعب”.

الحديث عن اختلال بيئة الانتخابات اعتبره البعض انعكاسا جديدا لتداخلات خارجية في دعم المرشحين، وهو ما دفع عضو مجلس النواب جلال الشويهدي إلى اتهام روسيا بالتدخل في المشهد السياسي في ليبيا.

من جانبه علق الكاتب الصحفي عبدالحكيم معتوق على اختيار الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز مستشارة لسكرتير العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا قائلا “ستعمل ستيفاني وليامز خلال الفترة القادمة على إنجاز مخرجان جينيف في نسختها الثانية والأخيرة تأجيل الانتخابات تشكيل حكومة مصغرة متابعة على 5+5 إلى حين إتمام مهامها وإخراج المرتزقة والاستفتاء على الدستور انتخابات برلمانية ثم رئاسية.

وقال عاشور الشامس، الكاتب والمحلل السياسي الليبي، إن “المفاجآت ممكنة بشأن قائمة المرشحين للانتخابات، فلا توجد خارطة طريق للانتخابات كما أن الفترة الزمنية قصيرة جدا والمفوضية العليا في حيص بيص، وهناك الكثير من المراكز التي ترفض إجراء الانتخابات ومن المتوقع حدوث مهزلة في هذه الانتخابات، ولن تفضي إلى أي نتائج.  

وأضاف الشامس في حواره مع برنامج قصة اليوم على قناة مكملين، أن المجتمع الدولي لازال متأرجحا بين الأطراف الليبية، مضيفا أنه لا توجد أي مقومات لإجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا، فلا توجد مؤسسة رئاسية وليس هناك استعدادات لاستقبال رئيس يقوم بمهمته على ما يرام.

وأوضح أنه لابد من إلغاء الانتخابات الرئاسية والتركيز على إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها، وهذه قد تفرز مجلسا تشريعيا يستطيع حل الأزمة السياسية في ليبيا، مؤكدا أن الانتخابات سوف تؤدي إلى انتخاب ديكتاتور على غرار ما حصل في تونس.        

بدوره قال الدكتور محمد فؤاد، الباحث المختص بالشأن الليبي، إنه “بات واضحا أنه لن تكون هناك انتخابات رئاسية يوم 24 ديسمبر رغم عدم الإعلان الرسمي عن ذلك، مضيفا أن تعيين ستيفاني وليامز من قبل جوتيرش يعد إشارة واضحة لهذا الأمر، وهذا كان متوقعا منذ بدء الطعون الانتخابية”.

وأضاف فؤاد في مداخلة عبر برنامج قصة اليوم على قناة مكملين، أن ترشح شخصيات تستطيع المنافسة في الانتخابات الرئاسية لن يسمح بإجراء هذه الانتخابات، لأن البعض أراد انتخابات مفصلة على مقاسه من خلال سن قانون بشروط معينة لكي يسمح لشخص أو اثنين بالترشح في هذه الانتخابات، وما حدث من ترشح عدة شخصيات أهمها رئيس الحكومة الحالية جعل الطرف الذي أصدر هذه القوانين يدرك أنه لن يفوز بهذه الانتخابات، وبالتالي ترى هذه الأطراف أن حظوظها أصبحت معدومة وستسعى إلى عرقلة إجراء الانتخابات.

وأوضح أن كل الأطراف تحاول إلقاء اللوم على الطرف الآخر، مضيفا أن المجتمع الدولي يميل إلى قبول جميع المرشحين على الرغم من أن معظم الدول الغربية لا تريد إجراء الانتخابات الرئاسية على عكس ما يتم إعلانه، مؤكدا أن هذه الانتخابات معيبة ولا يمكن أن تُجرى وكل الأطراف وخصوصا التي كانت تتغنى طيلة المدة الماضية عن أحقية الليبيين في اختيار رئيسهم، باتت تبحث عن المخرج المناسب لرفض هذه الانتخابات.

وأشار إلى أن من صاغ قانون الانتخابات كان يريد إفشال كل العملية، وليس مجرد الانتخابات الرئاسية، مضيفا أن الأطراف الموجودة في السلطة ممثلة في مجلس النواب ومجلس الدولة لا يريدون إجراء الانتخابات، لأنها ستؤدي إلى خروجهم من المشهد ولذلك هم يحاولون عرقلة هذه الانتخابات بطريقة ناعمة من خلال سن قوانين وإطلاق مبادرات ظاهرها الذهاب نحو الانتخابات وباطنها عرقلة عملية الانتخابات.