أوراق جديدة من “وثائق باندورا” تفضح تورط قادة الإمارات في غسيل الأموال والدعارة

- ‎فيعربي ودولي

أظهرت أوراق جديدة من "وثائق باندورا" التي أصدرها الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية 6 ديسمبر الجاري  أن قادة الإمارات محمد بن راشد، وطحنون بن زايد، وهزاع بن زايد، جميعهم متورطون في غسيل الأموال ودعم أنشطة دعارة.

الوثائق الجديدة تشير إلى أكثر من 740.000 اسم من الأشخاص والشركات ممن يتسترون وراء هياكل سرية في الخارج، والملاك الحقيقيين للشركات والمؤسسات والصناديق الائتمانية المسجلة في الخارج.

أوضحت أن من يقودون الإمارات متورطون في عمليات غسيل أموال، ودبي أصبحت أيقونة للاقتصاد العالمي، لأن الإمارات باتت حلقة وصل لغسيل الأموال وتهريب الذهب، وأنشطة أخرى، وأنها دولة قائمة على الدعارة وغسيل الأموال.

بيانات أوراق باندورا تستند لبيانات أكثر من 11.9 مليون شخص وشركة من 14 مقدم خدمة خارجي مختلف وتكشفت الأسرار الخارجية للنخب الثرية من أكثر من 200 دولة وإقليم ممن يستخدمون ملاذات مالية سرية لشراء وبيع الممتلكات، وإخفاء الأصول بعيدا عن السلطات الضريبية والقضائية.

واستخدام الهياكل الخارجية لتجنب دفع الضرائب أو غسل الأموال أو تسهيل أنواع أخرى من الأنشطة غير القانونية.

وتكشف أوراق باندورا عن المقتنيات السرية لأكثر من 330 سياسيا و130 مليارديرا، فضلا عن المشاهير وأفراد العائلة المالكة، كما سلطت الملفات الضوء على التعاملات المالية للمحتالين وتجار المخدرات وقادة الطوائف الهاربين والمسؤولين الرياضيين الفاسدين.

 

مقر لغسيل الأموال

تروج الإمارات العربية المتحدة لصورتها بأنها المركز المالي العالمي والحليف الذي لا غنى عنه للغرب، لكنها في نفس الوقت تحولت إلى ملاذ سري وباب مفتوح لعمليات غسل الأموال، تهريب الذهب، وجرائم أخرى، بحسب الوثائق التي رصدها موقع "درج".

تكشف وثائق باندورا وهي مجموعة من الوثائق السرية التي حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) أن المالكين الحقيقيين للعديد من الشركات في الإمارات هم مجموعة من  المشبوهين في عالم الـ "أوف شور" أو ما وراء الحدود.

تقول الوثائق إن "الإمارات العربية المتحدة هي مقر السرية المالية فهنا يتم منح شركات وهمية حجاب من السرية حول هويات المستفيدين الحقيقيين، عشرات من مناطق التجارة الحرة والتي تمنح مزيدا من الظلال من السرية ليختفوا بينها، بالإضافة إلى نظام رقابة يُطلق عليه المدافعون عن الشفافية نظام "لا أسئلة لا ضرر" في التعامل مع كل ما علاقة له بالأموال المرتبطة بالتجارات الغير مشروعه مثل تهريب الذهب وتجارة السلاح وغيرها.

ولكل من الأسر الستة الحاكمة للأمارات وأعضائها نصيب في البيزنس والتجارة بشكل من الأشكال مثل أن يكونوا مالكي العقارات والمكاتب، أو مالكي شركات كبرى وصناديق سيادية أو أن يكونوا شركاء لديهم نصيب من الإيرادات الخاصة بشركات غير مملوكه لهم او كمسؤولين في شركات مملوكه للدولة.

وحكام الإمارات السبعة هم من يختارون المسؤولين عن الأجهزة الرقابية على الأعمال الحرة والتي من خلالها يحصلون على منافع.

 

شيوخ الأوف شور

من بين 11.9 مليون وثيقة من أوراق باندورا، هناك ما يقرب من 190 ألف ملف سري خاص بشركة تسمى "إس أف إم" لخدمات الشركات والتي مقرها في الإمارات، هذه الشركة تطلق على نفسها "المزود الأول في العالم لشركات الأوف شور

إس أف إم هي واحده من الآلاف الشركات التي تتواجد في الإمارات وتساعد الزبائن على إنشاء شركاتهم منها ما يصعب الاستدلال عليه ويملكها أناس يعيشون ويعملون خارج الإمارات.

هذه النوعية من الشركات هي جزء من شبكة كونية تُدار بواسطة المحامين والمحاسبين وغيرهم ممن يمكنون النظام المالي للأوف شور أو العابر للحدود على الاستمرار.

بعد مراجعة الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين للملفات الخاصة بالشركة إس أف إم وُجد ما لا يقل عن ٢٩٧٧ شركة تم إنشاؤها في الإمارات وسيشيل وجزر العذراء البريطانية وغيرها من الملاذات الضريبية الأخرى.

ولعدة سنوات كانت ال"إس إف إم" تعمل من مقرها القابع في البرج الفندقي "ذا إتش دبي" في ١ شارع الشيخ زايد وحسب بحث الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين فإن البرج مملوك للشيخ هزاع بن زايد المستشار السابق للأمن القومي وشقيق الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي والرئيس المستقبلي للأمارات.

أوراق باندورا تضمنت أيضا مئات من الملفات الإضافية الخاصة بالإمارات ذاتها منها على سبيل المثال وثائق من سيشيل ومن مناطق أخرى والتي تكشف عن أن ما لا يقل عن ٣٥ من أعضاء الأسر الحاكمة في الإمارات يمتلكون شركات سرية في ملاذات خارج الحدود.

من أسماء الأمراء ذوي العيار الثقيل الشيخ هزاع، وخليفته في الأمن القومي الشيخ طحنون بن زايد بالإضافة إلى رئيس الوزراء الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي.

 

حاكم دبي

وبالنسبة إلى حاكم دبي فقد كشفت المستندات على أنه يملك شركتين في جزر العذراء بالاشتراك مع فيصل البناي وهو مؤسس شركة اسمها "دارك ماتر" وهي شركة تعمل في الأمن السيبيري ومقرها في الإمارات وسبق أن اتُهمت بالتجسس على نشطاء حقوقيين وعلي مسؤولين حكوميين في عدة دول.

السجلات المسربة أيضا تكشف عن أن الشيخ طحنون بن زايد امتلك في جزر العذراء شركة عن طريق أسهم غير مسجلة، لضمان مستوٍ عالٍ من السرية، هذا النوع من الأسهم أصبح مرتبطا بالجرائم المالية ولذلك تم تحريمه في عدد كبير من الدول.

والشيخ طحنون تورط هذا العام في فضيحة سياسية أمريكية بطلها هو الملياردير الأمريكي توماس براك والذي كان مقربا من الرئيس السابق دونالد ترامب.

وحسب لائحة الاتهام الأمريكية فإن توماس براك تم استخدامه كعميل بشكل غير قانوني وقد قدم المساعدة لعدد من المسؤولين رفيعي المستوى في الإمارات حاولوا التأثير على السياسة الأمريكية لإدارة ترامب منهم مسؤول أُطلق عليه رقم ٢ في لائحة الاتهام الأمريكي ويعتقد بشكل كبير أن المسؤول هو الشيخ طحنون، وقد أنكر باراك الاتهامات.

 

مركز للجرائم المالية

المخاوف من دور الإمارات كمركز للجرائم المالية ليس بجديد، ولكنه موجود منذ عقود. في التسعينات، تورط بنك كريدت إند كموريس إنترناشونال والذي تملك فيه حكومة أبو ظبي والأمراء هناك أسهم الأغلبية فيه، في قضايا رشوة وغسيل أموال وتجارة الجنس وتمويل الإرهاب حتى إنه أُطلق عليه اسم "بنك المحتالين والمجرمين".

لكن دور الإمارات في النظام المالي الخفي كبر وتضخم خلال العشر سنوات الماضية ففي 2009 كان ترتيب دبي رقم 31 في قائمه الملاذات الأكبر في العالم وهو تصنيف حسب التسهيلات الممنوحة للحفاظ على السرية وهو الذي أطلقته مجموعة يطلق عليها شبكه العدالة الضريبية المناهضة للفساد لكن في 2020 قفزت الإمارات للمركز العاشر في التصنيف ذاته.

ما يميز الإمارات عن غيرها من الملاذات السرية هو علاقتها الوثيقة بالولايات المتحدة التي تعتبر الإمارات كحليف عسكري لا يمكن تجاوزه وحصن ضد الإرهاب في الشرق الأوسط.

بسبب هذا الدور الذي تلعبه الإمارات وأهميته للأمن القومي الأمريكي والمصالح الاقتصادية فإن الولايات المتحدة لا تضع ضغوطا على الإمارات كالتي تضعها على ملاذات أخرى مثل سويسرا أو جزر العذراء أو غيرها.

 

امتيازات الأمراء

للأمارات وجهان: وجه اقتصادي منفتح ووجه بوليسي ومثل أي من الملاذات الضريبية السرية، تمنح الإمارات الأشخاص طرقا لحماية الثروات والحفاظ علي معاملاتهم المالية بعيدا عن الأنظار.

فلا يوجد ضرائب على الشركات كما أن تزودهم بغطاء محكم من السرية لمالكي الشركات المسجلين لديها، وما يقوي من قبضة النظام وقدرته على الاستمرار بدون أي تحديات أو محاسبة خاصة فيما يتعلق بالأمراء هو السيطرة المحكمة على الإعلام وعلى المحاكم.

وتروج الإمارات لنفسها أنها مقر الاستقرار في الشرق الأوسط وأنها صاحبة الرؤية المستقبلة وأنها الحليف الأكبر للغرب في منطقة شديدة الخطورة واستضافت تصوير حرب النجوم وتبرعت للولايات المتحدة من أجل ضحايا الفيضانات، كما أنها قامت بشراء السلاح الأمريكي الصنع وأرسلت طائراتها المقاتلة إف ١٦ لمسانده القوات الأمريكية في أفغانستان.

ولكن يقوم العديد من الشيوخ في الإمارات بفتح الأبواب ورعاية البيزنس في مقابل مالي يقدر بحوالي ٢٥ في المائة من الإيرادات حسب ما يقول عشرة من المستشارين السابقين للأمراء منهم اثنان من المسؤولين السابقين وواحد من المستثمرين الذين عملوا بشكل وثيق مع أحد الشيوخ.

والشيوخ المؤثرين يقومون بإدارة أعمالهم من خلال ما يطلق عليه المكاتب الخاصة والتي توفر خدمات إلى رجال الأعمال والأجانب الأثرياء، تلك المكاتب تساعد في فتح حسابات بنكيه وفتح الطريق أمام المستثمرين للوصول إلى قيادات البنوك الذين بدورهم يساهمون في إعطاء الضوء الأخضر لمنح خطوط ائتمانية مثل ما يقول أحد المستشارين السابقين لأحد الشيوخ.

وفي فيديو نُشر على الصفحة الرسمية للمكتب الخاص للشيخ سعيد بن أحمد المكتوم وهو عضو من الأسرة الحاكمة في دبي قال مدير العمليات إن "العملاء يقصدون مكتبه لما يقدمه المكتب من وساطات واسم العائلة التي يمثلها".

 فيما قال محامي شركات في الإمارات في مقابلة أخرى إن "العنوان المرتبط بشيخ من الشيوخ هو أمر هام بالنسبة للعميل لأنه يوفر حماية".

كما كشفت أوراق باندورا على أن الشيخ خالد، وهو ابن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرجل القوي في الإمارات، شريك في شركة أوف شور مع اثنين من الملياردارات أحدهم اسمه "أون بنج سنج" في سنغافورا والثاني علي سعيد جمعة البواردي في الإمارات.

والشيخ خالد وهو مسؤول الأمن القومي في الإمارات مالك لشركة اسمها جزيرة ديسروتشه المحدودة في إشارة إلى جزيرة في سيشل، وتلك الشركة تملك أسهما في شركة تحمل اسم مشابه هو جزيرة ديسروتشه القابضة مع كل من أونج والبواردي.

 

غسيل الأموال بالذهب

وأحد أهم مقومات الاقتصاد وأيضا غسيل الأموال في الإمارات هو الذهب وقد اتجهت دبي إلى تجارة الذهب عندما بدأت الاحتياطات النفطية في النضوب، والآن الإمارات تعتبر من أكبر خمس دول في العالم استيرادا للذهب حيث إنها استوردت ما يقدر ب ٣٧ مليار دولار في عام ٢٠٢٠ حسب تقديرات الأمم المتحدة كما بلغت صادراتها حوالي ٢٩ مليار دولار في نفس العام.

وفي تحليل بخبراء في عام ٢٠١٦ كشف عن أن ما لا يقل عن نصف تلك الكمية الداخلة إلى الإمارات فإن مصدرها هو دول متفشي فيها النزاعات والمليشيات والتي تنتزع الأموال من المنقبين عن الذهب ويستخدمون تلك الأموال في تمويل الحروب في انتهاكات حقوق الإنسان.

والذهب القادم من دول مثل الكونجو الديمقراطي يتم تهريبه عبر دول مجاورة ومنها إلى المطارات وفي طائرات إلى دبي حيث يقوم التجار والعاملون في معامل تكرير الذهب بتغيير بند النشاءة قبل إعاده تصديره مرة أخرى إلى أوروبا والولايات المتحدة.

وحسب ما جاء في تقرير لمعهد كارنجي العام الماضي "دبي هي مكان لغسيل الذهب الذي يتم تنقيبه يدويا ، خاصة من مناطق النزاعات في شرق ووسط أفريقيا والممارسات السرية والثغرات الرقابية تسمح بغسل الذهب للدخول إلى الأسواق العالمية بكميات كبيرة جدا".