اشتعل التوتر مرة أخرى بين سلطات الانقلاب وحركة المقاومة الإسلامية حماس، بسبب التقدم البطيء في الهدنة مع دولة الاحتلال، وتتهم حماس نظام السيسي بالمماطلة والتأخير في تنفيذ تفاهمات الهدنة، التي تم التوصل إليها مع الفصائل الفلسطينية بعد المعركة الأخيرة في مايو الماضي.
وبحسب تقرير نشره موقع "المونينتور"، فإن المطالب الوحيدة التي تمت تلبيتها، هي السماح بدخول المنحة النقدية القطرية والدخول التدريجي للبضائع عن طريق معبر كرم أبو سالم وبوابة صلاح الدين جنوب قطاع غزة.
وتحدث مصدر قيادي في حماس لقناة الجزيرة يوم 6 ديسمبر بشرط عدم الإفصاح عن هويته، قائلا إن "تصرف مصر هو تخلي عن التزامها، ولن نسمح باستمرار الحالة الراهنة، وسوف تثبت المرحلة التالية مصداقيتنا".
وأعرب المصدر عن استياء حماس الشديد إزاء تردد سلطات الانقلاب في الوفاء بوعودها تجاه غزة، مشيرا إلى أن قيادة حماس السياسية والعسكرية تدرس خيارات التصعيد مع دولة الاحتلال .
وعلى الرغم من مرور الأيام، لا تزال القاهرة صامتة، أما وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، فقد أوضح في 7 ديسمبر أن الكيان الصهيوني يريد وقف الحشد العسكري لحماس، وتحقيق تهدئة طويلة الأمد، وضمان عودة الجنود الأسرى والمفقودين، ودعا حماس إلى معالجة هذه المسائل.
وتأتي عودة التوتر بين الجانبين بعد سنوات قليلة من التحسن، قدمت خلالها سلطات الانقلاب لقطاع غزة بعض التسهيلات الاقتصادية، وسهلت حركة الفلسطينيين عبر معبر رفح، بيد أن هذه الجهود لم تكن كافية بالنسبة إلى حماس.
وقال مسؤول في حماس لـ"المونيتور"، شريطة عدم ذكر اسمه، إن "القاهرة تقف إلى جانب الاحتلال، وتستخدم شروط المعاهدة كورقة رابحة ضد حماس، فهي تريد أن تدفع الحركة إلى تقديم بعض التنازلات في ما يتصل بتبادل السجناء".
وأضاف المسؤول أن القاهرة منعت حتى وفد قيادة حماس، برئاسة زعيم حماس في غزة يحيى السنوار، من السفر عبر معبر رفح في منتصف نوفمبر، في جولة كان من المقرر أن تشمل القاهرة وتركيا وقطر وإيران.
حماس تدرس التصعيد
وأشار إلى أن لدى حماس معلومات موثوقة، وردت من مصادر رفض ذكر اسمها، بأن الموقف المصري أكثر صرامة من موقف إسرائيل بشأن العديد من القضايا، لا سيما فيما يتعلق بإعادة الإعمار والمرافق الاقتصادية وتبادل الأسرى، فالقاهرة تريد منع حماس من تسجيل أي إنجازات بعد المعركة الأخيرة مع إسرائيل، حتى لا تزيد شعبيتها في الشارع الفلسطيني، في ضوء الوضع الهش للسلطة الفلسطينية وحركة فتح.
وأكد المسؤول أن حماس تفكر في تصعيد خطير مع الكيان الصهيوني، وأنه سيتم عقد اجتماع للفصائل الفلسطينية قريبا للموافقة على تصعيد ميداني تدريجي، وقال المصدر "سيبدأ هذا مع إطلاق بالونات حارقة باتجاه جنوب دولة الاحتلال في بداية الأسبوع المقبل، حتى نهاية ديسمبر الحالي، وهو الموعد النهائي الذي منحته حماس للقاهرة لتنفيذ التفاهمات بالكامل ودون أي تأخير".
وكان وفد حماس الذي زار مصر في مطلع أكتوبر وعقد لقاءات عدة مع مسؤولين في الاستخبارات المصرية، قد وصف المحادثات في ذلك الوقت بأنها إيجابية، وذكرت القيادة أن القاهرة وعدت بتخفيف الحركة عبر معبر رفح، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والبدء بإعادة الإعمار، وبعد شهرين، لم يرَ سكان غزة أي إجراءات ملموسة بعد.
وفي الوقت نفسه، تتدهور الأوضاع المعيشية في غزة، حيث يضغط الشارع الفلسطيني على قيادة حماس، للتخفيف من أثر الحصار الإسرائيلي.
في 7 ديسمبر، وصفت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باتشيليت، الوضع الإنساني في قطاع غزة بأنه كارثي، وأشارت إلى أن سكان غزة لا يزالون يعانون من الحصار البري والبحري والجوي الذي تفرضه دولة الاحتلال منذ 15 عاما، حيث تتداعى البنية التحتية الحيوية ويتدهور نظام الصرف الصحي.
وصل وزير الخارجية الصهيوني يائير لبيد إلى القاهرة للاجتماع مع وزير خارجية الانقلاب سامح شكري، لبحث القضية الفلسطينية والوضع في قطاع غزة وملف تبادل السجناء مع حماس.
وتأتي زيارة لابيد إلى القاهرة في أعقاب زيارة لم تتم لرئيس المخابرات المصرية عباس كامل إلى تل أبيب، وكان من المفترض أن تركز الزيارة والتي كان من المقرر أن تتم في نهاية نوفمبر، على تعزيز وقف إطلاق النار ومناقشة صفقة تبادل الأسرى بين الاحتلال وحماس، والجدير بالذكر أن حماس قدمت اقتراحا بالمضي قدما في صفقة تبادل الأسرى، ولكن دولة الاحتلال لم تستجب.
غضب من مصر
وقال المحلل السياسي والصحفي في صحيفة فلسطين في غزة، إياد القرة، لـ"مونيتور" إن "التوتر سيتصاعد على حدود قطاع غزة، في ظل غضب قيادة حماس من مصر".
وأضاف ، من غير المرجح أن تمنح حماس القاهرة أي مواعيد نهائية جديدة في جهود الوساطة التي تبذلها، حيث كانت الحركة قد منحت القاهرة حتى نهاية ديسمبر الماضي، كما كان متوقعا أن تقوم القاهرة والاحتلال بتقديم بعض التسهيلات خلال الأيام القادمة لتهدئة غضب قيادة حماس".
وقال تيسير محيسن، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الإسلامية بغزة، للمونيتور إن "حماس والفصائل الفلسطينية أعطت مصر السلطة التقديرية بشأن جهود الوساطة، ومع ذلك، شعرت هذه الفصائل بخيبة أمل من مصر، التي تحتكر العمل السياسي الدبلوماسي، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية في ضوء القرب الجغرافي وعوامل أخرى».
وأوضح محيسن أن حماس تعتقد أن القاهرة ودولة الاحتلال تماطلان، من أجل الحصول على تنازلات بشأن الهدنة طويلة الأمد وتبادل الأسرى، وخلص إلى أن القاهرة ستحاول ترويض غضب حماس في الأيام المقبلة، لأن الإدارة الأمريكية وإسرائيل وكذلك مصر، لا يريدون تجديد التوترات العسكرية على جبهة قطاع غزة في الوقت الراهن، في ظل انشغال الولايات المتحدة بإيران".
https://www.al-monitor.com/originals/2021/12/hamas-slams-egypt-botched-mediation-delayed-reconstruction